الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«روسيا 2018».. يضع المونديال «المقبل» في ورطة !

«روسيا 2018».. يضع المونديال «المقبل» في ورطة !
16 يوليو 2018 01:37
وليد فاروق (دبي) نجحت روسيا في استضافتها لكأس العالم 2018 أن تعلو بمكاسبها وتتخطى مجرد تحقيق أرباح اقتصادية بارزة، إلى تحقيق العديد من المكاسب الأخرى، سواء على الصعيد السياسي أو السياحي أو الثقافي أو الأمني، وكذلك تحسين صورة الدولة ككل بداية من رأس السلطة، ونهاية بالتأكيد على قدرات الشعب الروسي في استضافة الأحداث العالمية الكبرى، دون وقوع حادث واحد يعكر صفو المونديال، وفي نفس الوقت «صدرت» روسيا مشكلة كبرى لمنظمي النسخ المقبلة من المونديال، خاصة للدول التي قد تفتقد الكثير من المقومات التنظيمية والجغرافية، والتي ستكون في «مأزق» حقيقي نتيجة المقارنة المتوقعة. ولأن الجانب الاقتصادي هو الذي يجسد في البداية قيمة المكاسب والأرباح التي يمكن أن تحققها دولة تستضيف بطولة كبرى مثل كأس العالم، وذلك من خلال استعراض أرقام المصروفات والإيرادات والأرباح التي تحققت، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن استثماراً طويل الأمد مثل «المونديال» لا يمكن قياس أرباحه بمجرد نهاية مشوار البطولة، ذلك لأن البنية التحتية والمشروعات التي أقيمت من أجله وعمليات التأهيل والتطوير التي تمت للطرق والملاعب والمنشآت، هي بمثابة «استثمارات طويلة الأمد» عائدها لا يقاس بفترة زمنية قصيرة مثل تلك التي تقام فيها البطولة. وعلى صعيد الأرقام، فإن أغلب التقارير، تتوقع أن تصل مكاسب روسيا الصافية من البطولة إلى 11 مليار دولار، مع مصروفات تبلغ 13 مليار دولار، وإيرادات تصل إلى 24 مليار دولار، بالنسبة للاستثمارات، توقعت الحكومة الروسية أن تجذب استثمارات بـ 100 مليار دولار. وتضيف التصريحات الرسمية، ومن واقع ما صدر عن البنك المركزي من أرقام وإحصاءات، أن هذه المكاسب التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، بالإضافة إلى ما تحقق من إنجازات في مجال توسيع مساحات البنية التحتية، وعدد المنشآت الرياضية والطرق والمطارات الجديدة، وما جرى بناؤه من فنادق على مختلف مستوياتها ودرجاتها. ولم تقتصر مكاسب روسيا على النواحي المالية الاقتصادية - رغم أهميتها الكبرى باعتبارها قاطرة التنمية في أي دولة - لكنها تخطتها إلى مكاسب سياحية وترويجية، نظراً لما تملكه روسيا من معالم تاريخية، ومواقع جغرافية وثقافية، حيث من المنتظر أن تستفيد روسيا على المدى القصير والبعيد من استضافة هذا المونديال، بعدما تابع الملايين حول العالم روعة المناظر والمعالم في روسيا، التي حرصت على إقامة المباريات في 11 مدينة مختلفة متباعدة الأطراف، واستقطبت موسكو بمفردها حوالي 3 ملايين سائح خلال فترة المونديال قدموا للسياحة أو لتشجيع منتخبات بلادهم المشاركة في البطولة. ويعتقد المنظمون أن الملاعب الجديدة، والبنية التحتية، وأماكن الإقامة ستوفر إرثاً اقتصادياً دائماً، وستعزز البطولة، التي تقدر تكاليفها بـ12 مليار دولار، وستعزز حركة السياحة وتساعد الأندية الرياضية والمجتمعات المحلية. كما استفادت روسيا من تنظيم حدث رياضي على أعلى مستوى في العالم، من حيث إعداد كوادر تنظيمية وتدريب وتأهيل أعداد مهولة من المتطوعين والمتخصصين، أثبتوا قدرتهم على تنظيم المونديال وأي حدث رياضي أو ترفيهي مقبل، علماً أن إقامة المباريات جرت في 12 ملعباً منتشرة على مساحات مترامية الأطراف من روسيا، لكن هذا لم يمثل أي عائق سواء فيما يتعلق باستضافة المنتخبات أو جماهيرهم أو الترتيب لتنقلاتهم، أو تجهيز ملاعب التدريب ومقار الإقامة وغيرها من الأمور اللوجستية، بل