السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صديقة السوء.. أفعى تزحف نحو خراب البيوت

صديقة السوء.. أفعى تزحف نحو خراب البيوت
25 يناير 2010 21:44
اعتادت سلمى، صاحبة القلب الطيب، على البوح بأسرارها لصديقتها المقربة منها، فهذه الأخيرة تلم بكل صغيرة وكبيرة تقوم بها صديقتها، لكن بعد عشرة عمر، زادت على السنوات الثماني، أدركت سلمى أنَّ جميع من يعرفها من النساء، يعرفن عنها كل صغيرة وكبيرة، حتى ما يحدث على فراش الزوجية. بنبرة حزن، وألم يعتصر القلب، قررت سلمى أن تتحدث، وذلك بعد صمت دام أكثر من ثلاثة أشهر، تقول: «لم تصدق أذني ما سمعته، فصديقتي التي أعتبرها أكثر من أختي صدمتني بما فعلته، اعتقدتها في بداية صداقتي معها من أعز الناس على قلبي، لكنني اكتشفت بعد فوات الأوان أنَّها من أسوأ الناس، حصل ذلك بعد أن ائتمنتها على كل أسراري». تصمت سلمى، وتتنهد طويلاً، قبل أن تروي ما تبقى لها من آلام قائلة: «سمعت الكثير عن صديقات السوء، لكني لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن أصدم بأقرب الناس إلي، فقد كانت تدفعني للسهر معها خارج البيت، وأحياناً كان يطول بنا الأمر إلى منتصف الليل، رغم علمها أن زوجي يرفض التأخير ليلاً، إلا أنها كانت تصر على التأخير، مرددة عباراتها: «اطلبي الطلاق منه، فهو يقيد حريتك». لكنَّي كنت أتجاهل هذا الكلام». مجدداً تصمت سلمى قبل أن تضيف: «لا صداقة بعد اليوم، فيكفي ما حدث لي من هذه الإنسانة التي لا تستحق بالفعل أن تكون أكثر من حشرة سيئة». كثيراً ما تلجأ صديقة السوء إلى إفساد حياة المقربات منهن، خاصة اللاتي يكنَّ في سعادة وهناء، فتارة نراها تدعوهنَّ إلى الحب وصفاء القلب بعبارات وكلمات منمقة، وتارة أخرى تزعم البراءة والطهارة، ناسجة حولها حكايات بطولية، وقصص الشهامة والشجاعة، وتارة تدس، في خبث ودهاء ومكر، رقم هاتف أو صورة شاب في محفظتهن، فقط من أجل دفعهنَّ نحو علاقات تتصف بالفساد والسوء. لفت الأنظار «من سوق إلى سوق، ومن «كوفي» إلى آخر، فقط من أجل لفت أنظار أكبر قدر ممكن من الشباب». تقول ريما غسان (طالبة جامعية): «هذا هو حالي مع صديقتي المقربة لي بالجامعة، كنت قبل معرفتي بها مثال الفتاة الخلوقة والملتزمة، فنحن صديقات منذ أكثر من 5 سنوات، اعتادت كلانا على المشاركة في كل الأمور المتعلقة بالأخرى، بدءاً من الملبس، وحتى الإكسسوارات والجلوس بجانب بعض في الفصل الدراسي، أيضاً علامات المواد الدراسية متشابهة تقريباً، لكن الاختلاف الذي جعلني أنقلب رأساً على عقب اتجاه «زميلتي»، هو سعيها المستمر لدفعي إلى سلوك غير مستقيم، وقد لاحظت ذلك في سنة التخرج». تصمت ريما قليلاً، ثمَّ تتابع حديثها بانفعال: «وصل بها الحال إلى دفعي لمعرفة الكثير من الشباب والخروج معهم، وقد تطول جلساتنا إلى منتصف الليل بدون علم الأهل، حتى عرفت والدتي بذلك، وبعد الضغط عليّ من قبلها اعترفت بمن دفعني لذلك، فكانت النتيجة حرماني من التعامل معها، بل فُرض عليَّ الانتقال إلى إمارة أخرى