الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«سرت المنسية».. من معقل للقذافي إلى ملاذ «داعش»

«سرت المنسية».. من معقل للقذافي إلى ملاذ «داعش»
5 فبراير 2016 05:14
طرابلس (أ ف ب) بقيت مدينة سرت الليبية معقلاً للزعيم الراحل معمر القذافي لأربعة عقود، لكنها، وفي غضون عام واحد، تحولت إلى ملاذ لتنظيم «داعش» على بعد 300 كلم فقط من أوروبا الخائفة من وصول التهديد الإرهابي إليها. وفي المدينة المتوسطية الواقعة على بعد 450 كلم شرق العاصمة طرابلس، تقطع الأيادي ويعدم الناس بشكل علني ويسود الرعب، وفي شوارعها الرئيسية، تنتشر منذ يونيو الماضي أعلام التنظيم الإرهابي، حسب ما يؤكد شهود عيان. وتجوب سيارات التنظيم شوارع سرت من الصباح وحتى المساء، يراقب ركابها حركة المارة وأصحاب المحلات، ويتأكدون من عدم خروج النساء من منازلهن من دون رجل يرافقهن. وأكد مسؤول في المجلس البلدي لسرت «الوضع مأساوي جداً، فالحياة المدنية معدومة، والأحكام المتشددة التي كنا نشاهدها في التليفزيون في العراق وسوريا باتت تفرض على السكان». ويتابع هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه والمتواجد خارج سرت حالياً «ما تبقى من سكان المدينة البالغ عددهم أصلا 180 ألف نسمة، أصبحوا أسرى الخوف والرعب، وأيضاً ضحايا التهميش وإهمال السلطات». وتحولت سرت منذ أن سيطر عليها تنظيم «داعش» بالكامل في يونيو الماضي بعد ستة أشهر من إعلانه وجود خلايا له فيها، إلى قاعدة خلفية له، يدرب فيها المقاتلين الليبيين والأجانب. ومع الضربات المستمرة التي يتلقاها هذا التنظيم في سوريا والعراق، أصبحت سرت التي تضم مطاراً وميناء يبعدان نحو 300 كلم عن إيطاليا، محطة رئيسة لاستقطاب المتشددين وإرسالهم لتنفيذ عمليات في الخارج، حسب تقارير عدة. ويقول مسؤول في المجلس المحلي للمدينة «إن داعش يعمل على تحويل سرت إلى معقل كبير للتطرف، حيث أصبح يفرض على المدارس، التي بقيت أبوابها مفتوحة، تدريس تصوره المتطرف عن الجهاد». ومنذ أن سيطر على المدينة، نشر التنظيم تسجيلات وتقارير مصورة عديدة عن الحياة اليومية في سرت، بينها مشاهد من محلات بيع الحلوى واللحوم، في محاولة لإظهار وتيرة حياة طبيعية فيها. لكنه لم يتوان أيضاً عن نشر تقارير تظهر عمليات قطع أيادي أشخاص اتهموا بالسرقة، وإعدامات في الساحات العامة في حق أشخاص اتهموا بممارسة السحر، أو التجسس، أو غيرها. وأفاد المسؤول في المجلس البلدي بأنه تم الإعلان عن 37 عملية إعدام بحق أشخاص في المدينة منذ دخول التنظيم إلى سرت قبل عام، بعضهم من الليبيين، لكن آخرين يحملون جنسيات عربية مختلفة بينها مصرية ومغربية. وأعلن التنظيم أول من أمس في تقرير بالصور بعنوان «حصاد الجواسيس» نشر على الإنترنت، إعدام ثلاثة أشخاص في سرت بتهمة التجسس لصالح تحالف «فجر ليبيا»، الذي خاض معه معارك استمرت أسابيع قبل أن يطرده من كامل سرت ومحيطها في يونيو. ودفع سقوط سرت في أيدي «داعش» نحو سبعة آلاف من سكانها إلى مغادرتها نحو مناطق قريبة، بينها طرابلس ومصراتة (200 كلم شرق طرابلس). ويشير المسؤول المحلي إلى أن النازحين من سرت إلى المناطق الليبية الأخرى «يتعرضون للتهميش من السلطتين»، السلطة المعترف بها دولياً في شرق ليبيا والسلطة الموازية في طرابلس وغرب البلاد. وتعرضت سرت التي كانت «مدللة» في ظل حكم القذافي خلال الثورة ضد النظام السابق لدمار كبير. وفي هذه المدينة، التي هي الموطن الأصلي لأبناء قبيلة القذاذفة، اعتقل معمر القذافي في 2011، ولجأ إليها بعد سقوط طرابلس في أيدي الثوار في نهاية أغسطس من العام ذاته. ودفعت سرت ثمن دعمها للقذافي غالياً، فقد تحولت شوارع بأكملها عقب انتهاء المعارك إلى مبانٍ مهدمة، بينما ظل سكانها ينتقدون السلطات الجديدة ويتهمونها بتهميشهم والانتقام منهم، وباتوا يطلقون على مدينتهم اسم «المنسية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©