إنه كان بمثابة دعاية سياحية وثقافية للتراث الفكري والثقافي لمقاطعات ومدن روسية المترامية المساحات والمتباينة الثقافات والأديان والأعراق، والتي أصبحت الشغل الشاغل ومحور أحاديث وإعجاب الكثير من شعوب العالم. وعلى الصعيد السياسي كانت المكاسب الروسية تفوق كل ما سبق، حيث كان الحضور السياسي لزعماء وكبار مسؤولين في العالم رسالة قوية وواضحة على قدرة روسيا على تحسين صورتها مع مختلف دول العالم، أو كما يرى مراقبون أن البطولة ساعدت على إنهاء المعتقدات السابقة وأظهرت أن روسيا بإمكانها تنظيم الأحداث الكبرى. فيما نجح الرئيس فلاديمير بوتين في الاستفادة من هذا الحدث العالمي لفرض بلاده على خريطة الرياضة العالمية، في نفس الوقت الذي استطاع فيه احتواء ما سجلته أجهزة قياس الرأي العام من تراجع طفيف في شعبيته، ولم يكد يستمر في منصبه أكثر من شهرين بعد فوز ساحق في الانتخابات الرئاسية الماضية بأغلبية تقدر بما يزيد على 76% من أصوات ناخبيه، تؤكد مشاهد الموقف الراهن في موسكو وكبريات المدن الروسية مدى النجاح الهائل الذي حققه بوتين لبلاده من وراء تنظيم بطولة العالم لكرة القدم، وما نجم عن ذلك من ارتفاع نسبة مناصريه ومؤيديه، على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء. وهو ما أكده بوتين بنفسه حينما عبر عن سعادته بتغيير صورة مغلوطة كانت في ذهن الكثيرين عن روسيا، وقال: «سعداء للغاية بأن زائرينا شاهدوا بأعينهم أن الخرافات والأفكار السابقة ليست صحيحة». كأس العالم ساعدت على دحض المعتقدات السلبية وتغير نظرة الجميع إلى روسيا نفس المفهوم أكد عليه أركادي دفوركوفيتش رئيس اللجنة المحلية المنظمة للمونديال الذي قال:«صورة روسيا الآن أصبحت أكثر قرباً للواقع في البلاد». وقال المنظمون إن تدفق مئات الآلاف من الجماهير الأجنبية لم يغير فقط من النظر إلى روسيا، ولكنه أدى إلى تحول الطريقة التي ترى بها البلاد نفسها. وقال أليكسي سوروكين الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة:«غيرت العديد من الأشياء. أظهرت أننا متفتحون، مضيافون، أشخاص تبتسم.. كانت رحلة اكتشاف للجميع». ودليل على النجاح الذي حققته هذه النسخة من المونديال اعتبر جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أن مونديال روسيا 2018، هو «أفضل كأس عالم على الإطلاق»، مقارنة بالنسخ العشرين السابقة. وأضاف إنفانتينو: «قبل أعوام قلت إن المونديال هذا سيكون الأفضل في التاريخ، ويمكنني أن أقولها اليوم بقناعة: هذه أفضل كأس عالم على الإطلاق». ولم يفوت بوتين الفرصة للتأكيد على المكانة المتميزة الذي فرضها المونديال لروسيا، حيث حرص على توجيه الشكر إلى (فيفا) ورئيسه على ثقتهم في قدرة روسيا على استضافة المونديال بنجاح، وقال «أتمنى أن نكون على قدر هذه الثقة». وأضاف: «شكراً لكم لثقتكم في روسيا كدولة وقدرتها على الالتزام بتعهداتها، واحترام شركائها والدفاع عن الروح الرائعة وقوانين الرياضة». وأمام كل هذه المكاسب بات من المتوقع أن تضع روسيا أي دولة ستقوم بتنظيم المونديال في النسخة المقبلة في موقف لا تحسد عليه، خاصة إذا كانت هذه الدول تفتقد الكثير من معايير «التاريخ والجغرافيا»، والتي لا يمكن مقارنتها، سواء بروسيا، أو في النسخة الماضية من المونديال التي استضافتها البرازيل عام 2014، مع الوضع في الاعتبار أن روسيا ذات قوميات وثقافات متعددة ومدن مقاطعات مترامية الأطراف، ومع ذلك حققت نجاحاً باهراً كدولة ذات كيان اتحادي واحد، وهو ما سيكون تحدياً في غاية الصعوبة أمام أي مستضيف مقبل، حتى لو كان معدل الصرف الموضوع أكبر مما تم إنفاقه في روسيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©