بسبب هذا التصرف». عاقبة الطريق بدورها لينا التي فضلت الاكتفاء بذكر اسمها الأول فقط، وذلك خوفاً من معرفة أحد بمعاناتها، تقول عن رفيقة السوء التي استمالتها: «كان جواً جديداً بالنسبة لي، وشدني كثيراً، حيث كنت أكرر الذهاب معها أكثر من مرة، ولم يتعد الأمر ما وصفته، لكنني عندما كنت أتأخر عن البيت، وأخاف من أهلي، كانت تعلمني الكذب، وكانت تتصل بأمي بعض الأحيان، إن كنت مشغولة، لتطمئنها أنني معها نذاكر دروسنا، وبعد الانتهاء من المذاكرة سوف تصحبني بنفسها إلى البيت». تشير لينا، وعلامات الغضب واضحة على وجهها: «استمر الحال عدة شهور، وفجأة فوجئت أن الأمور بدأت تنقلب إلى ما هو أبعد من ذلك، ومن خوفي حكيت لزميلة أخرى أثق في عقلها ودينها، فنصحتني بسرعة بالابتعاد، وشرحت لي عواقب هذا الطريق، ونبهتني إلى ضرورة تجنب التواصل والاتصال مع صديقة السوء». تأثير ساحر لا شك أنَّ رفيقات السوء متواجدات في النوادي والجامعات والمدارس، حسب لبنى علي لطفي (جامعية)، التي تقول: «المعروف أن تأثير الفتاة على الفتاة مثل «السحر»، خاصة إذا كانت إحداهما تثق في الأخرى، وعادة الفتاة المفسدة تتمتع بوسائل جذب في كلامها وتحركاتها وتصرفاتها، ويمكنها أن تخدع البعض، وأن تبهر البعض الآخر، وهذه تكون بالفعل كالأفعى، تبث سمومها في رأس الأخرى فتقلب حياتها رأساً على عقب». وتلفت لبنى إلى أنَّه بإمكان أي فتاة أن تعرف شخصية الصديقة اللعوبة، تقول عن ذلك «يسعها بمجرد النظر في وجه قرينتها أن تفهم احتياجاتها، وما يمكن أن يسعدها أو يتعسها، يمكن معرفة تلك الفتاة، لكن في المقابل لا بد لكل الأمهات أن يتوخين الحيطة والحذر من هؤلاء الفتيات، وذلك من خلال مراقبة صديقات بناتهن، والتدقيق بهنَّ جيداً، ومعرفة البيئة التي خرجن منها، ولا مانع أبداً من أن تتدخل الأم بأسلوب جيد، في اختيار صديقات ابنتها المراهقة». تتفق شيماء الجيلاني مع لبنى، وتقول: «يجب الابتعاد عن صديقة السوء، فهذه «الصديقة» غالباً ما تتصف بالحقد والكراهية والضغينة للصديقات الأخريات، خاصة إن علمت أنهنَّ أكثر سعادة وراحة منها، لذلك تتولد لدى تلك الصديقة السيئة دوافع الحقد والمكائد من أجل النيل ممن تشعر بالغيرة منها». تسترسل الجيلاني مضيفة: «يجب الابتعاد قدر الإمكان عن تلك الصداقات، فهي تكون نهايتها خراب البيوت، ودمارا للعلاقات الأسرية، أو بداية الانحراف نحو الطريق الخطأ، وهنا تكمن المصيبة الكبرى». مطب نسائي تروي شادية الوهابي حكاية تعرضها لهذا المطب النسائي، عندما باحت لصديقة عُمرها بتصرفات زوجها المجنونة، تقول عن ذلك: «شكوت لصديقتي التي تكبرني بسنوات الخبرة في الحياة الزوجية، وقد اعتقدت في بادئ الأمر أنها ستفيدني بخبرتها في الحياة، ولقد استمعت إليّ بإنصات شديد، ثم بادرتني بالقول: زوجك لعوب ولا علاج له على الإطلاق سوى طلب الطلاق، والزواج من رجل يقدِّرك، ويعطي جمالك حقَّه». تصمت الوهابي معلقة على رد صديقتها: «لم أكن أظن أن الأمر سيصل إلى الطلاق، بل توقعت منها أن تنصحني