محمد حامد (دبي)
«كرة القدم عائدة إلى وطنها» شعار ملهم، وأغنية يرددها الجميع، و«تغريدة» يكتبها المشاهير، وتتناقلها الجماهير، ليبلغ الأمر حد الهوس والجنون، هذا ما يحدث في المدن الإنجليزية في الوقت الراهن، بل في أرجاء العالم كافة، فالجنون حيث يوجد عشاق الكرة الإنجليزية والمنتخب الإنجليزي، وبالنظر إلى أن العلاقات السياسية المتوترة بين موسكو ولندن كان لها تأثير سلبي لافت على الحضور الجماهيري الإنجليزي في روسيا، حيث لم تحظ أي مباراة لمنتخب الأسود الثلاثة بحضور أكثر من 3 آلاف مشجع إنجليزي، فإن الأمور تتغير بصورة انقلابية عقب التأهل إلى نصف النهائي، وانتشار حمى الشعار والحلم والأغنية التي تقول «كرة القدم عائدة إلى وطنها».
التقارير الإنجليزية تؤكد أن 10 آلاف مشجع إنجليزي سوف يقفون خلف منتخبهم في مباراته التاريخية والمصيرية أمام الكروات باستاد لوجنيكي في موسكو، وهو العدد الأكبر لمشجعي هاري كين ورفاقه في البطولة، وأكد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن التذاكر متاحة في الوقت الراهن، ويبلغ سعر التذكرة 650 جنيهاً استرلينياً، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة حضور المباراة شاملة تذاكر السفر والإقامة، وتذكرة حضور المباراة، ما يقارب 3 آلاف جنيه استرليني، وهو ما يعادل متوسط الدخل الشهري للمواطن الإنجليزي، وبالنظر إلى أن 10 آلاف سوف يوجدون في مدرجات لوجنيكي خلف المنتخب الإنجليزي، فإن التكلفة الكلية سوف تبلغ 30 مليون جنيه استرليني.
وتشير التوقعات والتقارير القادمة من روسيا إلى أن الآلاف من المشجعين الروس سوف يقفون مع المنتخب الإنجليزي في مباراته المصيرية أمام الكروات لأكثر من سبب، على رأسها مقطع الفيديو الذي ظهر فيه دوماجوي فيدا مدافع كرواتيا وهو يهتف «المجد لأوكرانيا»، الأمر الذي يعتبره الجمهور الروسي إساءة لبلادهم في ظل الصراع السياسي والعسكري بين البلدين، وتدخل روسيا عسكرياً في أوكرانيا عام 2014، وحذر «الفيفا» لاعب كرواتيا الذي كان معرضاً للإيقاف بسبب هذه الإشارة السياسية، وأكد اللاعب أنها مجرد مزحة للأصدقاء في دينامو كييف الذي كان يلعب له، مشيراً إلى أنه لم يفكر في أي أبعاد سياسية.
أما ثاني الأسباب التي قد تدفع الجمهور الروسي للوقوف خلف الإنجليز، فهو فوز كرواتيا على روسيا، وإجهاض حلمها في مواصلة المشوار المونديالي، ويبدو أن منتخب الأسود الثلاثة سوف يحصل على أفضلية التشجيع الجماهيري في المباراة بصورة مؤكدة في حال وقف الروس خلفهم، خاصة أن المؤشرات تقول إن الجمهور الكرواتي لن يقل عن 10 آلاف مشجع أيضاً، وتبلغ سعة استاد لوجنيكي ما يقارب 80 ألفاً، ما يعني أن الأغلبية الكاسحة سوف تهتف لرفاق هاري كين على أمل بلوغ المباراة النهائية للمونديال.
وفي إنجلترا، تم الاتفاق بين اتحاد الكرة الإنجليزي والحكومة وعمدة لندن، وإدارة الحدائق الملكية، على دعوة ما يقارب 30 ألفاً للاستمتاع بحضور المباراة في الهايد بارك، حيث سيتم عرض المباراة عبر شاشة عملاقة مقاسها 94 متراً في 11 متراً، وهي الأكبر في لندن منذ «يورو 1996»، وفي تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قال صديق خان، عمدة لندن، إنه يتوقع حضوراً كبيراً يبلغ 30 ألفاً، من جميع الأعمار والطبقات للوقوف خلف المنتخب الإنجليزي، مؤكداً أن مثل هذه الفعاليات تصبح أقرب إلى الأجواء العائلية الرائعة، بعيداً عن العنف وأعمال الشغب مهما كانت نتيجة المباراة.
المؤشرات تؤكد أن الإقبال على حجز تذاكر حضور المباراة في الهايد بارك كبيرة، وعلى الرغم من أنها مجانية، إلا أن الحضور سيكون بأسبقية الحجز من أجل ضمان أفضل تنظيم ممكن للحدث، خاصة أنه سوف يشهد حضور عدد كبير من الجماهير يبلغ 30 ألفاً، وهو ما يعادل الحضور الجماهيري في استاد متوسط السعة، ولن تكون حديقة الهايد بارك بمفردها التي تعرض المباراة عبر شاشات كبيرة، بل سيتم تعزيز فكرة الحضور الجماهيري الجماعي لمشاهدة المباراة، لما لذلك من اعتبارات تتعلق بتعزيز روح الارتباط بالوطن والمنتخب الذي يمثل إنجلترا في الحدث الكروي العالمي الأكثر أهمية وجماهيرية.
وكانت الاحتفالات الجنونية قد اجتاحت الشوارع والمدن في إنجلترا عقب الفوز على السويد والتأهل للمربع الذهبي، ما أدى إلى توقف حركة المرور في كثير من الأماكن، وحرصت الشرطة على التدخل في هذه الاحتفالات التي أسفرت عن بعض الأعمال التخريبية، وهو الأمر الذي فسرته التقارير الإنجليزية بأنه سلوك جماهيري مرفوض، ولكن قد يكون له ما يبرره في ظل التعطش الجماهيري لإنجاز كروي كبير طال انتظاره، وأشار تقرير «بي بي سي» إلى أن بعض الجماهير اقتحموا محلات إيكيا السويدية دون أن تحدث أضرار، وكان الدافع وراء ذلك الاحتفال بالفوز على المنتخب السويدي داخل المحل التجاري الشهير الذي يحمل الهوية السويدية.
عدد اليوم
