الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كرة القدم والهوى المرح

كرة القدم والهوى المرح
9 يوليو 2018 01:03
أحمد عثمان (باريس) يتجاهل الفيلسوف الفرنسي آندريه كونت- سبونفيل كرة القدم، تلك الرياضة التي تثير الشغف لا سيما أنها غير كاملة، من وجهة نظره. فكرة مواجهة الفلاسفة للهوى المرح، كما كرة القدم بما أن كأس العالم 2018 بدأ، تتأتى من قراءة كتاب صغير سعى كونت- سبونفيل في متنه إلى القول عن كل ما يفصله عن الرياضة على وجه العموم وعن كرة القدم على وجه الخصوص. في كتابه «قيم» (2017)، اقترح الفيلسوف المهموم بالمنهج تعريفاً: «الرياضة نشاط جسماني يسعى إلى المحافظة، وكذا تنمية، وعرض أو قياس القدرة التي تجعله (هذا النشاط) ممكناً، من دون أي هدف آخر سوف هذه المحافظة، هذه التنمية، هذا العرض أو هذا القياس، وأحياناً هذه اللذة التي تنضاف إليها أو التي نتلقاها (ومن ضمنها، حالة الاستحقاق، لذة المنافسة، النصر أو التشجيع)». حينما يلاقي المرء كونت- سبونفيل في مقهى بميدان شاتليه بباريس، يقول في نفسه إن المناقشة سوف تكون «رياضية» مع بداية مباريات كأس العالم لكرة القدم، حيث الانتصار في مباراة هو «الجميل». ينظر كونت- سبونفيل إلى كرة القدم من بعيد: «لست ضد المنافسة واللذة التي من الممكن التحصل عليها». في هذا الصدد، يدافع عن نفسه، ذلك الذي ظل طوال طفولته ينصت لأب عنيد يكرر مراراً وتكراراً على مسامعه أن لأي فرد منتمي إلى آل كونت- سبونفيل مكان واحد ممكن: الأول. «المنافسة صحية، والنصر يحقق الرضى الذي أفهمه. بيد أن عصرنا الإعلامي ينسى أن الرياضة ليست جوهر الحياة، ليست جوهر المجتمع، ليست جوهر الحضارة. أنها أمر ثانوي. اليوم، نعطي أهمية كبرى لنشاط يتبدى لي أكثر من مخبول». للفيلسوف ثلاثة أبناء، اليوم اجتازوا الثلاثين من عمرهم، ومن مشجعي نادي «أوليمبيك مارسيليا». وافق على مصاحبتهم إلى استاد فيلودروم. ولم يفهم شيئاً مما يجرى في الملعب. الصياح والصراخ من أجل رياضة معينة غير مبرر دوماً. هنا، اكتشف أحد أدلة الشغف الكوكبي: «تثير كرة القدم الهوى كثيراً لأنها رياضة غير كاملة»، هكذا كتب في «قيم». كيف يمكن فهم هذه المسافة ؟ أساساً، من الضروري الانصات إلى جسد المفكر: «مارست رياضة العدو، وهذا علمني بعض الأشياء من دون شك، مع إنني أجد مشقة في الإفصاح عنها، فقط ربما الخزي: كنت أركض كثيراً بالنسبة إلى مستواي». إذا لم يكن الجسد يفهم أي شيء، هل يستطيع العقل إدراك اللذة القائمة في «اندفاع» الجسد ؟ بالطبع لا: «بالنسبة لتجاوز الذات المفترض، وذاك بالتأكيد استعارة، ولكنها عبثية: اركضوا سريعاً بقدر استطاعتكم، أنا متأكد أنكم لن تستطيعوا تجاوزها أبداً». لا يتراجع كونت- سبونفيل عن آرائه، ويعارض مؤلف «الدراسات»: «نحن بدنيون بطريقة رائعة، كما قال مونتاني، أنا متفق مع هذا الرأي. غير أنني لست في حاجة إلى ممارسة الرياضة لكي أعرف ذلك أو حتى لكي أشعر باللذة». ومع ذلك، في نهاية المناقشة، وجد نقطة التقاء بين الرياضة والفلسفة: الحقيقة. إذ تكلم عن طرفة رواها صديق كان والده صحافياً بجريدة «لومانيته» وقارئاً «للبرافدا» (الحقيقة بالروسية): صفحات الرياضة في هذه الجريدة التابعة للحزب الشيوعي السوفييتي هي الوحيدة التي لا يتبدى الكذب فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©