الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصريون يكتبون على سياراتهم عبارات تدرأ الحسد وتحض على التفاؤل

مصريون يكتبون على سياراتهم عبارات تدرأ الحسد وتحض على التفاؤل
16 يناير 2012
تعد الكتابة على السيارات من الأمور المألوفة في الشارع المصري، ولاسيما على سيارات النقل والأجرة والحافلات الصغيرة، كما يحلو للبعض لاسيما من أصحاب السيارات الخاصة وضع ملصقات ورسوم طريفة على هيكل السيارة من الأمام والخلف، ومن الجوانب أيضا تتناسب مع موديلات سياراتهم وتعبر عن درجة ثقافة كل منهم والحرص على تبديلها من حين لآخر وفقا للموضة. ويرى البعض في تلك الظاهرة مجرد وسيلة للتفاخر ولتجنب الحسد وشرور الطريق لاسيما وأن اقتناء السيارة بالنسبة لغالبية المصريين ليس بالأمر اليسير. لا تخطىء أعين المارة في شوارع القاهرة عبارات مدونة على واجهات السيارات المختلفة؛ فهذا تاكسي كتب عليه “محروسة من العين”، وهذا ميكروباص دون فوق زجاجه الخلفي عبارة “يا تهدي يا تعدي والأرزاق على الله”، في حين أضاف صاحب “التوك توك” عبارة “الإمبراطور وصل” و”محدش فاهم حاجة”. الحماية من العين يقول محمود عفيفي (42 سنة)، الذي يمتلك سيارة تاكسي جمع ثمنها من العمل خمس سنوات في الخارج، إنه عانى كثيرا من الحسد في الأيام الأولى التي تلت شراءه للتاكسي لذا كتب على جوانبه الأربعة عبارات لدرء الحسد مثل “يا ناس يا شر كفاية قر” و”عضة أسد ولا نظرة حسد” و”من العين يارب سلم.. عين الحسود فيها عود”. ويلفت إلى أنه ليس وحده المهتم بحماية سيارته من العين الشريرة فهناك من يفضلون كتابة عبارات من نوعية “ما تبصش لعَجلها لتجيب أجلها” و”يا ناس سيبوني أسدد ديوني” و”بيحسدوني عليكي وانت سر عذابي” و”يا رب احميها واحفظ من فيها” إلى جانب وضع الخرزة الزرقاء، وملصق كف اليد على الزجاج الأمامي”. وهناك من أصحاب السيارات من يتفنن في كتابة العبارات الدينية أو لصق ورقة لهذا الغرض، ويتراوح فحواها بين لفظ الجلالة والآيات القرآنية والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودعوة الآخرين لفعل الخير. ويقول عمر سالم سائق ميكروباص (53 سنة) “حرصت فور عودتي من أداء مناسك الحج قبل أربعة أعوام على أن أزين جوانب سياراتي بعبارات “لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلّ على النبي وأذكر الله وماشي بنور الله” كي لا أغفل عن ذكر الله دوما في أي من ساعات العمل، كما أنها بمثابة دعوة لغيري من السائقين على الطريق لذكر الله دوما”. وهناك أيضا من يحب أن يكتب على سيارته اسمه أو اسم حبيبته أو أسماء أطفاله الصغار مسبوقا بألقاب من نوعية الباشا والكينج والإمبراطور والسلطانة والأميرة والبرنسيسة، وهناك من يحب أن يطلق على سيارته أسماء تدل على الشجاعة والإقدام مثل “القلب الميت وعفاريت الإسفلت والصقر”. وغالبية هؤلاء من الشباب العامل في قيادة سيارات السيرفيس، ويجدون فيها نوع من التفاخر بالمهارة في القيادة، حسبما يؤكد صلاح هوندا (22 سنة)، ويضيف “ليس كل من يجلس وراء عجلة القيادة سائقا والسائق بجد لازم يدلع نفسه”. تفاؤل وطرافة هناك من يحرص على كتابة عبارات تحمل قدرا من التفاؤل والطرافة وتلخص رؤيته لكل ما يحدث حوله في مصر الآن، وأبرزها تلك العبارة الشهيرة “محدش فاهم حاجة”. وهناك عبارات أخرى من نوعية “لا نار ولا حريق حمادة الوحش ع الطريق”، و”للكبير احترامه” و”يا ناس يا فل الرزق للكل”.