الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الساخرون

الساخرون
3 فبراير 2008 00:23
نيولوجيزم النيولوجيزم أو اللغة الجديدة ظاهرة ضايقت الآباء والمعلمين على مدار التاريخ، وفي كل مرة تنتصر لتولد مصطلحات جديدة تمامًا، ثم يصير مستعملو هذه اللغة الجديدة آباء ومعلمين يصيبهم الجنون عندما يستعمل أبناؤهم لغة جديدة! في مراهقتي ظهرت في العامية المصرية لفظتان هما (سكّة) - بفتح السين - ومعناها (الشيء الرديء عديم القيمة) و (ماشي) ومعناها يشبه دث ·· وهما كلمتان معقولتان جدًا لكن أبي كان يوشك على الإصابة بالفالج كلما استعملتهما، وقد قال لي ذات مرة: ـ ''هنا بيت محترم فإذا أردت استعمال لغتك هذه فلتذهب لبيت آخر!''· لم تكن مدام (عفيفي) تعرف شيئًا من هذا عندما ذهبت للمكتبة المجاورة لدارها وهي شبه منهارة لأن ابنيها المراهقين يتحدثان بلغة هي مزيج من السنسكريتية والفنلندية· وقد فهم الرجل الخبير مشكلتها على الفور وأعطاها قاموسًا صغيرًا كتبه أحد الشباب اسمه (قاموس روش طحن)·· وقد تصفحت المرأة صفحاته فأصابها الهلع ·· لشد ما تغيرت لغة الشباب وصارت لهم مصطلحات خاصة بهم لا يمكن فهمها· استيقظ ابنها الأكبر طالب الثانوي من النوم فقال لها: ـ ''أنا زهقت من الانتخة العوق دي··· فين الاصطباحة؟''· تصفحت القاموس بسرعة فكادت ترى شريط ترجمة يرتسم على صدره كتب عليه: ''لقد سئمت هذا الجلوس الممل في البيت·· أين الإفطار؟''· أعدت له الإفطار مسرعة فظهر أخوه طالب الجامعة، وراح يأكل وهو يقول له: ''الواد شريف حلق لي امبارح·· الواد ده شحناف وبونتي''· فقال أخوه في لا مبالاة: ''كله في الأمبلايظ·· أدي له سلك يا مان··''· أمبلايظ؟ أية كارثة؟ راحت تتصفح القاموس بسرعة حتى فهمت ما يُقال·· الأول يقول لأخيه إن الولد شريف مدع ولا يفهم شيئًا وقد عامله بوقاحة وتجاهله أمس·· فيرد الأخ أنه لا شيء يهم·· يمكنهما تسوية الأمر بمكالمة هاتفية· انتهى الغداء فنهض الابن الأكبر ليسألها: ''إيه النظام·· أبجيني يا ماما'' بمراجعة القاموس عرفت أنه يسألها عن نقود لأنه سيخرج· وكان القاموس يحتم أن ترد عليه بـ (النظام ستسم)·· أي أنها لن تعطيه مليمًا· بدأت تتعلم هذه المصطلحات ووجدت أن اللعبة مسلية خاصة أنهما يتكلمان غير عالمين أنها تتابع ما يقولان· كانت جالسة مع الأب على مائدة الغداء، عندما سمعت أحد الولدين يتكلم من غرفة النوم: ـ ''انت قاطع وِدْنَكْ وراميها في حجري!''· فيرد الآخر: ـ ''وانت معاك فار مولع!''· لم يفهم الأب حرفاً مما قالاه، وبدا عليه الرعب، فقالت له في هدوء وهي تتصفح القاموس: ـ ''الأول يتهم الآخر بأنه يتنصت على كل شيء يقوله، بينما الآخر يتهمه بأنه يدخن لفافة تبغ·· الفأر المولع معناه لفافة تبغ''· ابتسم الأب وقد استراح لأنه فهم، ثم استوعب معنى هذا الكلام واحتقن وجهه·· لفافة تبغ في البيت! ما كان يتوقع هذا··· ابنه طالب الجامعة يدخن إذن! قام بالإجراء التربوي العتيد بأن نزع ''شبشبه'' وحمله في يده، وتواثب نحو غرفة نوم الولدين ليعيد العدالة إلى مجراها، وفتح الباب بقوة· هنا رأى أول ما رأى فأرًا مشتعلاً يجري فوق الفراش ليتوارى تحته، ثم رأى أذنًا مقطوعة على الأرض! في المستشفى رقد الولدان في الفراش غارقين في الضمادات، وقال أكبرهما للأب والأم: ـ ''لقد شرحنا لكما الموقف بدقة لغوية تامة لكنكما لم تفهما!''