فريد كابلان
محلل سياسي أميركي
نشرت وسائل الإعلام مفهومين مغلوطين عن استعادة الرقيب بوي بيرجدال الذي احتجز رهينة لدى «طالبان» لمدة خمس سنوات حتى مطلع هذا الأسبوع. فقد تمت مقايضة بيرجدال مقابل خمسة من المحتجزين في معتقل جوانتانامو. والمفهوم المغلوط الأول هو أنه خلافاً لمزاعم «مايك روجرز» وهو نائب جمهوري عن ولاية ميشيجان ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، ومزاعم آخرين، لم تتفاوض إدارة الرئيس أوباما مع «إرهابيين» لتستعيد بيرجدال. والأمر الثاني، وخلافاً للرسائل التي نقلها أوباما ووزير الدفاع تشاك هاجل، فهذه ليست مناسبة للاحتفال دون كدر. والنقطة الأولى مهمة سياسياً، فقد قدم الكثير من كتاب الأعمدة ورجال الكونجرس حججاً قوية على أن أميركا لا تتفاوض مع إرهابيين. حسناً، ولكن أميركا أحياناً تفعل ذلك أيضاً، والأمر المحوري هنا هو أن موفدي «طالبان» الذين تفاوض معهم المسؤولون الأميركيون في قطر بشأن مصير بيرجدال يمثلون فصيلاً سياسياً وقوة في الجيش في أفغانستان، وهم مقاتلون في حرب تخوضها الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، فبيرجدال لم يكن «رهينة» وهو مصطلح خاطئ آخر تفوه به «روجرز»، بل كان «أسير حرب» وما حدث في 31 مايو كان تبادلاً لأسرى حرب.
![]() |
|
![]() |
وأحد الاختلافات بين هذه الحالة والحالات الأخرى هو أن بيرجدال لم يُخطف أو يُعتقل أثناء دورية. ففي ليل يوم 30 يونيو عام 2009 استيقظ بيرجدال ببساطة وحمل متاعه وليس من بينه سلاحه وبعض الإمدادات القليلة وخرج. ولم يتضح سبب هذا، ولكن ربما بعد أن يُعالج من المفترض أن يكشف تحقيق الجيش عن السبب. وفي مقال مطول نُشر في صحيفة «رولينج ستون»، رسم مايكل هيستينجز صورة لبيرجدال باعتباره مغامراً يسعى للأخلاق النبيلة، تعلم في المنزل وأغوته الروايات عن الجنود الأخيار. فقد حاول من قبل أن يجند نفسه في الفيلق الفرنسي الأجنبي. ودرس لغة البشتون ثم زال عنه وهم رسالة الجيش هناك واستاء من عجز وحدته وانطلق إلى الجبال. ولكن على الجانب الآخر يرسم «ناثان برادلي بيثيا» وهو نقيب متقاعد من الجيش عمل في كتيبة بيرجدال نفسها في صحيفة «ديلي بيست» وفي مقابلة مع «بي. بي. سي» صورة لبيرجدال باعتباره شخصاً مضطرباً عقلياً ما كان يجب أن يسمح له بالانضمام إلى الجيش.
![]() |
|
![]() |
وهناك مفهومان آخران مغلوطان في هذه القصة. أولهما أن أوباما ودبلوماسييه أبرموا الصفقة منفردين بمقتضى سلطات الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة دون أن يطلعوا الكونجرس على الأمر. ولكن ما حدث حقيقة هو أن الرئيس قدم إفادة إلى مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ في يناير عام 2012 عندما باتت الصفقة وشيكة. والمفهوم الثاني هو أن المفرج عنهم سيعودون إلى أفغانستان ويقتلون الجنود الأميركيين. وهذا بعيد الاحتمال لأن المفرج عنهم الذين كانوا أعضاء بارزين في «طالبان» أيام شبابهم سيمكثون لمدة عام في قطر بموجب الصفقة. وبعد ذلك سيظل القطريون والأميركيون يراقبونهم رغم أن معنى هذا ليس واضحاً تماماً، ولكن شخصاً ما قد يوضحه لنا في الأيام المقبلة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»