الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات ماساتشوستس... درس لـ«الديمقراطيين»

25 يناير 2010 01:29
تيم روتين محلل سياسي أميركي لا شك أن المحللين السياسيين في الحزبين الأميركيين معاً سينكبان في الفترة القادمة من الزمن على فحص المعاني التي انطوى عليها السباق الانتخابي في ولاية ماساتشوستس، وذلك لما شكله فوز المرشح "الجمهوري" من مفاجأة كبرى للمراقبين في ولاية اعتبرت معقلاً تقليدياً للديمقراطيين ومكانا يتوارثه مرشحو الحزب منذ عقود طويلة، كما لم يتوقع أحد أن يفقد "الديمقراطيون" المقعد الذي حافظوا عليه لسبعة وخمسين عاماً إلى أن جاءت الانتخابات الأخيرة وأثبتت العكس. وبالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها حالياً موضوع التغطية الصحية والإصلاح المطروح على الكونجرس، فإن العديد من المحللين سيذهبون إلى أن انتكاسة الحزب "الديمقراطي" هي في الأساس تصويت على رفض المشروع من قبل الناخبين وضربة موجهة لخطط أوباما في هذا السياق. والحقيقة أنه إذا كان هناك من خطأ استراتيجي ارتكبه أوباما خلال سنته الأولى في السلطة هو محاولته الدفع قدماً بمشروع إصلاح النظام الصحي وفي نفس الوقت مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير، هذا بالإضافة إلى محاولة الخروج من حرب العراق وفي الوقت نفسه الاستعداد لرفع عدد القوات الأميركية في أفغانستان والاستمرار في حرب أخرى هناك لا تقل ضراوة عن سابقتها. وبالطبع لا يمكن إغفال الأخطاء التي ارتكبها أوباما ومساعدوه، أو الأداء الضعيف الذي ظهرت عليه الماكينة الانتخابية الديمقراطية خلال الانتخابات الأخيرة، ولم ينجحوا في التسويق لمشروع الإصلاح الصحي، فالبرنامجان المعمول بهما حالياً "التأمين الاجتماعي"، و"الرعاية الصحية" يحظيان بشعبية كبيرة لسبين اثنين: أولًا أنهما يغطيان الجميع، وثانياً لأن فوائدهما معروفة ويسهل توضحيها خلافاً لمنافع الإصلاح الحالي، الذي يبقى فضفاضاً وغير واضح. ففي الولايات المتحدة التي يصل عدد سكانها إلى 300 مليون نسمة فقط 30 مليونا منهم لا يستفيدون من التغطية الصحية، وهي فضيحة ومأساة بالنسبة لمن هم خارج التغطية، لكن من الناحية السياسية تبقى الفائدة المنتظرة من الإصلاح الصحي لمن هم ضمن التغطية أصلاً، أي 270 مليون نسمة، غير واضحة وضئيلة. وفي جميع الأحوال إذا حصرنا تحليلنا في مسألة التغطية الصحية، فإننا نغفل عن عوامل أخرى أكثر عمقاً وتأثيراً أدت إلى النتيجة التي شهدناها في الأسبوع الماضي، ورغم ظهور مسألتي الإصلاح الصحي "والحكومة الكبيرة" كأحد تجليات التململ، الذي يعصف بالمجتمع الأميركي يبقى الأمر أعمق من ذلك، فحتى لو كان الرئيس جمهورياً لشهدنا جدالًا من نوع آخر حول خفض الضرائب والجدوى من مفهوم "الحكومة الصغيرة"، بل الأكثر من ذلك تراجع معدل شعبية ممثلي الحزبين معا في الكونجرس إلى ما دون 50 في المئة ما يؤشر على تجاوز الأزمة للاستقطابات الحزبية وحفرها عميقاً في المجتمع. فقد أظهرت الانتخابات الأخيرة أن الاستياء الشعبي جاء أساساً من المستقلين الذين ينتمون في مجملهم إلى الطبقة الوسطى حيث تتقدم الانشغالات الاقتصادية على ما سواها، وهي انشغالات حقيقة ليست مرتبطة بالضرورة بتقييم حصيلة أوباما في البيت الأبيض. والحقيقة أن معدل دخل الرجل الأميركي ظل راكداً ولم يرتفع بعد احتساب نسبة التضخم منذ السبعينيات، بحيث اضطرت أغلب الأسر للتعويض عن ذلك إلى إرسال الأم للعمل خارج البيت في وقت يعتقد البعض أن ذلك ناتج عن توسع حريات المرأة في حين أن القليل فقط يعترف بالإكراهات الاقتصادية التي دفعت إلى خروج المرأة للعمل. وعندما اجتاحت البطالة المجتمع بعد الانهيار المالي تخلخل هذا التوازن الهش في ظل واقع هو أسوأ بكثير، مما تكشف عنه الأرقام، فحسب الدراسة التي قامت بها "إليزابيث وورين" من جامعة هارفارد والتي ترأس لجنة تابعة للكونجرس مكلفة بالإشراف على إنقاذ البنوك هناك 20 في المئة من الأميركيين إما عاطلون عن العمل، أو شبه عاطلين، أو توقفوا عن البحث عن وظيفة، كما أن واحدا من بين كل ثمانية أميركيين يعيشون على البطاقة التموينية، وواحدا من بين كل ثمانية عليه رهون عقارية في الولايات المتحدة إما أنها معسرة، أو معرضة للاحتجاز، وبسبب تخلي المشغلين الأميركيين عن التأمين الاجتماعي للموظفين وتوفير تعويضات التقاعد اضطر عشرات الملايين منهم للاستثمار في سوق الأسهم لتأمين معاشاتهم، بحيث حذفت الأزمة خمسة تريليونات دولار من حساباتهم. وفيما يعتقد البعض أن الطبقة الوسطى تتحمل مسؤوليتها في الانهيار المالي بسبب إسرافها في الإنفاق، تشير "وورين" إلى ما هو مختلف "فمنذ مطلع الألفية الثانية انحصرت مصاريف العائلات الأميركية في تسديد أقساط الرهون المنزلية التي تضاعفت بمرتين مقارنة بالجيل السابق، كما كان عليهم أيضاً أن يضاعفوا إنفاقهم للحفاظ على التغطية الصحية، هذا ناهيك عن أن العائلات اليوم تنفق أقل على الغذاء والملابس والأثاث وباقي الأدوات المنزلية مما كانت تفعل في السابق دون أن يعني ذلك أنهم يدخرون أكثر". وفي الوقت الذي يتعامل فيه المشغلون مع موظفيهم وكأنهم وسيلة لتعظيم الأرباح في نهاية السنة فقد لجأوا إلى تسريح أعداد كبيرة منهم، وحتى الذين يتوفرون منهم على وظائف ثابتة باتوا يخشون من انعدام الأمن الوظيفي. هذه الهشاشة الاقتصادية التي باتت تتحملها الطبقة الوسطى أفرزت طبقة أخرى لا تتجاوز 5 في المئة لكنها تستفيد من الجزء الأكبر من ثروة البلاد، وهذا بالضبط ما يثير حفيظة الأميركيين ويغضبهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©