· قالت الأم: ـ ''مشكلة النيولوجيزم أنك تفترض أن كل كلمة لها معنى آخر بعيد، وهو ما يعني أننا في مأزق حقيقي!''· سوف يستمر هذا المأزق لسنوات عديدة، إلى أن تولد كلمات جديدة، وتصير كلمة (أمبلايظ) كلمة عتيقة جدًا بالنسبة لشباب الغد، ولربما حسبها بعضهم قادمة من معلقات امرؤ القيس أو عنترة بن شداد··· عندها سوف يفهم الولدان ما نشعر به الآن!· بشرى سارة للسيدات كبسة برياني بكبسة زر! خمسون ضعف راتبي على الأقل، كان هو حجم القرض الذي أسعى للحصول عليه هذه الأيام من أجل التقاعد مبكرا والتفرغ لتمويل اختراعي الذي سيغير حياتي وسيغير حياة الكثير من السيدات والسادة العزاب على حد سواء، بعد أن فكرت في تصميم شبيه ثوري بجهاز الميكروويف المنزلي مع فارق بسيط في أزراره المعجزة، فكبسة زر تقوم بتحضير كبسة البرياني وكبسة أخرى تقوم بتحضير صيادية السمك وكبسة ثالثة تقوم بتحضير طاجن الدجاج المغربي في ثوان معدودة، وهكذا· وأعترف أن الفضل الذي دفعني لفكرة هذا الاختراع الهائل هو نعمة الكسل مضافا إليه كراهية أكل المطاعم شئت أم أبيت نظرا لظروفي الصحية التي تتطلب تحضير طعام من نوعية خاصة لا تحتوي لا الملح ولا الدهون، وهو الأمر الذي حوّل موعد تناول وجبة طعامي لكابوس حقيقي ثلاث مرات في اليوم، وكم كانت سعادتي غامرة ولا يمكن أن تصفها الكلمات عندما قرأت مؤخرا دراسة تقول إن أفضل الاختراعات في تاريخ البشرية المعاصر، ولدت بفضل الكسل ونشدان الراحة، وعلى رأسها طبعا الطائرة والسيارة والغسالة والمكنسة الكهربائية والكومبيوتر· وإذا سمحتم لي بأن آخذكم في جولة سريعة لابتكاراتي الأخرى في المستقبل الذي سيكون خياليا تماما بالنسبة لعالمكم اليوم، فسأعرض مجموعة من الاختراعات ليس أغربها ''راديو يشتغل على الغبار'' على رأي الكوميديان الكويتي الفنان عبد الحسين عبد الرضا، فأبرز أجهزتي للمستقبل ستكون جهاز التحكم الخاص بلف المنزل للناحية الأخرى باتجاه الشمس، وجهاز إعادة تدوير المخلفات المنزلية، وكاميرا تحديد المنظر للعميان، وقاموس الترجمان الآلي للغة القطط والكلاب، والنظارة الشمسية للسفر في الفضاء، وحقيبة حفظ إكسسوارات سائق سيارة السيدات الآلي، والكريم الرجالي لحلاقة الذقن خلال النوم· في حركة ''نص كم'' فاجأت إحدى زميلاتي فقلت لها: ''ما رأيك في جهاز تحضير الكبسة بكبسة زر'' ففاجأتني قائلة: ''وينه''!؟ فقد صدقت الأمر تماما، ومنذ تلك اللحظة زاد إصراري للعمل على الانتهاء من تصميم وتنفيذ الجهاز وتسويقه تجاريا بأسرع وقت كي أكسب قبل ملايين الدراهم، قلوب بنات حواء بسرعة البرق·! افتراءات لا تخلو من مبالغة لهذه الأسباب يفضل الرجل وظيفته على زوجته نسرين درزي جرت العادة أن تتحمل المرأة من زوجها كل هفواته، وأن تسمع منه ما لا يعجبها وتسكت على مضض كي لا تخرب بيتها· ولعلم الزوج ألا مفر له من زوجته، يلجأ الى إفراغ غضبه في وجهها، ومن ورائها يتحجج ألا قدرة له على ''زعلها'' واصفا إياها بـ ''وزارة الداخلية''· أما الزوجة