الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملامحٌ سيئة الصيت

ملامحٌ سيئة الصيت
27 يناير 2010 21:12
وديع شامخ * يد في الغرفة المشبّعة بثاني أكسيد الكربون، والنوافذ مقفلة على أبوابها.. تتشظى اليد لتعبثَ بخصلات الشعر المنهوك أمام رأس مستباح تتلوى كأفعى درداء خارجة من شرنقة الحواة في قيء سفاهة حناجرهم. ثاني أكسيد النايات، يرسم على الأنفاس َسورَة.. يلوّح للأبواب.. ويغمز للنوافذ.. واليد كعادتها تقبض على ما ترمّد من فسائل الجسد.. أنف مالح وعيونه مدفونة بدموع ملساء، الموقد في الغرفة التي لا باب لها ولا ندماء، يتحسس اللصوص ويشرب على مقامة الغياب كأسا مترعة بالزبَد.. لا يستجير بأحد.. يطوف عاريا والمكائد تنزّ من خاصرتيه انه وحيد، كما جرت العادة... أن يتسلق اللبلاب نواصي الشرفات دون خطى.. أذن في المساء تماما، وقبل ان يتشمع كبد النار.. أطفأت الأذن جذوة خلوتها، واستعارت من القرود خفتها، ومن الغزلان دموعها، ومن الصقور شهوة الانقضاض... الغربان توصوص على جثث الغرفة... والأذن تسدّ بخواتم الشمع.. استغاثة الناجي من أكسيد الرطانة. عين تترقرق على مشارف الدخان.. والنار على مبعَدة طرفٍ، لا عصا تهش بها الجمر، لا جفون تغلق أبوابها وتفتح النوافذ، منحنيّة.. منكسرة، لكن الرمال دائما تجد في صبواتها وسائد آمنة والرعاة يتصيدون بشهواتها، غزلان السرّ لسان في الغرفة ذاتها.. المبللّة بماء الشبهات يتدلى لُيرتق باللعاب فوهة النزوة.. النزوة التي تنبعث من ثنايا المطارق.. الداخلون مع الأكسجين.. مشعلو المواقد التي لا تترمّد نافخو الشواء على مجسات اللسان.. اللسان الأخرس إلا من الرنين فم بوابة البوق.. نافخ الكير حافظ أسرار الجسد المسجى على المواقد المُلبّدة بأكسيد الغياب.. مثلُ قرنٍ غبي ُيكلِلُّ رأس تنين مُحنط مثل رأس يترهل من اللغو.. مثل وسادة رخوة.. يندلق على الغرفة المبللّة بالكلام المباح كلام الذين ناموا في الغرف المختومة بأكاسيد المواقد. * كاتب عراقي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©