في الخطوات التي يجب أن أتبعها مع زوجي للخلاص من المشكلة، أمَّا أن ينتهي أمري إلى الطلاق مثلها، فهذا من سابع المستحيلات». مدرسة للكذب بدورها تحكي طالبة جامعية كيف أفسدتها صديقتها، وكيف علمتها الكذب على أسرتها، تقول رولا عصام: «مرت السنة الأولى في الجامعة بخير، إلى أن تعرفت في السنة الثالثة على إحدى الزميلات التي دعتني يوماً للغداء في منزلها، وهناك فوجئت بعائلة مختلفة تماماً عن طبيعة عائلتنا، فأمها سيدة متحررة للغاية ومطلقة، ولها شقيق يكبرها، وفي البيت فوجئت بمجموعة من الشباب من أصدقائها وأصدقاء أمها، يمزحون ويمرحون ويتصرفون بحرية وتلقائية». تتابع رولا وعلامات الضيق والحزن على وجهها: «استمرت علاقتي بصديقتي إلى أن تعرضت لتحرش من قبل أخيها، فلم يعجبني الحال، واشتكيت إليها وإلى والدتي، فبدا الأمر كما لو أنَّه عادي بالنسبة لهما، ومنذ ذلك اليوم أخذت على نفسي عهداً ألا أصادقها، وأن أتجنب الاتصال بها». ينخرن البيوت من جانبها تعلق الأخصائية النفسية، منال حسن بن ذيبان، على الموقف بالقول: «صديقات السوء مثل السوس الذي يصيب الأسنان السليمة، فيبدأ بمهاجمة الضرس بدون أن ندركه، إلى أن يصل للعصب ويأكل الضرس، وبعد ذلك نقوم بخلع الضرس، وكذلك صديقات السوء، فهن ينخرن في البيوت إلى أن يهدمنه، يحصل ذلك بطريقة بطيئة، حيث تبدأ تلك الصديقة بعلاقة صداقة رائعة، تجعلنا نظن أنَّها صديقة مثالية، ولكنها لا تلبث أن تنشر تأثيرها السام بوسائلها الجذابة من خلال كلامها وتصرفتها المخادعة، مع التظاهر بالأخلاق الحميدة والمبادئ السامية، فتبهر الجميع بأنها امرأة صالحة، ولكنها تبث سمومها في رأس صديقتها وتقلب حياتها، وبذلك تحقق غايتها النكراء». تضيف بن ذيبان: «السبب الأول لهذه المشكلة أنَّ المرأة تفهم المرأة جيداً، وتدرك عواطفها، وحجم مشكلتها، ومدى سعادتها، فهذه المرأة السوسة تعطي صديقتها إحساساً بأنَّها تفهم معانتها وترغب في إسعادها، والسبب الثاني يتمثل في ضعف ثقة المرأة الأخرى بنفسها، مما ينعكس على ثقتها بزوجها، ويدفعها إلى فتح أذنيها لكلام الصديقة المفترضة». دوافع مريضة أما الدوافع التي تتحكم بناخرة البيوت تلك، فتصنفها بن ذبيان في غياب الوازع الديني، وعدم شعورها بالاستقرار الأسري، والأمان الاجتماعي، ومعانتها من المشكلات الأسرية، أوتعرضها للعنف الأسري مثل الضرب أو التحرش أو الاغتصاب، وكل ذلك يؤجج لديها الرغبة في الانتقام، ويدفعها للحسد من الأخريات، إضافة إلى عامل الفراغ، وانعدام وجود هدف في الحياة، حيث تعد هذه الأسباب من أهم دوافع هذه الفئة للتدمير البيوت». ذيبان تنصح كل الفتيات بعدم إعطاء الثقة الكاملة للصداقات، وبالتالي عدم الإفصاح عن الأسرار والمشكلات الخاصة. مستشهدة بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، «إن الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيباً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثاً».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©