الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأنشطة «اللامدرسية» تعبر المسافة بين تفريغ الطاقة وإنهاك الأبناء

الأنشطة «اللامدرسية» تعبر المسافة بين تفريغ الطاقة وإنهاك الأبناء
17 يناير 2014 22:44
الأنشطة الترفيهية اللامدرسية، التي تترافق مع ذهاب الأطفال إلى المدارس، أمر مطلوب ومحبب لدى فئة كبيرة من الأهالي وأبنائهم، غير أنها بقدر ما تشكل أهمية للنمو الذهني يجدها البعض غير ضرورية. وفي حين تزدحم الأجندة اليومية عند أسر معينة لجهة التنسيق بين الدراسة والرياضات البدنية والفكرية، تمر أيام أخرى عادية ونمطية ليس فيها سوى المذاكرة. جدول مزدحم تتحدث آمال سعيد أم لـ3 أبناء عن اهتمامها المفرط في جعل جدول أبنائها الأسبوعي مزدحماً بحيث لا يجدوا أي وقت للفراغ. إذ تعتبر الفراغ عدو الأطفال في مختلف مراحلهم العمرية بحيث يجعلهم خاملين ولا يترك لديهم أي دافع للتقدم. وتقول إنها تلاحظ نشاطا مفرطا لديهم في الدراسة عند العودة من أي هواية أو رياضة يمارسونها. والسبب أن مثل هذه الأمور تساعدهم على تفريغ الطاقة والتركيز أكثر مما لو كانوا يمضون كل وقتهم في المذاكرة. وتنصح أمال الأهالي بالتنبه لهذه المسألة، مشيرة إلى أن ابنها الأكبر (12 سنة) يمارس رياضة كرة القدم 3 مرات في الأسبوع وكذلك يخضع لدروس في السباحة مرتين في الأسبوع على الأقل. فيما ابنتها الوسطى (9 سنوات) تتعلم العزف على البيانو برفقة مدربة تزورها نصف ساعة يومياً في البيت. وابنتها الصغرى (7 سنوات) تذهب مرتين في الأسبوع إلى مركز خاص للتدريب على الباليه. ويذكر أحمد الحاج، وهو أب لـ 4 أبناء من جيلين مختلفين، أنه استفاد من تجربته الأولى مع ولديه الأول والثاني، وطبق السياسة نفسها مع الصغيرين. وذلك باعتماد مبدأ التوفيق بين أيام الأسبوع وبين الواجبات الدراسية وإمكانية تخصيص وقت للقيام بالأنشطة والذهاب إلى النادي الرياضي. واكتشف وقتها أن عامل الوقت ليس مشكلة كما يظن البعض، إذ إنه وبكل سهولة يمكن الجمع بين الواجبات الدراسية والترفيه. وذلك عبر النجاح في التعامل مع الوقت كقيمة يمكن الاستفادة القصوى منها، أي عدم هدر الساعات في البيت بحجة أن الطلبة يحتاجون إلى ساعات درس طويلة. وبحسب تجربته الناجحة مع ولديه الأكبر، أعاد الكرة مع ابنه الثالث وابنته الصغرى. فالولد (11 سنة) متفوق جداً في الدراسة، ومع ذلك فهو يتردد يوميا إلى نشاط معين حيث يجمع بين الكاراتيه وكرة السلة وتمارين السباحة. في حين أن ابنته (8 سنوات) هي الأولى في صفها، وتواظب خلال فترة العصر على حفظ آيات من القرآن الكريم في مركز تحفيظ قريب من بيتهم. وهذا برأيه إن دل على شيء يدل على ضرورة تنظيم وقت الأبناء من قبل الأهل، وتعويدهم على التوفيق بين أكثر من جانب. فريق معارض في المقابل، لا تتفق فئة من الأهالي مع نظرية المساواة في الأهمية بين الدراسة والرياضة، إذ إن المذاكرة تتقدم دائماً عن سواها. وهذا ما تشدد عليه نورة العلوي، التي تعتبر نفسها من الأمهات اللاتي لا يتهاون في هذا المجال. إذ تتعجب من الأهالي الذين يصطحبون أبناءهم إلى الأنشطة الرياضية أو حتى إلى السوق خلال الفترة المسائية، متسائلة من أين “يجدون الوقت لذلك؟” ولاسيما أنها تمضي أكثر من 4 ساعات يومياً في مساعدة ولديها على إنهاء واجباتهم المدرسية، وهما لا يزالان في المرحلة الابتدائية. وتذكر أن كمية الواجبات المطلوبة من الطلبة كبيرة جداً، ولا يمكن التهاون بها أو تقليص الوقت الذي تتطلبه. وهذا ما يجعلها تلغي الكثير من الزيارات أو مناسبات الخروج من البيت حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع، كي يتمكن أبناؤها من مذاكرة ما فاتهم. أما دلال عبد الرؤوف (أم لولدين وبنت)، وبالرغم من اعترافها بأهمية الرياضات وتحفيز المواهب لدى الطلبة، غير أنها تقف عاجزة عن التوفيق بينها وبين المذاكرة لأبنائها. وتعتبر أن الأمر قد ينفع مع صغار السن خلال فترة الروضة، أو مع الطلبة في المرحلة الثانوية عندما يصبحون قادرين على تنظيم أوقاتهم. وهي تتمنى لو أن كل المدارس تفعل الجانب الترفيهي لدى الأبناء داخل المدرسة وضمن الجدول الأسبوعي، بما يخفف عن الأهل هذا العبء. وتلفت إلى ضيق الوقت خلال فترة العودة إلى البيت، بما لا يتسع أصلا لإنجاز كل الواجبات. وتقول دلال إن أبناءها يعودون من المدرسة الساعة 3:30، وهم بمجرد تناول وجبة الغداء ينصرفون فورا إلى المذاكرة، وبالكاد ينتهون منها عند الـ8:30. وعليه تتساءل متى وكيف يمكن تخصيص وقت للرياضة. وفي حال تم ذلك في وسط المذاكرة، فإنهم لا شك سوف يتأخرون في الخلود إلى النوم، وتاليا سيضطرون إلى الاستيقاظ باكراً والذهاب متعبين إلى المدرسة بما يؤثر سلباً على قدرتهم على الاستيعاب. تنمية الملكات يؤكد سمير إدريس، وهو أب لولد وحيد يحرص كل الحرص على تثقيفه في الحياة عبر أكثر من ملكة. ويقول إن ابنه (15 سنة) يواظب منذ صغره على القيام بواجباته المدرسية على أكمل وجه. ولكونه يعشق كل ما له علاقة بالكرة، سجله منذ كان في الـ 6 من عمره في مركز أبوظبي الرياضي حيث يذهب بمعدل ساعة في اليوم ويتدرب على كرة اليد والكرة الطائرة وكرة السلة. وهو اليوم من أبرز اللاعبين ضمن الفريق، ولا يتأخر عن الذهاب إلى النادي إلا أيام الامتحانات، من باب الحرص على الدراسة أولا. ويعتبر سمير أن الأهل يخطئون عندما يشددون على أبنائهم بعدم الخروج لممارسة الهوايات بحجة الدراسة. ويرى أنه من الأولى أن يجمع الطالب بين الدراسة والرياضة حتى وإن كانت معدلاته وسط، بدلا من أن يكون مجتهدا في الدراسة، ولا يملك أي ثقافة عامة أو لياقة بدنية. وهو من جهته يؤمن بأن الأنشطة الترفيهية والممارسات الرياضية تفتح أفق الطلبة وتساعدهم على اكتشاف أمور في الحياة حتما لا يرونها في الكتب وحسب. أمر نسبي توضح الاستشارية النفسية الدكتورة دولي حبال في مركز الخليج التخصصي، أنه لا يمكن الجزم أبدا في هذه المسألة لأن أمر تنسيق الوقت على أهميته، فهو نسبي. وما يمكن تطبيقه داخل أسرة معينة قد لا يصلح بالسهولة نفسها مع أسرة أخرى. وتذكر أنه من الناحية النفسية، فكل ما يمكن أن يشكل ضغطاً على الطالب، هو أمر مرفوض لأنه يعيق قدرته على التركيز والإنتاج وحل المسائل الدراسية. وذلك سواء كان عامل الضغط المذاكرة المبالغ فيها أو إضافة عامل الرياضة كعنصر يفرض مسؤوليات أصعب لجهة تقليص الوقت المطلوب للدراسة. وتجد حبال أن الأنشطة الرياضية لها انعكاسات إيجابية على سلوك الطلبة والأطفال عموما، لأن العقل السليم يتماشى مع الجسم السليم والثقة بالنفس. ومع ذلك وبالقدر نفسه من الأهمية، من الضروري جداً أن يدرك الأهل لقدرات أبنائهم ولطاقاتهم الجسدية، وفيما إذا كانوا يقوون على التمارين خلال الأيام الدراسية أم لا. وفي حال لم يكن الطفل يعاني من أي صعوبات تعليمية أو بطء في إنجاز الواجبات والمذاكرة، وما إلى هنالك، فمن المؤكد أنه سيجد وقتا للرياضة. وتشير حبال إلى أن النوع الآخر من الطلبة من حقهم الترويح عن النفس وتفريغ الطاقات، وقد يكون البديل خلال عطلة نهاية الأسبوع والإجازات المدرسية الطويلة، كي يشعروا بشيء من التشجيع.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©