الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يعقوب الناسك..

25 يناير 2017 23:15
«في هذا العالم سيدان لا ثالث لهما، العلم والمريض»، بهذه الكلمات يطلُّ علينا «ملك القلوب»، كما وصفه الإعلام البريطاني، السير مجدي حبيب يعقوب، البروفيسور المصري البريطاني وجراح القلب الشهير، إذ انطلق في رحلته نحو الريادة العالمية العلمية والإنسانية من ريف مصر إلى ربوع إنجلترا؛ ليتربع على عرش جراحة القلب. جمع يعقوب الناسك بين النبوغ العلمي الفريد والعطاء الإنساني الاستثنائي، محققاً قفزات نوعيَّة في تطوير قدراته العلمية، فنال الزمالة الملكية من ثلاث جامعات عالمية «لندن وأدنبرة وغلاسكو»، كما أنجز 400 بحث في طب وجراحة القلب ليفوز عن جدارة بجائزة الشعب لعام 2000م التي نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية. لم تُنسه النجاحات المتتالية جذوره وأصالته، وكأنه جاب العالم بجسده وعلمه وترك قلبه منغمساً في تربة مصر، ليتربى ويترعرع بين الفئات الأقلّ حظاً في ريفها، علم أن المرض يضرب بألمه قلوب أبناء جلدته فرمّم مصابهم بمشرطه. ترك الناسك سبل الراحة ومنصات التتويج ومحافل التكريم، واختار أن ينشئ مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب ومركزاً للعمليات بالمجان عام 2009م في محافظة أسوان بصعيد مصر. بدأ المركز بطاقة استيعابية تصل إلى 400 حالة سنوياً، وفي مطلع 2016 تضاعفت ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 1000 عملية قلب معقدة مجانية سنوياً، تتراوح تكلفة العملية الواحدة بين 7 آلاف و15 ألف دولار يتحملها المركز كاملة. كما يوظف المركز ويدرّب ويؤهل 95% من كادره من الشباب المصري، لضمان النقل المعرفي وتأهيل قادة المستقبل في جراحة القلب عبر منصات تمكين إنسانية؛ هكذا يستثمر يعقوب الناسك في الغد. عالمية الإنسان وإنسانية العَالِم الناسك، ألهمته أن ينطلق بالخير الذي استوطن قلبه أينما حلّ وارتحل عبر أيادي التدريب والتمكين والعطاء، بتأسيس جمعيات خيرية لمرضى القلب من الأطفال في دول العالم، كـ«مؤسسة الأمل للأعمال الخيرية» التي تقدم خدمات إنسانية متنوعة للأطفال المرضى في العديد من الدول النامية، ويُبهرك يعقوب بتنافسية الذات مع العطاء الإنساني، حيث يقول: «هناك منافسة بيني وبين ابنتي «الطبيبة» فيمن يفعل للإنسانية أكثر». يقول آن فرانك: «لم يحدث أن أصيب أحدهم بالفقر من جرَّاء العطاء»، لكن يحدث أن يمتلك يعقوب الناسك شغاف القلوب، لا الثروات الطائلة؛ ويحدث أن يثبت للعالم أن «الحب» الإنساني قوي في إنقاذ الأرواح تماماً كـقوة «الـموت» في خطفها؛ فهل لنا بناسك آخر في خدمة المرضى والعالم والإنسانية كما فعل يعقوب ملك القلوب؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©