الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله حلبي: الموسيقى تقوِّم سلوك المعاقين وتنمي قدراتهم الفكرية

عبدالله حلبي: الموسيقى تقوِّم سلوك المعاقين وتنمي قدراتهم الفكرية
15 يناير 2011 20:14
بحث كثير من المختصين في سبل تقويم سلوك الأطفال المعاقين لاسيما العدوانية، وأرادوا التوصل لنقطة تعينهم على تفريغ الشحنات النفسية، فكانت الموسيقى وسيلة مناسبة لفك عزلة الصغار المعاقين، بل شكلت فرصة لإبلاغ أصواتهم وفتح باب الشهرة لبعضهم. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - العدوانية والشغب والحركية الزائدة وقلة الاستيعاب، والبكاء المستمر كلها سلوكيات تصدر عن بعض الأطفال الذين لا يجدون من ينصت إليهم ويعرف احتياجاتهم النفسية، وهي سلوكيات غالبة على تصرفات المعاقين. في هذا السياق، يقول عبدالله حلبي، أستاذ الموسيقى بمركز العين لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة “نحاول أن ننمي القدرات ونعدل السلوكيات عن طريق الموسيقى، إذ يجب أن تتوافر عند مدرب الموسيقى القدرة الكافية للتعامل مع الطفل المعاق كما يجب التعامل معه من خلال عمره العقلي وليس عمره الزمني”. التأثير في السلوك يقول حلبي إن الموسيٍقى تؤثر في الأطفال بقدر تأثيرها على كل ما هو موجود في الكون. ويضيف “الموسيٍقى تنفذ إلى دواخل الإنسان وتحرك مشاعره وتؤثر عليه، وهناك العديد من الأنواع منها، قاسمها المشترك هو وصولها إلى أعماق الإنسان حتى ولو كان غير ملم بها، وهكذا يكون تأثيرها على الأفراد مهما في العلاج، فمثلا أنا في المركز أستعمل الموسيقى في شفاء بعض الحالات”. ويتابع “أذكر خلال بداياتي الأولى في هذا المركز أنه صادفتني حالات من الإعاقات صعبة جدا، وكان الكل يشتكي من عدم احتوائها، ومنها حالة طفل مشاغب حركي وعدواني إلى أقصى درجة، كان كل أولياء الأمور يشتكون منه، وفي كل حين يتم استقدام أهله لتبليغهم بأمر ولدهم، كان تحديا بالنسبة لي حين قررت التعامل مع هذا الطفل، بدأت أقيس مكامن القوة فيه، وقمت بتجربة موسيقية معه مستعملا فيها بعض آلات العزف، وبعد فترة لاحظت اندفاعه نحو طبلة كبيرة نستعملها في عزف النشيد الوطني، كانت له قوة غريبة في قرع هذه الطبلة، فيما بعد ربط علاقة قوية معها بات كل يوم يمارس هذا الطقس، حتى أصبح ذلك متنفسه اليومي، إذ يفرغ فيها كل شحناته النفسية وبالتالي كف عن إيذاء الأطفال، وكأنه من خلالها يتواصل مع كل من حوله، بل يقول لهم أنا موجود وهذه قوتي”. موسيقى المشاعر يقول حلبي إن عزف الموسيقى يحرك الصغار المعاقين ويؤثر فيهم. ويضيف “عندما أعزف موسيقى حزينة أرى الحزن في عيون الصغار، ومن هنا أحاول التأثير في سلوكهم، أما حين أعزف اليولة مثلا أرى الفرح على وجوههم، وكل الآلات الإيقاعية هي تثير الفرح في أنفسهم، وغالبا لا نحتاج إلى توجيه، فبكل تلقائية هي تؤثر على المعاقين ولا يحتاج ذلك كثيرا من العناء أوالتوجيه”. أما عن تنمية قدرات المعاقين وتعديل