الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليمين المتطرف.. إنها الفرصة

14 يناير 2015 23:00
أدت موجة الإرهاب التي خلّفت 17 قتيلًا في باريس ومحيطها إلى شعور جديد بانعدام الأمن عبر أوروبا -ولكن أيضاً إلى ما يمكن أن يكون لحظة مفصلية بالنسبة لقوى اليمين المتطرف المعادية للمهاجرين والإسلام. فقد أخذت الحركات القومية والشعبوية تصعد عبر القارة، وخاصة في فرنسا، حيث أضحى حزب الجبهة الوطنية -الذي كان مرتبطاً ذات يوم بالمتعاونين السابقين مع النازيين- هو ثالثَ أكبر قوة سياسية في البلاد، ويبدو أن اليمين المتطرف يرى فرصة في تفشي مناخ الخوف والقلق الذي يمكن أن يعزز تحامله المزمن ضد المهاجرين المسلمين ودعواته إلى تشديد الأمن ووضع حد للهجرة. وعلاوة على ذلك، فقد أخذ العنف الإرهابي يغذي المخاوف من رد فعل مناوئ للمسلمين، وخاصة بين الجالية المسلمة في فرنسا التي يبلغ تعدادها 5 ملايين نسمة، والتي تُعتبر هي الأكبر في أوروبا، حيث يقول زعماء الجالية المسلمة إن الأيام التي تلت هجوم الأسبوع الماضي شهدت وقوع 54 «هجوماً معادياً للمسلمين» -وهو عدد غير مسبوق شمل هجمات على عدد من المساجد. وفي هذا السياق، تقول سارة بلحداد، وهي طالبة مسلمة فرنسية من باريس في السابعة عشرة من عمرها: «إنني خائفة جداً مما ستحاول الجبهة الوطنية القيام به». ووسط هذه المأساة، لم تتوقف مارين لوبن -زعيمة الجبهة الوطنية، التي سبق لها أن شبّهت هجرة المسلمين إلى فرنسا ذات يوم بالاحتلال النازي– عن ترداد رسالة مفادها أن على الفرنسيين ألا يبقوا «ملائكة»، حسب تعبيرها! وأمام إحجام منظِّمي المسيرة الوطنية التاريخية يوم الأحد الماضي عن توجيه الدعوة لها للمشاركة، اختارت زعيمة الحزب المثير للجدل تنظيم مسيرة أخرى خاصة بها في جنوب فرنسا. وقالت لوبن في حوار أجري معها يوم الاثنين الماضي بمكتبها في الضاحية الغربية لباريس: «إنها نقطة تحول بالنسبة لهذا النقاش المفتوح»، مضيفة «إذا اختار السياسيون بعد هذه الهجمات القضاء على أي إمكانية لمناقشة هذه المواضيع، فإن ذلك سيعني أن الضحايا قد ماتوا مرتين». والواقع أنها ليست الوحيدة التي تعتقد ذلك. ففي الأيام التي أعقبت الهجوم، سعى اليمين المتطرف من إسبانيا إلى ألمانيا مروراً بفرنسا، إلى استغلال أحداث الأسبوع الماضي وركوب موجتها. وقد تكون مساعيه تلك قد بدأت تؤتي أكلها. ففي ألمانيا، تنشط منظمة صاعدة معادية للمسلمين تدعى «بيجيدا»، وتثير قلق السياسيين الألمان على نحو متزايد، وهي تنظم مسيرات أسبوعية في عدد من المدن الألمانية منذ أكتوبر الماضي. وأكبر مسيراتها خرجت في مدينة دريسدن شرق البلاد وشارك فيها عدد قياسي من المحتجين المناوئين للمسلمين مساء يوم الاثنين قدر بـ25 ألفاً، وهو عدد أكبر ب7 آلاف من العدد الذي سُجل الأسبوع الماضي، في وقت قال فيه المنظِّمون إنهم تمكنوا من تعميم ونقل مظاهراتهم إلى مدينتين ألمانيتين أخريين هما ميونيخ وليبسيج. كما وافقوا على تنظيم مظاهرات احتجاجية مماثلة في دول أخرى مثل بريطانيا والنرويج وإسبانيا والدانمارك. ولكن المظاهرات المضادة في بعض المدن -وخاصة برلين- كانت أكبر بكثير. وقد أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي نبّهت إلى شعور عام بالقلق، أنها ستنضم إلى مسيرة تنظمها منظمات مسلمة في بحر هذا الأسبوع في برلين دعماً للحرية والتسامح. وعلى رغم أن المتطرفين الإسلاميين اللذين شنا هجمات الأسبوع الماضي كانا مواطنين فرنسيين ينحدران من أصول شمال إفريقية، إلا أن الحادث استُغل من قبل البعض الذين سعوا إلى تصويره باعتباره مشكلة تعزى إلى الهجرة. ففي إسبانيا مثلاً، دعا مانويل كاندويلا، زعيم حزب الديمقراطية الوطنية اليميني المتشدد، الذي يعتبر هو المعادل الإسباني للجبهة الوطنية في فرنسا، في تدوينة على صفحته في فيسبوك إلى «سياسة ترحيل» جديدة، مضيفاً: «إن أوروبا للأوروبيين». وفي بريطانيا، اتُّهم نايجل فراج، زعيم حزب الاستقلال البريطاني من قبل البعض بانتهاج مواقف لا تراعي الحساسيات عندما خرج، بعيد قيام متطرفين إسلاميين بقتل صحافيي «شارلي إيبدو»، ليحمّل مسؤولية الهجوم للتنوع الثقافي في مدن مثل لندن وباريس. يذكر هنا أن استطلاعاً للرأي أجرته في اليوم الموالي شركة «يو-جوف» أظهر ارتفاعاً في دعم الجمهور له حيث قفز من 4 في المئة إلى 18 في المئة في ظرف أربعة أيام. أنتوني فايولا وجريف ويت – باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©