الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

لك حبي وفؤادي

16 يوليو 2018 01:26
بالأمس أطلقت روسيا في سمائها الفسيحة الشهب الاصطناعية، وأضاءت ساحاتها الفاتنة فوانيس الفرح، وامتزجت الدموع بالابتسامات والستارة تسدل على مونديال أبدعت بلاد القياصرة، في إخراجه بصورة رائعة ما خطرت ببال أحد، ورغم كل القلق الذي ساورنا، ورغم كل الوساوس التي غذتها في وسائل الإعلام أجندات سياسية، فإن روسيا نجحت ولأبعد الحدود في إهدائنا كأساً عالمية، لا مر علينا أروع ولا أجمل منها. روسيا التي انقبضت منها قلوب وتوجست، بدت وهي تحتفي بمن زاروها، جميلة وأنيقة ومضيافة، ولعلكم اطلعتم مثلي، على آلاف الانطباعات المسجلة على منصات التواصل الاجتماعي، والتي عبرت كلها عن البهجة والغبطة والسرور بما رأته العيون من فضاءات مفتوحة على الحب والجمال، بل إن الملايين الذين زاروا روسيا للاستمتاع بالمونديال، اكتشفوا كم هي خادعة وزائفة كل الأطروحات التي سيقت لثني الناس عن الذهاب لروسيا. دقة متناهية في التنظيم، ونجاح باهر في إخراج فصول العرس الكروي العالمي، حتى أننا لا نكاد نعثر لها على أي خطأ في التدبير والتقدير يقلل من الروعة والإتقان، في إخراج مشاهد كأس العالم التي ربحت بروسيا نقاطاً كثيرة في سباق الكونية التي تخوضه مع ما عداها من الأحداث التي تستقطب الملايين حول العالم، وأبداً لم يكن إنفانتينو رئيس «الفيفا» مجاملاً ولا مغالياً، عندما قال إن المونديال جعلنا نسقط في حب روسيا. وسأضيف على ذلك أن مونديال روسيا هيأ بكل الأجواء الرائعة التي وضعت فيها المنتخبات، أرضية خصبة لإبداع مزيد من الصور راقية عن العبقرية الكروية، فما شاهدناه في المباريات الأربع والستين، من افتتاحية روسيا والسعودية إلى النهائي الحالم بين فرنسا وكرواتيا، يبرز فعلاً التطور المدهش والمطرد الذي شهدته المنظومات الرياضية والتكتيكية على الصعد كافة، صحيح أننا لم نكن أمام فلسفة كروية قائمة بذاتها، جاءت لتحجب من سماء التكتيكات ما غطاها من خطط لردح من الزمن، إلا أننا كنا أمام تشكيلة من الرؤى الفنية المحينة والمتجددة، والتي تنبئ بقرب انبلاج فجر جديد على مستوى شاكلات اللعب، وكنا أيضاً أمام حقائق كشفت عن نفسها، حقائق ستكون من الآن فصاعداً الموجه الأول للاستراتيجيات المستقبلية. أولى هذه الحقائق، انتهاء عهد النجم المطلق، وثانية هذه الحقائق المستويات المتقدمة في تدبير الضغط، وثالثة الحقائق العودة إلى الدفاعات الخرسانية وسرعة التحول من النواحي الهجومية إلى النواحي الدفاعية، أما رابعة هذه الحقائق وأهمها، فهي أن كرة القدم تتسامى بقيمها الإنسانية، فجعلتنا نرى في روسيا الوجه الجميل الذي تخفيه أوجه القبح المصطنعة لها، وكل كأس عالمية ونحن مخلصون في حبنا لكرة القدم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©