سلوك المعاقين، فيؤكد حلبي أن الموسيٍقى تغير سلوك المعاقين وتنمي قدراتهم الفكرية، وهي كافية لتغيير سلوك الإنسان الطبيعي أيضا، فالتلميذ المعاق غالبا ما يعاني من الحركية الزائدة، ويعاني من الشعور من الوحدة، والموسيقى تخرجه من هذه العزلة، ويركز حلبي على فسح المجال للمعاقين باختيار الآلة التي يفضلها وتنسجم مع ميولهم، كما يعتمد بشكل كبير على النشيد الوطني خلال الطابور الصباحي لتقويم سلوك الصغار المعاقين. ويوضح حلبي أنه يستعمل الغيرة الإيجابية في تقويم السلوك، قائلا “أركز دائما على الغيرة الإيجابية، بحيث أختار كل يوم 8 أطفال معاقين للعزف، وكل يحاول تقديم الأحسن”. وعن الآلات التي يستعملها حلبي خلال عزف النشيط الوطني، يقول “أستعمل الآلات الإيقاعية، التي تثير الفرح في نفوس الصغار ومن هذه الآلات هناك طبلة كبيرة، وهذه الطبلة يعتبر كل من عزف عليها قويا، هكذا أستعملها في إغراء الطلبة لتغيير سلوكهم خلال الدرس وفي معاملاتهم مع أصدقائهم وزملائهم في المركز، وأخصص لكل من حاز على نقاط مميزة وأبدى تعاملا جيدا حصة صباحية للقرع على الطبلة، وهناك من يعتبر نفسه قياديا حين يعزف عليها، ربما ذلك راجع إلى قوة صوتها، ويشكل لهم ذلك اعتزازا بالنفس وأهميتها”. كفيفة أبهرت الجميع يتحدث عبد الله حلبي عن طفلة أطلق عليها الطفلة المعجزة في مجال الموسيقى. ويقول “قبل ثلاث سنوات التقيت بالطفلة إسراء البلوشي، كان عمرها 6 سنوات، وهي كفيفة، أدركت أنها مختلفة، حيث كانت تغني بطريقة صحيحة جدا، وبدأت أشركها في كل الفعاليات في المركز، كانت تؤدي بشكل صحيح وبإحساس عال جدا، وبعد ثلاث سنوات بدأت تؤلف بنفسها وتعزف على آلة الأورج، بعد أن حققت أمنيتها إحدى الجهات بمنحها هذه الآلة المحببة على قلبها، وهي تعزف بإحساس كبير جدا، وأظن أن مستقبلها مشرق”. لغة تواصل يقول حلبي إن الموسيقى تمثل لغة التواصل بين الأطفال المعاقين. ويضيف “غالبا ما يعاني الصغير من تهميش مشاعره التي لا يستطيع التعبير عنها، لكن من خلال استعماله أي آلة فإنه يتحدث من خلالها، بعزف المقطوعات التي تفرز معاناته أو تنشر سعادته، وهناك من الأطفال الذي تغير بنسبة عالية جدا”. ويشكل المايكروفون نقطة تحول في حياة بعضهم. إلى ذلك يقول حلبي “تأثيره عال جدا، فالأطفال يتنافسون على حيازة فرصة للحديث في المايكروفون أمام الطلبة والمدرسين، وهذا يشكل له فخرا وثقة عالية بنفسه، ومن خلاله أكتشف أن اكتشاف شخصية الصغار، بكل تلقائية وبساطة، وكثير من الطلبة المعاقين تكون حركته زائدة فنعمل على تفريغ هذه الطاقة خلال العزف، بحيث يقول: أنا موجود، وهناك فعلا منهم من فاق التصور وأبهر الجميع بعزفه، كما أن الإحساس بالموسيقى هو موهبة فطرية، واستعداد يمكن تنميته، فكل الأطفال الذين يحسن تدريبهم من الممكن تنمية قدراتهم الموسيقية، فالأمر لايختلف عن تنميه قدراتهم على الكلام أو الرسم أو الأعمال اليدوية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©