ويرى هؤلاء السائقون في تلك العبارات وسيلة للابتسامة وللتخفيف من معاناة القيادة في الطرق المزدحمة أو المسافات الطويلة. ويقول سمير حمادة (31 سنة)، سائق ميكروباص “هموم الحياة تجعل السائق في حاجة إلى الابتسامة ولو في عبارة يطالعها على هيكل سيارته أو السيارات التي تسير إلى جواره”. ويضيف أن هذا ما يدفعه من حين لآخر إلى تبديل العبارات المدونة على جوانب سيارته كي لا يشعر بالملل ويضحك عندما يطالعها. ويشير إلى انه يذهب من حين لآخر إلى الخطاط في منطقة الحرفيين بمدينة السلام شرق القاهرة ليملي عليه كتابة عبارة طريفة أعجبته في أغنية سمعها أو فيلم شاهده أو إعلان، مؤكدا أنه بعد إعجابه بمسلسل “سمارة” الذي عرض في شهر رمضان الماضي ينوي كتابة اسم “سمارة يا معلم” على أحد جوانب الميكروباص. وتعد الأغاني الشهيرة بمثابة المعين الذي ينهل منه كثير من أصحاب سيارات التاكسي العبارات التي تزين سياراتهم؛ فتجد أسماء أغنيات شهيرة مثل “أنت عمري ويا ظالمني” لأم كلثوم، و”من غير ليه وعاشق الروح” لمحمد عبدالوهاب، و”حبيب الروح ودوس ع الدنيا” لليلى مراد، و”الطير المسافر” لنجاة و”يا حبيبتي يا مصر وخلاص مسافر” لشادية. وهناك عبارات مستوحاة من مطربي الأغاني الشعبية “أنا بكره إسرائيل” لشعبولا، و”السح الدح امبو وسلامتها ام حسن وحبة فوق وحبة تحت” لأحمد عدوية، و”بحبك يا حمار” لسعد الصغير. كما تعكس بعض العبارات المدونة على هياكل وزجاج السيارات في شوارع القاهرة مدى النجاح الملحوظ للأغنية الخليجية بين المصريين في السنوات الأخيرة لاسيما أغنيات “عيني على أهل كايرو”، و”بتعدي في حتة أنا قلبي بيتكسر 100 حتة” للمطرب الشهير حسين الجسمي وأغنية “ادلع يا كايدهم” للمطرب عبدالمجيد عبدالله. كما للأفلام السينمائية والمسلسلات نصيب أيضا من العبارات التي تزين زجاج السيارات مثل “أوعى وشك” و”عمر وسلمى” و”أمير الانتقام” و”المجانين في نعيم” و”إسكندرية لية” و”سي عمر”. وهناك من يحلو له كتابة عبارات تحذيرية من مخاطر زيادة السرعة مثل “في التأني السلامة، ويا تهدي يا تعدي، ولا تسرع يا بابا نحن بانتظارك”. حجم المركبة اللافت أن حجم السيارة يلعب دورا في اختيار صاحبها للعبارات التي تناسبها فسيارات النقل اللورى الكبيرة غالبا ما يكتب عليها صاحبها “اللي خايف يوسع وحش الطريق وصل ومن حق الكبير يدلع”. وفي المقابل يجد أصحاب السيارات الصغيرة لاسيما الـ”توك توك” نوعية أخرى من العبارات تعوضهم عن ضآلة الحجم من نوعية “فطوطة وصل، وإذا كنت شاطر ألحقني، وما تبصليش بعين ردية بص للي اندفع فيا”. إلى ذلك، يقول هيثم متوكل (25 سنة)، صاحب توك توك “كل سيارة لها ما يناسبها من العبارات وقد وجدت في عبارة “محدش فاهم حاجة” مقولة مناسبة تعبر عن حالي، فأنا تخرجت في كلية الآداب ولم أجد عملا يناسبني إلا قيادة توك توك ساعدتني أسرتي في شرائه”. وينفرد أصحاب سيارات نقل الركاب بين المحافظات والمدن المختلفة بكتابة عبارات تدل على انتماء صاحبها لمدن معينة مثل “عروسة الشرقية رايحة مصر وجيه.. الدلوعة من الاسماعلية.. الطير المسافر جاي من الإسكندرية.. وسع للحلوة بنت المنصورة”. ويكاد غالبية أصحاب السيارات الأجرة يجمعون على كتابة عبارات مستوحاة من الأمثال الشعبية مثل “اتق شر من أحسنت إليه”، و”في العجلة الندامة وفي التأني السلامة”، و”الباب إلي يجيلك منه الريح سده وأستريح”. وتعد كتابة تلك العبارات على زجاج السيارات بمثابة مصدر دخل للخطاطين. ويقول محمد كمال الدين “من حين لآخر أجد صاحب سيارة يطلب مني كتابة أية قرآنية أو عبارة أعجبته أو مثل يراه يتناسب مع حالته والغالبية تترك لي حرية اختيار نوع الخط من نسخ أو رقعة، وكذلك الألوان ولذا أراعي دوما أن يتم ذلك في نوع من التناسق مع ماركة وموديل السيارة والمكان الذي تعمل فيه”. ويضيف “أكثر زبائني هم من الشباب الذين يملكون سيارات تاكسي أو سرفيس والكثير منهم يختار الأغاني أو العبارات الطريفة التي فيها شيء من النكتة”. ويوضح أن هذا العمل لا يحتاج إلى وقت طويل في الكتابة؛ إذ لا تستغرق كتابة أربع عبارات على جوانب السيارة سوى ساعة على أقصى تقدير، ويتقاضى في المقابل أجرا يتراوح ما بين 25- 50 جنيها حسب نوع وماركة السيارة والحالة المادية للزبون”، مشيرا إلى أنه أحيانا ما يقدم النصح للزبون إذا وجد في العبارة التي اختارها نوعا من خدش الحياء أو قلة الذوق.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©