الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفولة ترسم البراءة والسلام على جدران صيدا

الطفولة ترسم البراءة والسلام على جدران صيدا
9 فبراير 2009 00:22
الظاهرة تفرض نفسها، تطرح نتاجاً فنياً محدداً، والطرح لا يقتصر على الإيجابيات فقط، فهناك ايضاً التطورات المستقبلية، بل الأحلام التي تداعب المهتمين بهذه الظاهرة، الاّ وهم اطفال الغد· براعم الرسم الطفولية نهضت من غفوتها ولو بتعثر غير مقصود، فبرزت تباشير لفنانين أطفال، مارسوا تجربة الرسم على جدران مدينة صيدا، فأكسبوها حلّة جديدة نالت استحسان كل من رأى هذا الفن العفوي المليء بنبضات تدل على رؤيا تحلم بعطاء كالكبار· جدران صيدا المهملة في بعض الأحياء، حولتها أنامل الاطفال الى رسوم زينّت زواياها بأفكار ترجمت الى واقع ملموس لا يقدر عليه الا الكبار، وبالرغم من ذلك نجحت هذه التجربة الفنية، بعدما توافرت الظروف، حيث كان يقال إن ذاكرة الطفل تختزن الكثير من التراكمات النابعة من اجواء المعاناة، وهذه التراكمات ترسخت في ذهنه وشماً تصعب إزالته، فاتجه الاطفال في مدينة صيدا للتعبير عن احاسيسهم الحقيقية، فانغمسوا في رسوم متنوعة على جدران بوابة الجنوب، فكان نتاجهم لوحات تشكيلية عفوية اثبتت جدارتها، بعدما تجاوز هذا الطفل عمره الحقيقي بأشواط، والدليل قائم في المعرفة التي اكتسبها بتلقائية، فأتت هذه القفزة في عالم الطفولة لتمزج التناقضات في ذهنه، فتنوعت العطاءات رسوماً مزخرفة وديكورات فنية، واشكالاً يعجز عنها أياً كان· وكان واضحاً من الرسومات التوق الى الحرية والسلام والوطن والوحدة الوطنية حيث كانت عشرات اللوحات معبرة عن أفكار الاطفال وآمالهم· والسبب في ذلك المفاهيم الجديدة التي زرعت في ذهن الطفل والخلقية الاجتماعية التي يتمتع بها، في مواكبة حثيثة للعصر وللحقائق التاريخية التي تعيشها· براءة الأطفال داخل كل منا طفل صغير يتحرك، ويدفعنا الى هذه الأعمال الفنية التي تحرك البراءة، بل تحقق العلاقة الرائعة بين الوطن ونقاوته، ومكنونات الطفل الداخلية، بعدما عاش الكبار مع الأفكار التي تناسبهم، وبناء على ذلك يجب أن يعايش الطفل الحياة الصحيحة بعيداً عن نظرية انه كائن ساذج يسهل التعامل معه عبر بعض الطروحات السطحية· رسوم الأطفال على جدران صيدا، تنوعت مضامينها وموضوعاتها، حتى غدت هذه اللوحات أحاسيس تلامس وجداننا، فقد داعبت الريشة زمن النبض في النفوس، فاستطاع الطفل ان ينقل الينا ما أراده هو من أفكار وخيال، الممتد بعيداً ليتوحد مع المشاعر بطابع منفرد ودفء مميز فمن شاهد هذه الرسوم يظن انها حصيلة تجارب عدة وكفاح طويل في هذا المضمار· موضوعات شتى تناولها الأطفال من حياتنا ومعايشاتنا اليومية المتكررة، حيث رسموا مشاهد من الطبيعة وزهوراً متنوعة وبيوتات عريقة، وكان محور معانيها الانسانية تجارب صادقة وحارة في رؤيا، صيغت ببساطة التعبير وبشجاعة تتوق جميعها الى الحب والسلام والجمال· انها لوحات شتى أنيقة تزيينية راقية وبعض المواضيع تعكس حزناً غامضاً تشدك لتحيا معها في ذاكرة الواقع، التي تحمل تناقضات متمردة تلزمك الدهشة والحيرة، حتى تكاد رسوم الأطفال تتحول الى كلمة أنيقة هامسة، تركض في كل الاتجاهات، نقرأها، نفهمها، تتوطد في داخلنا، وفي كل الاتجاهات وفي كل القلوب تكون· إبداعات فنية طفولية يجمع علماء النفس على اعتبار أن الطفولة أقرب ما تكون الى فنون الإنسان البدائي، اذ تولد لديه الرغبة في التعبير عما في داخله، بشتى الوسائل المتاحة كالبكاء، والصراخ· وفي مرحلة لاحقة، يجد علماء اجتماع أنه يبحث عن الورق، يلج في طلبه، حيث يبدأ الرسم على جدران المنزل وأبوابه بأصابع الطباشير وأقلام الرصاص والتلوين، وكل ما يترك أثراً بتحريكه على سطح ما، ككسر الأحجار الملونة أو بقايا الخشب والفحم المحترق·· وتزداد أهمية الحياة الفنية النامية باستمرار، لأن الاطفال يتأثرون بالتقنيات العالمية المتطورة للصورة والمؤثرات الخاصة التي تعرض في التلفزيون ومواقع الإنترنت وألعاب الكمبيوتر· والواقع، أنها تجربة لمرحلة أولية بدأت في صيدا، لتعمم فيما بعد الى بقية المناطق اللبنانية، فأولى التجارب تكون في خطوة، ومن ثم سنرى معظم الجدران مزينة برسوم وفنون الطفولة، البريئة، التي بحاجة الى تشجيع مستمر، لمزيد من عطاءات الطفل في إضفاء نكهة خاصة على هذا الإنتاج، الذي سينافس الكبار، متى وجد الاهتمام والقبول الكافيين اللهم الاّ اذا رأى الكبار مزاحمة حقيقية من جيل الغد·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©