الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توريث القيم مسؤولية أبوية تفوق أهمية توريث الأموال

توريث القيم مسؤولية أبوية تفوق أهمية توريث الأموال
14 يناير 2013 20:34
لعل أول ما يخطر على البال عند الحديث عن الإرث والميراث، هو الممتلكات المادية التي يخلفها الآباء للأبناء والأجداد للأجيال اللاحقة. لكن هناك ميراث أهم وأثمن من هذه الممتلكات المادية الملموسة، وهو ميراث القيم. فتوريث موجودات قيمة دون قيم إنسانية وفكرية وعاطفية ومعلوماتية شبيه بإعطاء شخص سلاحاً قوياً دون تعليمه كيف يستخدمه، ولا كيف يأمن شروره المرتدة. فيلم وثائقي تُود فيثيان يبلغ 43 عاماً، ويعمل مستشاراً مالياً في إحدى الشركات بولاية ماساشوسيتس. أراد فيثيان أن ينتج فيلماً توثيقياً يهديه لأبنائه الأربعة، فحاول استحضار بعض القصص التي حفلت بها حياته، واستخلاص الدروس من التجارب التي مر بها، والتقاليد والأعراف التي عاشها وعايشها، فاكتشف أنه ورث كثيراً منها عن أبويه. ويرى فيثيان أن أكثر من يمررون دروس الحياة ورسائلها وقيمها إلى الأجيال هم الآباء. ويرى المربون والمستشارون الماليون وموردو الخدمات التكنولوجية أن مهمة نقل التركات المادية والمعنوية من الأجداد إلى الأحفاد يقوم على أساسين، أولهما تشجيع الأكبر سناً على تشاطر قصصهم مع الآخرين ومساعدتهم على فعل ذلك قبل رحيلهم، وثانيهما تعليم الأبناء والأحفاد كيفية نبش ماضي الآباء والأجداد واستخراج أفكارهم ورؤاهم ونظرتهم إلى الحياة. ويقول تيم مورر الخبير في الاستشارات المالية وأحد مؤلفي كتاب “الخطة المالية النهائية: وازن بين مالك وحياتك”: “المشورة الأساسية التي أود التأكيد عليها وأهمس بها في آذان الكبار كما الصغار هي ضرورة اهتمامهم بما بالميراث المعنوي للآباء والأجداد أكثر من اهتمامهم بميراثهم المادي”. فذلك يساعدهم، في نظر تيم على اكتساب الخبرة والحكمة في التعاطي مع كثير من قضايا الحياة، كالزواج والعمل والأبوة. ويقول كارل بيليمر، أستاذ التنمية البشرية في جامعة كورنيل ومؤلف كتاب “30 درساً للعيش”: “إذا تناولنا موضوع “المخاطرة” على سبيل المثال، فكن متأكداً أن أكثر ما قد تندم عليه مستقبلاً هو الشيء الإيجابي الذي لم تفعله، وليس الذي فعلته”. ويضيف “يُجرم الإنسان في حق نفسه عندما تأتيه فرص الحياة إلى يديه ويهدرها، أو تصادفها في حياته ولا يغتنمها”. فرص ثمينة يرى فيثيان أن حرص أفراد الأسرة أو العائلة على الاجتماع بانتظام أسبوعياً أو دورياً يوفر للصغار مناسبات ثمينة وقيمة لينهلوا من حكم الكبار وخبراتهم. ولذلك فإنه من المهم جداً تعويد الأبناء منذ صغرهم على تقوية علاقتهم بالجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة والاستفسار من الأكبر سناً عن كل ما يستعصي عليهم فهمه أو يرغبون في الاستزادة منه، وألا يقبلوا الحياة كما هي دون طرح أسئلة، بل يشكلون نظرتهم الخاصة إليها حتى يُمسكوا بزمام مجرياتها، ولا ينحنون لرياحها أو يخضعون لأهوائها. ويقول فيثيان إن طلب الأبناء من الآباء والأجداد وباقي أفراد الأسرة الكبار مشاطرتهم ذكرياتهم وطرائفهم يُسهم بشكل كبير في إفادتهم وتوارث قيمهم، خاصة إذا كان الأطفال يرتبطون بعلاقة حميمة مع أفراد العائلة الأكبر سناً، وكانوا لا يترددون في استثمار الإنصات إلى حكاياهم والاستفادة من تجاربهم. ويقول بيليمر مخاطباً كل ابن أو بنت “اسأل الأكبر سناً من أفراد العائلة عن قصصهم وحكاياهم وتجاربهم، وحاول النقر على الجوانب الحكيمة في حياتهم. واعلم أنك عندما تطلب مشورة أو نصيحة من شخص ما، فإنك تُرسل إليه رسالة إيجابية فحواها هو إدراكك بأنه قادر على إفادتك من معين تجاربه، فيجود عليك بها وكله امتنان لتقديرك تجاربه وحياته”. ويقول فيثيان إن معظم الآباء والأمهات ينشغلون أكثر بجمع الأموال وزيادة الممتلكات من أجل ترك ميراث معتبر لأبنائهم يغنيهم عن طلب معونة الآخرين أو اللجوء إليهم، لكنهم يهملون ميراثاً أعظم وأهم وهو ميراث القيم المعنوية الأكثر بقاءً واستدامة. ويضيف “أرى أنه ينبغي على كل رب أسرة أن يكتب وصية أخلاقية يُعدد فيها كل القيم والمبادئ التي يرى أن عليه توريثها لأبنائه وأحفاده. فهي في الواقع أهم من وصية الممتلكات المادية والأصول الملموسة. ووجودها كوثيقة هو بحد ذاته مصدر فخر وقوة بالنسبة لكاتبها وأفراد عائلته ولذريته”. من جهته، يقول جيم ستوفال، مؤلف كتاب “أفضل جائزة” الذي يوظف فيه شخصاً ينقل 12 درساً من الحياة إلى حفيده “أعتقد جازماً أن توريث القيم أهم بكثير من توريث الممتلكات. فإن يخلف المرء لأبنائه وحفدته تركة مادية كبيرة دون أسس قيمية فكرية وعاطفية ومعلوماتية، كمن يعطيهم سلاحاً مملوءاً ذخيرة دون أن يعلمهم كيفية استخدامه ولا طريقة اتقاء المخاطر والشرور التي قد تنجم عن سوء استعماله”. عن “وول ستريت جورنال”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©