الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الائتلاف السوري... ومعضلة المشاركة في «جنيف 2»

الائتلاف السوري... ومعضلة المشاركة في «جنيف 2»
18 يناير 2014 21:50
تعرض الائتلاف الوطني السوري المعارض يوم الجمعة إلى خطر الانهيار التام على خلفية ضغوط عالمية شديدة على هذا الكيان المبتلى بداء التشرذم والانشقاق العميق من أجل دفعه للمشاركة في محادثات السلام التي ستلتئم الأسبوع المقبل. ويعتقد العديد من معارضي النظام بأن المشاركة في هذه المحادثات ستقوّي موقف الأسد في الاحتفاظ بالسلطة. ومن أجل التخفيف من هذه المخاوف، أكد جون كيري على مواقف الولايات المتحدة السابقة، فيما يتعلق بتشكيل حكومة انتقالية تفتح الطريق أمام انتخابات ديمقراطية، وقال إن الولايات المتحدة غير مستعدة للتحالف مع الأسد لمحاربة الإرهاب. ويأتي العرض الذي تقدم به النظام السوري حول استعداده لبدء مفاوضات لوقف إطلاق النار في مدينة حلب الشمالية، لتزيد من الضغوط التي يتعرض لها الائتلاف الوطني السوري الذي كان من المقرر أن يصوت يوم الجمعة الماضي حول ما إذا كان سيشارك في المحادثات أم لا. وبدلاً من اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، قرر الائتلاف في اجتماع عقده بإحدى ضواحي إسطنبول تأجيل التصويت بسبب خلاف يتعلق بآلية الاقتراع. ويأتي هذا الإخفاق الجديد ليكرّس فشل الائتلاف في تقديم صورة متجانسة بديلة لحكم الأسد منذ تم تأسيسه قبل أكثر من عام. وقال أحد كبار أعضاء الائتلاف رفض التصريح باسمه بسبب حساسية الموضوع: «يبدو لي أن الائتلاف بات معرضاً للانقسام أكثر فأكثر. لقد أصبح بالفعل في غرفة العناية المركزة». وأكد العضو المذكور أنه يشارك 125 عضواً آخر الرأي في ضرورة الموافقة على إرسال وفد إلى المفاوضات التي يُنتظر انطلاقها بمشاركة القوى العظمى في بلدة «مونرو» السويسرية الأربعاء المقبل، لتُستكمل يوم الجمعة في جنيف بإطلاق أول جولة محادثات مباشرة بين المعارضة والنظام منذ بداية الصراع قبل ثلاث سنوات. ولا يمتلك الائتلاف خياراً آخر وفقاً لما قاله العضو المذكور سوى السعي للاحتفاظ بمكانته التي يحظى بها على المستوى العالمي كممثل وحيد للمعارضة السورية من خلال المشاركة في المحادثات. إلا أن هذا القرار ينطوي على مشكلة معقدة بالنسبة للأعضاء الكبار في الائتلاف الذين اجتمعوا تحت ضغط دولي، وبعد أن كانوا ذات مرة يمثلون البديل العملي لنظام الأسد، إلا أن المطلوب منهم الآن هو التحاور معه. وقال خالد صالح الناطق الرسمي باسم الائتلاف: «إنه تصويت يتسم بالقسوة لأنه بات مطلوباً من الضحايا أن يتفاوضوا مع القتلة والمجرمين». وكان هذا الأداء الهزيل للائتلاف قد كلفه خسارة تأييد معظم السوريين العاديين بالإضافة للغالبية العظمى من منتسبي فصائل المعارضة المسلحة حتى أصبح من غير المعروف من هي الجهة التي يمثلها الائتلاف عندما يشارك في المحادثات. كما أن عدم الذهاب إلى المباحثات سيعني فقدان الائتلاف لدعم الجهات المتبقية التي تسانده بما فيها الحلفاء الغربيون الذين شجعوا على تأسيسه منذ البداية. ويعد مؤتمر السلام أحد بنود سياسة إدارة أوباما للعمل على وضع حد للحرب الدامية في سوريا عن طريق التفاوض، وأشار العديد من الدبلوماسيين إلى عدم وجود خطة بديلة لحل المشكلة. وقال دبلوماسي غربي في إسطنبول يوم الجمعة الماضي: «إن قرار الائتلاف بالذهاب إلى محادثات جنيف 2 سيمثل إنجازاً كبيراً بالنسبة لنا. ولن نكون سعداء لو رفضه». ويعود سبب الفشل المسجل يوم الجمعة في التصويت على القرار لخلاف يتعلق بالمبادئ الأساسية التي قام عليها الائتلاف، والتي تنص صراحة على عدم إجراء مباحثات مع الأسد، وهو المبدأ الذي يتطلب الأمر تجاوزه لو قرر الائتلاف المشاركة في مباحثات جنيف. ويحتاج تمرير القرار لتصويت أغلبية ثلثي الأعضاء عليه، وهو ما لا يمكن تحقيقه لأن 45 عضواً استقالوا منه خلال هذا الشهر. وقد مارست الولايات المتحدة بدعم من بريطانيا وفرنسا ضغوطاً شديدة على أعضاء الائتلاف لدفعهم للمشاركة في المباحثات وهددتهم بوقف المساعدات والتأييد السياسي لو رفضوا الاقتراح. وحذّر كيري يوم الجمعة من أن ضغوطاً إضافية ستفرض على نظام الأسد إذا فشل في التفاوض مع المعارضة بنية صادقة. وأشار كيري إلى أن الولايات المتحدة «لم تفقد خياراتها» لممارسة الضغوط على الأسد. وكان يشير بذلك إلى اقتراحات سابقة بتقديم الأسلحة والمعدات للثوار السوريين. وفنّد كيري أيضاً ادعاءات تقول إن الولايات المتحدة ستحول الاهتمام الرئيسي في المحادثات، من مفاوضات لنقل السلطة، إلى موضوع يتعلق بالحرب على الإرهاب في وقت تسجل فيه الفصائل الراديكالية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بعض الانتشار على أرض المعركة. وقال إن الأسد هو الذي ساهم في صعود التطرف حتى يسوّق نفسه باعتباره حليف الغرب في حربه ضد المتطرفين. وأضاف كيري: «إنه يحاول منذ عدة أشهر تسويق نفسه على أنه حامي حمى سوريا ضد المتطرفين بالرغم من أنه هو نفسه الذي يموّل بعض هذه الجماعات المتطرفة». واتهم الأسد بأنه يتخلى لهم عن بعض المناطق عن قصد حتى يجعل منهم جزءاً من المشكلة وبحيث ينصّب نفسه على أنه حامي السوريين. ولطالما رددت الحكومة السورية الإعلان الصريح عن أنها ليست مستعدة لقبول التفاوض حول سلطة انتقالية في محادثات جنيف. ولكن، بعد الاجتماع الذي عقده في موسكو مع لافروف، اقترح وزير الخارجية السوري وليد المعلم وقفاً لإطلاق النار في حلب، وقال إن الحكومة راغبة في إطلاق عملية تبادل للسجناء وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. ولا يبدو أن هذا العرض سيغير من موقف الائتلاف، فيما يتعلق بحضور مباحثات جنيف بالنظر للمخاوف السائدة من أن يحيد المؤتمر عن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه المعارضة وهو تنحّي الأسد. ليز سلاي وآن جيرين أسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©