الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختيار الحرية في «51 بارك»

9 أغسطس 2010 23:01
لا جدال في أن الإرهاب عمل وحشي مدمر، وأن هدفه النهائي هو إشاعة أجواء الذعر والخوف والكراهية. ويأمل الإرهابيون عادة في إثارة الحلفاء ضد بعضهم بعضاً، وإذكاء التوترات بين أبناء الوطن الواحد. وقد كانت الجرائم الوحشية التي ارتكبها الإرهابيون يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 مدمّرة بشكل خاص، وما زال الخوف الذي ولّدته تلك الهجمات، من نواحٍ عديدة، موجوداً ونشعر به حتى يومنا هذا. وعلى خلفية تلك الهجمات المروعة نشط البعض في أميركا، منذ الربيع الماضــي، في انتقاد فكرة بناء مركز اجتماعي إسلامي، اقترح بناؤه في منطقة مانهاتن السفلى، وقد سماه من أطلقوا مبادرته "بيت قرطبة". غير أنهم غيروا مؤخراً اســمه ليصـبح "51 بارك"، في إشارة إلى عنوانه الواقع في "51 بارك بليس"، للتأكيد على أنه سيكون على بعد مربعات قليلة لا غير من موقع النقطة صفر، وأنه ليس "مسجد النقطة صفر" كما أحب البعض تسميته من قبل، وعلى وجه التحامل والتنفير. وسيضم مركز "51 بارك" عند إنجازه "مدرجاً يحتوي على 500 مقعد، وحوضاً للسباحة، ومساحات للعروض الفنية، ومكتبات، ومطاعم"، وسيشكل "رابطة ثقافية" لمدينة نيويورك، بحسب ما أفادت واحدة من المنظمات التي ترعاه، تسمى مبادرة قرطبة، وهي منظمة تشجع العلاقات الإيجابية بين المسلمين والغرب، وتنشط في مجال الحوار بين الأديان. ومع أن مجموعة مسلمة هي التي تتبناه، ووجود مصلى خاص بالمسلمين فيه، إلا أنه سيكون مفتوحاً لجميع سكان مدينة نيويورك، وسيضم أفضل المرافق والخدمات التي تقدمها عادة المراكز الاجتماعية لمرتاديها. ولكن على رغم قيمة "51 بارك" وإضافته الواضحة للمدينة ومواطنيها، إلا أن موقعه على بعد مربعات قليلة من "منطقة الصفر" هي ما أثار تحديداً تلك الاحتجاجات الهادفة في الأساس إلى إبعاد بعض الأميركيين المسلمين عن ممارسة شعائرهم الدينية بحرّية وسلام، والتي لا تريد لهم أن يفتحوا أبوابهم بأسلوب أميركي حقيقي للترحيب بضيوفهم من كافة التقاليد والخلفيات الثقافية والدينية. ومن سخريات الصدف الرهيبة أن بعض معارضي "51 بارك"، بحجّة مكافحة الإرهاب، يدعمون، من حيث لا يشعرون، أجندة الإرهابيين الذين هاجمونا بوحشية يوم الحادي عشر من سبتمبر، وبأسلوب يفتقر إلى الذكاء بشكل كبير. فقد أرادنا الإرهابيون أن نكون خائفين. وأرادونا أن نضع حقوقنا في سلال الفشل. وأرادونا أن نعتقد أن أميركا لا ترحب بجميع الديانات. وأرادوا منا أن نتنكر لأنفسنا من خلال تبخيس مبادئنا. وعلى رغم أن التعديل الأول ضمن دستور الولايات المتحدة يوضِّح أن "الكونغرس لن يسنّ أي قانون يتعلق بإنشاء ديانة أو يمنع ممارسة أية ديانة"، إلا أن الأمر يعود في نهاية المطاف إلى المواطنين الأميركيين لكي يضمنوا تطبيق المبادئ التي يقدمها الدستور بكاملها. وعندما تُمنَع مجموعة دينية، بالقول أو بالممارسة، من إنشاء مكان تجمع لها ولجاليتها، فهذا هو التعدي على مثل تلك المثل والقيم. وتزداد الاحتجاجات ضد "51 بارك" تلك تهافتاً إذا عرفنا أنها عملت من أجل تعطيل حرية جالية دينية معينة تسعى ليس فقط لبناء مكان تجمّع لها، وإنما أيضاً لتوفير ساحة مفتوحة للأميركيين من كافة الأديان. يجب علينا كأميركيين أن نقف إلى جانب مركز "51 بارك" باعتبارنا مواطنين في مجتمع وهناك بالفعل حركة جديدة نشطت لتفعل ذلك. وتسعى هذه الجماعة التي تعرف باسم "الحريات الدينية في أميركا" إلى حماية حقوق جميع الأميركيين، وهي تعمل الآن على تركيز جهودها بالذات على دعم مركز "51 بارك". وتنوي حركة "الحريات الدينية في أميركا"، بوجود قاعدة قوية ومتنوعة في مجلس مستشاريها، أن تبدأ حملة إعلامية لتقوية أصوات القادة الحاليين والمستقبليين الصادقين مع ما تقوله قناعاتهم ووطنيتهم والناشطين في مجال دعم الحريات الدينية، والذين يدعمون اليوم "51 بارك". وستستمر حملة الدعم إضافة إلى ذلك ضمن جهود استقطاب الرأي الأوسع التي تغطي الجامعات والتجمعات الدينية والمدارس الدينية والمنظمات المجتمعية. وقد وجدْتُ بصفتي أحد المؤسسين المشاركين لمنظمة "الحريات الدينية في أميركا"، أن جهدي في هذه القضية عمل وطني وديني بشكل لا لبس فيه. وبصفتي يهوديّاً وحاخاماً مستقبليّاً، أجد أنني لا أستطيع أن أصلّي بكامل قلبي عندما لا يستطيع آخرون في المدينة أن يجتمعوا ليفعلوا الشيء نفسه، خاصة عندما يسعون لفتح أبوابهم للآخرين بروح الأخوة الإنسانية والتسامح الديني. جوشوا ستانتون كاتب وناشط في مجال حوار الأديان ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©