الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منطقة «اليورو» وخفض تصنيف فرنسا الائتماني

16 يناير 2012
لم يشكل خفض تصنيف فرنسا الائتماني الممتاز "إيه. إيه. إيه" خبراً سيئاً فحسب، وإنما أحدث هزة خفيفة داخل العواصم المالية الأوروبية، ولاسيما أنه جاء في نهاية أسبوع بدا أنه يبعث على التفاؤل بخصوص فرص وقف الأزمة التي تتخبط فيها منطقة "اليورو". فقد خفضت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" تصنيف فرنسا إلى "إيه إيه+"، وهو ما أكده وزير المالية الفرنسي "فرانسوا باروان"، الذي قال "إنه ليس خبراً جيداً"، ولكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن التصنيف الجديد لبلاده يماثل تصنيف الولايات المتحدة الذي خُفض الصيف الماضي عقب أزمة حول رفع سقف الدين الأميركي. غير أن خفض التصنيف الائتماني يثير السؤال حول ما إن كان باستطاعة منطقة اليورو الاعتماد بشكل كامل على وصفة التقشف التي تدعو إليها ألمانيا من أجل محاربة أزمة دين ستكمل عامها الثالث هذا الشهر. وسيعني هذا الخفض على الأرجح معدلات اقتراض أعلى بالنسبة لفرنسا التي تمثل ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى نقص الثقة في الضمانات الفرنسية لصندوق آلية الاستقرار المالي الأوروبي الذي أنشئ في 2009 واستُعمل للمساعدة على تقديم إنقاذ مالي لليونان والبرتغال وإيرلندا ولتعزيز "جدار ناري" قصد منع نيران أزمة الديون الأوروبية من أن تمتد إلى البلدان التي تشكل نواة الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، فإن التصنيف الجديد يزيد من صعوبة العقبة التي تواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يخوض معركة كأداء في استطلاعات الرأي قبل انتخابات وطنية مرتقبة الربيع المقبل. والواقع أن خفض تصنيف فرنسا الائتماني لم يشكل مفاجأة بالكامل على اعتبار أنه سبق لوكالة "ستاندر آند بورز" أن حذرت فرنسا وعدداً من البلدان الأوروبية الأخرى نهاية العام الماضي من خفض محتمل، غير أن توقيته يقضي على لحظة تفاؤل نادرة في أوروبا. ولكن البعض يرى أن الأهمية الاقتصادية للخفض قد تكون ثانوية مقارنة مع ما ينطوي عليه القرار من تداعيات بخصوص الثقة في زعامة منطقة "اليورو" حيث يجادل "سوني كابور"، من مركز الأبحاث والدراسات "ري-ديفاين" الموجود مقره في بروكسيل، قائلاً: "إن الأمر يتعلق بخفض لتصنيف إدارة منطقة اليورو أكثر من أي شيء آخر"، مضيفاً "إن تأثير خفض التصنيف قد يكون محدوداً بالنظر إلى حقيقة أن العديد من المستثمرين يستعملون متوسط التصنيفات، علماً بأن وكالتي "فيتش" و"موديز" حافظتا على درجات تصنيف أعلى بالنسبة لبلدان مثل فرنسا، حتى الآن". وفي هذه الأثناء، تمكنت إسبانيا وإيطاليا من تحقيق مبيعات قوية لسنداتهما هذا الأسبوع بشروط إيجابية على نحو مفاجئ، ولعل الفضل في ذلك يعود جزئياً إلى الزعيم الإيطالي الجديد، رئيس الوزراء "ماريو مونتي"، الذي عمل من دون كلل على ملفات الديون والمالية والهيكلة والضرائب في بلاده، ويبدو ملتزماً وحسن الاطلاع، خلافا لسلفه "سيلفيو برلسكوني"، وهو ما يبدو أنه منح المستثمرين بعض الثقة. وعلاوة على ذلك، فقد أعطى البنك المركزي الأوروبي بعض إشارات الأمل لوقف أزمة "اليورو" حيث خرجت من البنك قرابة 632 مليار دولار الشهر الماضي نحو البنوك الأوروبية. كما التقى ساركوزي، ولاحقاً رئيس الوزراء الإيطالي "مونتي"، مع المستشارة الألمانية هذا الأسبوع وسط حديث جديد في برلين عن الحاجة إلى سياسات نمو تقابل التدابير التقشفية. وإلى ذلك تضاف عطلة الموسم التي شكلت استراحة من الاجتماعات -التي كانت تُعقد حول أزمة منطقة "اليورو" طيلة 2011 - في وقت كانت تغرق فيه إيرلندا والبرتغال ثم اليونان وإيطاليا بموازاة مع تفاقم الأزمة وارتفاع معدلات خدمة الدين عبر القارة. وقد كان كل واحد من تلك الاجتماعات يَعد بحل أزمة الدين، غير أنه في غضون 24 ساعة أدركت الأسواق أن ذلك لم يتحقق. وبعد بيع نحو 28 مليار دولار من السندات الإسبانية والإيطالية هذا الأسبوع، نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز البريطانية عن بيتر شافريك من مصرف "رويال بانك أوف سكوتلاند" قوله إن منطقة اليورو "قد تكون بصدد الدخول إلى حلقة إيجابية أكثر". وفي مطلع سنة 2012، حذر الخبراء الاقتصاديون من طريق صعب ينتظر الجميع، لافتين إلى تباطؤ النمو في المحرك الاقتصادي لأوروبا، ألمانيا، وحاجة متزايدة في الاتحاد الأوروبي إلى جمع ما يناهز 2.4 تريليون دولار لتسديد الديون المستحقة خلال الأشهر المقبلة. هناك قلق عميق من أن تكون بلدان الاتحاد الأوروبي قد بدأت، تحت "العقيدة الألمانية" من التقشف، تنجرف في اتجاهات مختلفة وتبتعد عن بعضها البعض بدلاً من أن تصبح أكثر وحدة مالياً. ويعزى ذلك إلى الافتقار إلى ما يسميه العالم الاقتصادي الفرنسي الشهير جون بول فيتوسي "روح الفريق"، والمقصود بذلك الشعور بأن "مصيرنا واحد وجميعنا معنيون بما يحدث". "فيتوسي"، الذي يقضي بعض وقته برفقة خبراء اقتصاديين من أمثال "أمارتيا سين" و"جوزيف ستيجليتز"، لا يعتقد أن أزمة "اليورو" قد انتهت. ففي حوار قصير معه، أشار الخبير الاقتصادي الفرنسي إلى غياب سياسة نمو حقيقية تحت "العقيدة الألمانية" التي تنص على قيام البلدان بـ"رفع الضرائب وخفض الإنفاق". كما لفت إلى أن البنوك الأوروبية لا تُقبل على شراء السندات العامة، "بل وتقول إنها لا تشتريها"، مثلما أعلن بنك "سوسييتي جنرال" الفرنسي هذا الأسبوع. وعلاوة على ذلك، فإن الـ632 مليار دولار التي قام البنك المركزي الأوروبي بإقراضها للبنوك الأوروبية الشهر الماضي، لا تتم إعادة إقراضها للقطاع الخاص. روبرت ماركند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©