فريدريك ويهري
باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي للسلام الدولي
تواجه ليبيا أعمال عنف هي الأسوأ من نوعها منذ اندلاع ثورتها عام 2011 لتقذف بالبلد في أتون مرحلة جديدة من انتقالها المتعثر نحو الديمقراطية الموعودة، وهو الأمر الذي يطرح تحديات كبيرة ليس فقط لليبيا والليبيين، بل أيضاً للولايات المتحدة التي تراقب ما يجري بقلق بالغ، فقد تحرك مؤخراً الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، ومعه تحالف متنوع من القبائل الشرقية، وضباط سابقون في الجيش، بالإضافة إلى سياسيين من ذوي التوجه العلماني، ليشن هجوماً مسلحاً على الميلشيات الإسلامية في بنغازي، بل إن وحدات بأكملها في سلاح الجو ومعها قائد القوات الخاصة في المدينة، الذي يتمتع بمكانة مرموقة لدى السكان، شاركت في الهجوم، بعد أن انشقت عن النظام المؤقت وانضمت إلى حفتر. والمشكلة أن العنف المستجد لم يقتصر على بنغازي، حيث يقيم «حفتر» ومعه قاعدته، بل امتد إلى العاصمة طرابلس من خلال حلفائه هناك الذين لم يترددوا في التجاوب مع الجنرال ومهاجمة «المؤتمر الوطني» العام الذي يمثل الهيئة السياسية والدستورية الوحيدة في ليبيا، مطالبين بحله وتعطيل نشاطه.
![]() |
|
![]() |
وفيما يبدو أنه نوع التسوية تم الاتفاق على إجراء انتخابات لاختيار مجلس تشريعي جديد في 25 يونيو الجاري، لكن رغم الاتفاق على موعد للانتخابات فتحت أعمال العنف الأخيرة الباب على مصراعيه أمام سابقة خطيرة بعد أن بدت ليبيا، وكأنها متجهة نحو سياسة الانقلاب، واستيلاء الجيش على السلطة، فتحرك «حفتر» في هذا الاتجاه يضع أميركا أمام تحديات جمة، بعد أن اقتصرت سياستها في الفترة الأخيرة على إبداء حسرتها على استهداف البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي، والدخول في مراجعة لا متناهية بشأن الحادث الذي غالباً ما يتم توظيفه لأغراض سياسية في واشنطن، هذا ناهيك عن تركيز السياسة الأميركية في ليبيا على امكافحة الإرهاب وبناء جيش وطني.
![]() |
|
![]() |