المغلوبة على أمرها فتعرف ضمنا أنها مهما اعترضت على تصرفه هذا أو كلامه ذاك، فهي في النهاية سترضخ لآرائه· ومع كل الاستسلام الذي تعيشه مكرهة، لا تنجو من افتراءات الزوج وسخريته وهي غالبا المحور الرئيسي لنكاته· من باب المزاح المراد به الجد أو العكس، اخترنا لكم بعضا مما يدور في بال الزوج اذا ما خير بين زوجته والوظيفة، وما يسرده من أسباب تجعله يفضل باب رزقه عن تلك المرأة التي تنتظره داخل باب البيت، مع التأكيد أن ما يقال ليس حقيقياً بالضرورة· أولا: الوظيفة هل التي تصرف عليه، أما زوجته فهو الذي يصرف عليها دم قلبه! ثانيا: أثناء الدوام يمكنه أن يصرخ كما يهوى، وصراخه يأتي بنتيجة· أما في البيت فمن الصعب أن يصرخ وحتى لو فعل فحتما بلا نتيجة! ثالثا: يمكنه أن ينسل من موقع العمل في أي وقت من دون أن يلاحظ أحد· أما أن ''يزوغ'' من زوجته، فهيهات! رابعا: من السهل أن يرضي مديره بمجرد العمل بنشاط· أما زوجته، فمن المستحيل إرضاؤها حتى لو نحت لها في الصخر! خامسا: من حقه أن يحصل على إجازة من عمله سواء عارضة أو مرضية أو دورية، هذا عدا أيام الجمعة والعطل الرسمية والأعياد· أما زوجته فلا بد أن يلازمها خلال عطلته وإلا حولتها له ''ند في نكد''· وفي حياته الزوجية لا يحظى بغير إجازة واحدة وطويلة جدا!!! سادسا: في العمل يمكنه أن يترقى و ينال منصبا مرموقا ويحصل على مكتب خاص وسكرتيرة متعاونة· أما في البيت فلقبه ''أبو العيال'' لا يتغير· ومن سابع المستحيلات أن يهنأ بخصوصيته وينفرد بمكتبه من دون أن ''تطب'' عليه ''المدام'' في أي لحظة! سابعا: ليس مضطرا أن يتحمل هم الوظيفة التي قد يتركها بسهولة وبلا مشاكل· أما زوجته فحتى لو كانت هما على قلبه، فقبل أن يتخلى عنها عليه أن يفكر ألف مرة بالمشاكل التي تنتظره، ليس فقط على باب المحكمة وانما كذلك مع حماته والجيران وحتى صاحب البقالة! ثامنا: عند بلوغ سن التقاعد، يخرج من الوظيفة بمكافأة كبيرة وحفلة تكريم· أما زوجته فلو تركها، فهو الذي سيدفع المؤخر والنفقة ويوفر لها الشقة المناسبة· واذا لم يفعل فالسجن بانتظاره عدا عن حفلة الفضيحة ''بجلاجل''! تاسعا: يمكنه أن يغير عمله اذا وجد وظيفة أفضل تحقق له طموحاته ورغباته· ومع أنه طول الوقت يرى نساء أجمل من زوجته وأكثر رشاقة وأنوثة، فمن الصعب تغييرها! عاشرا: في مكان عمله لديه تأمين على الحياة لذلك يتم شهريا اقتطاع جزء من راتبه· وما يغيظه أنه في حال أصابه أي مكروه، فإن المستفيد من هذا التأمين هي زوجته! بعد كل هذا، يسأل الرجل بشقاوة: بربك من تحب أكثر زوجتك أم الوظيفة؟ شويّة ذوق يا أخي! تغيب أحياناً عن معظم الرجال - إلا من رحِم ربي منهم- أصول وفن صحبة أنثى من أهله (أم أو أخت أو زوجة) خصوصاً للأماكن العامة!، فتراه يركض وكأنه في ماراثون، يمشي الأخ والمسكينة تتبعه مُنهكة، تريد اللحاق به ولكن دون جدوى، مركْب ماكينة تيربو! ظننت أنني الوحيدة التي تعاني من هذه ''المعضلة''، فعلى الرغم من قلة خروجي مع الإخوان، تبقى هنالك خصوصية لكل واحد منهم، فمنهم من يشعرني وكأني ملكة، ومنهم من يُشعرني وكأني عنزة تتبع راعيها غصبا!