محمد عريقات (عمان)
في زمن أصبح به الفن، وتحديداً الشعر، حالة ترف يكتب ويقرأ ضمنها، ما زال البعض من الشعراء مؤمنين بالشعر وبفاعليته بين الناس وقدرته على إحداث التغيير، ومن هؤلاء الشاعر الأردني عمر شبانة الذي يؤكد في كل عمل شعريّ يصدره، أن الشعر قيمة جمالية وأداة تنوير، إلى جانب أنه سلاح يشهره في حروبه كلها، حتى في حربه مع السرطان، كان الشعر هو الترياق الذي واجهه به، وبالفعل انتصر عليه ودحره بعيداً عن حياته التي يشغلها بالشعر والجمال.
في السنوات القليلة الماضية، تتابعت إصدارات شبانة الشعرية، أهمها كان «رأس الشاعر» عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، ومجموعته «سيرة لأبناء الورد» عن الدار الأهلية للنشر في العاصمة عمّان، ومؤخراً صدر للشاعر مختارات شعرية تحت عنوان «تحولات طائر الفينيق»، ضمن سلسلة الإبداع العربي، وهي سلسلة تعنى بنشر الإبداع العربي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
شملت المختارات قصائد من ديوانه «سيرة لأبناء الورد»، ومن ديوان «الطفل إذ يمضي»، و«رأس الشاعر»، و«غبار الشخص» راصدة التحولات التي طرأت على تجربة عمر شبانة من عام 1997 وحتى عام 2017، وهي تجربة مشغولة بالإنسان حبه، عذاباته، منافيه، تشرده، لا تكف عن طرح الأسئلة في وجه الوجود والعدم، تجربة مشغولة بالحياة والحب وفلسفته، حيث إن ما يميز شبانة، هو أنه ينطلق في كتابته عن الحب من حبه الخاص وتجربته معه، وكذلك في كتابته عن الوطن يبدأ بفلسطينه لينتهي وقد خبأ الأرض كلها في قصيدته.
من قصيدة «واحة» من مجموعة غبار الشخص تقرأ: كأني واحة/ يأتي إليها العابرون من الصحاري أو.../ كأني سلم لصعودهم نحو الحياة/ كأنني بيت يؤويه/ يمر المتعبون ويتركون غبارهم وغبار رحلتهم/ ولا يبقون للذكرى سوى آثامهم/ وسهامهم في القلب.
ومن قصيدة «رحلة أخرى إلى اللاشيء» من مجموعة رأس الشاعر:
«كم لوحت عيناك/ كم مدت يداك إلي أطواقا/ وكانت كلها طوقا لنسر/ كم أتوف إليك في طوق الحمامة والإلاف/ مهيضة روحي وقلبي في مهب الثلج/ قلبي النسر إذ يهوي لأرذل عمره/ يهوى النجوم/ ولا نجوم لديك/ يهوى الأزرق المجنون لكن لا يرى إلا سواد يديك».
عدد اليوم
