الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لقاء الماضي والحاضر «5 - 5»

8 يوليو 2018 23:23
سكت أحمد ثمَّ استطردَ في الحديثِ وفي عينِهِ بدتْ نظرةٌ من الخجلِ وقال: لم أكنْ أعرفُ مدى الصُّعوباتِ التي واجهَها جيلُكم وأنْتم تعدّون لنا هذا الواقع الذي نعيشُ فيه، لقد تعرَّفتُ من خلال صفحاتِ هذا الكتابِ على حياة المغفور له الشيخِ زايد، طيب الله ثراه، وحرصِه على توحيدِ إماراتِنا، وتحدِّي العقبات التي مّر بها، وكيف كان يواجهُ كل الأحداثَ بشجاعةٍ نادرةٍ. نظر أحمدُ إلى جدِّهِ بفخرٍ وردَّدَ: جيلُكم يا جدي جيلُ الأبطالِ. رد الجدُّ: المهمُّ أن تحفظَ هذا التَّاريخَ ففيه ستعرفُ نفسَكَ، لولا القراءةُ ما كنتَ تعرَّفتَ عليه. قامَ الجدُّ من مكانهِ ومشى متوجِّهاً إلى الحديقةِ، وأحمدُ يرافقُهُ، كانت الشَّمسُ ساطعةً خارجَ المنزلِ، ونسماتٌ خفيفةٌ تتخلْل الأشْجار. واصلَ الجدُّ في مِشيته حتى وصلَ إلى شجرةٍ قد قُطعت ولم يبقَ منها سوى الجذعِ، وقفَ الجدُّ عند الجذعِ وأشارَ إليها بالعصا، وقال لأحمدَ: هل تعرف ما هذه الحلقاتِ الدائرية على جذعِ هذه الشَّجرةِ؟ نظر أحمدُ إلى الجذع البُنِّي المقطوع للشجرة، كانت الحلقات عبارة عن دائرةٍ صغيرةٍ في الوسطِ، ثمَّ تأتي بعدها دائرةٌ أخرى أكبرُ منها وهكذا حتَّى تشكَّلت حلقاتٌ متواليةٌ إلى أقصى طرفِ الجِذعِ، كانت هذه أولَ مرة يلاحظُ فيها أحمدُ هذه الحلقاتِ، أجاب أحمدُ وعلاماتُ التَّعجبِ تبدو عليه قائلاً: لا أعرفُ يا جدي. قال الجدُّ: كل حلقةٌ من هذه الحلقاتِ تمثِّلُ سنةً من عمرِ النَّبات، فإذا عددتَ الحلقاتِ ستعرفُ عمرَ هذه الشجرةِ وكلُّ حلقةٍ بها معلوماتٌ عن تلك السَّنة من جفافٍ أو وفرةِ مياهٍ أو مرضٍ حلَّ بهذا النَّبات، كلُّ هذا مدوَّنٌ في هذه الحلقاتِ واكتشفَها الإنسانُ. بدا أحمد في غاية الاندهاش من هذه المعلومات، قال الجد: انظرْ يا ولدي حتَّى الصُّخورُ تجدْ بها تدويناتٍ، وإذا قرأتَها ستعرفُ ماهو المدوَّنُ فيها من تاريخ. تحركَ الجدُّ وهو يقولُ لأحمدَ: عندما كنْت تقرأُ الكتبَ، هل كنتَ تشعرُ أنَّك مع أبطالِ هذه الكتبِ؟، قال أحمد: نعم. قال الجدُّ: ألمْ أقلْ لك إن القراءةَ تنْقلك إلى عالمٍ آخرَ، وهل تعرفُ ماهي أولُّ كلمة ٍنزلت على رسولِنا الكريم؟ نظر أحمدُ إلى جدِّهِ منتظراً قال الجدُّ: أولُ كلمةٍ يا ولدي هي كلمةُ أقرأْ. ولن نعرفَ العلومَ إلا بالقراءةِ ودولتُنا أولتْ اهتماماً كبيراً في مجالِ القراءةِ، كي نرتقيَ بهذا الوطنِ الغالي، ثمَّ دخلَ الجدُّ إلى داخل البيتِ، وتوجَّه إلى غرفتِهِ وأحمدُ يتبعُهُ، وهو يفكِّرُ في كلِّ ما قالَه، وقف الجدُّ في وسطِ الغرفةِ بعد أن تناولَ كتاباً ومدّهُ إلى أحمدَ، وهو يقولُ: اقرأ ْيا أحمدُ اقرأ..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©