، هذا هو الحال والله بلا مبالغة· ربما معاناتي بالنسبة لمعاناة المتزوجات لا تُذكر·· ''إشْ جاب لجاب؟!''؛ فالمتزوجات حالهن أمرّ مني، المسكينة تمشي وبينها وبين ما يسمى بزوجها كيلومتر!، خصوصاً عندما يكون هناك فوج ''مزايين خاطف''، ينسى كل شيء ويدخل في غيبوبة كاملة، ويسوّي نفسه ''ماله خص'' بهذه المخلوقة التي هي زوجته· ولأني فتاة شرقية حتى النخاع الشوكي أحياناً، يصعب عليّ تقبّل الوجه الآخر من الصورة، أعني، تقبّل منظر رجل يمشي ذليلا وراء زوجته، وأستنكر هذا المشهد المهين، حتى إنني أقول في نفسي: ما جنس هذه المرأة ؟ والله قوية، كيف ترضى أن تقود هذا الزوج وراءها كما الخروف!· بالنسبة لي، أستنكر المشهدين؛ منظر المرأة العنزة والزوج الخروف مع الاعتذار لكل من هو مشمول بهذه ''السالفة''، و''اللي ماله خص'' لا يكترث كثيراً لهلوستي الصباحية!·وبما أنني ملسوعة أو ملدوغة، إذا صح التعبير، يطيب لي أن أروي لكم حادثة طريفة جداً تكشف (رعونة) بعضهم في مثل تلك المواقف التي قد توحي لك بإلغاء تام لوجودك·· ما علينا من هذا كله، المهم والذي ما زلت أذكره هو أنني بكيت في هذه الليلة أكثر مما بكيت على فقد والدي!· يُحكى أنه في ليلة ''سودة'' قادني إليها حظي العاثر، أنني قبلت دعوة أخي الكبير بو جاسم - يا حافظ عليه- للسينما وبمعيتنا والدتي، يا جماعة الدعوة من غير نفس تشم رائحتها على بعد ستين ميلا بحريا!، وبعد ما علينا·· رضينا وذهبنا، في بداية دخولنا قال: هذا الفيلم ''شفته وايد حلو·· شو تبون أمي: بوب كورن كبير أو صغير؟!''· أجابته: ما أدري والله هو الفيلم كم ساعة؟! دخلنا وجلسنا في الصف الأول (من الخلف)، من أول القعدة وهو ما كان على بعضه، أول الغيث كان: ''ها أمي مستانسه؟''· أجابت: ''ما فهمت شي، شالسالفة؟!''· سرد لها القصة بالتفصيل مع اسم المخرج وأنا أسمع، بعدها بثانية نطق فقال: ''خلاص ليش يالسين يالله انسير!''· ورْ ورْ·· طار ''بوجاسم'' من كرسيه خارج القاعة، وتركنا نعد خُطانا وسط لجة ظلام دامس، فكيف نتلمس طريقنا إلى خارج القاعة وسط الجماهير؟! أمي تسير أمامي وأنا خلفها، تمشي وأنا أمشي ''وراها'' حتى فقت على ضحك وقهقة الحضور لأننا وصلنا حتى شاشة العرض دون أن ندري، بصراحة صرنا فرجة بدون تذكرة!· لم نكد نلملم شتاتنا بعد هذه الفضيحة الشنيعة، حتى أكملت أم محمد عليها، توهمت بأن من ينتظرنا عند مدخل القاعة هو ''بو جاسم''، فقالت له: ''إنت وين رحت وتركتنا بروحنا''؟! فأجاب: لا الوالدة إنتي غلطانة!· وجدنا أبونا عند باب القاعة، فلم أفهم سرّ عجلته هذه وخروجه من دون أن يصطحبنا إلى خارجها، وكانت ردة فعله على طريقة المثل: ''ضربني وبكى وسبقني واشتكى''! حيث سارع إلى القول: خير إن شاء الله، ''شو صار·· ما صار شي!''، ومن يومها حرّمت قبول أي دعوة للسينما· هذا غيض من فيض، من تفاصيل ربما لا يمكن سرد بعضها بأي حال من الأحوال، حرصاً على مشاعركم الرقيقة وحفاظاً على سكون دمعتي وحسرتي وغصتي، و إرضاء أي أنثى على وجه هذه المعمورة ليس بالأمر المحال، المسألة تحتاج إلى قليل من الذكاء وحُسن التصرف، وإلى لباقة مغمسة بقليل من الحب فقط يا أخي!· فاطمة اللامي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©