الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رجعت لعادتها القديمة

9 أكتوبر 2016 22:33
هو أحد الأمثال المعروفة والمتداولة في الثقافة العربية، يضرب لكل من كان له أحد الطّباع التي تعوّد عليها ثم يتظاهر بتركها ونبذها، لكن تشاء الأقدار أن يعود إليها مرة أخرى، فمن شبّ على شيء شاب عليه. أما عن قصّة هذا المثل الشائع، فتعود إلى قديم الزمان، حيث إن حليمة أو ربما كانت زوجة حاتم الطائي التي اشتهرت بالبخل على عكس زوجها الذي يضرب المثل بكرمه وأخلاقه.. حيث يقال إنها كانت إذا أرادت أن تضع بعضاً من السّمن في وعاء الطبخ، ترتجف الملعقة في يدها، فأراد حاتم الطائي أن يعلّمها شيئاً من كرمه، فقال لها: لقد كان يُقال في قديم الزمان أن المرأة كلّما وضعت ملعقة من السمن في وعاء الطبخ زاد الله من عمرها يوماً، فاتّعظت حليمة وأصبحت تزيد من ملاعق السمن يوماً بعد يوم حتى صار طعامها شهياً لذيذاً كما تعوّدت يدها على الكرم والسخاء.. إلى أن شاء الله أن يفجعها حادث أليم بابنها الوحيد الذي كانت تحبه مثل نفسها بل وأكثر من ذلك بكثير، فخارت قواها وجزعت إلى أن تمنّت أن تموت، وصارت لذلك تقلل من وضع السمن في وعاء الطعام حتى تقلل من أيام وسنين عمرها، حتى قال الناس عنها: عادت حليمة إلى عادتها القديمة. إن شخصية حليمة هي محور رمزي لمثل شعبي يتردد في الكثير من البلدان العربية، وله تأويلات أخرى كثيرة في بلاد الشام والعراق والخليج.. فمثلاً في بلاد الشام تمثل «حليمة» طفلة صغيرة لم تبلغ الرشد وتبلّل فراش سريرها كل ليلة، لكن بعد أن بلغت وتفتّحت أزهار جمالها، ظن أهلها أنها تركت عادتها القديمة، وبعد أن ذاع صيتها وجمالها وسط العامّة، أحبّها شاب وسيم تتمناه بنات المدينة، وبعد ترتيب مراسم الزفاف وحضور موكب العريس تأخّرت حليمة ولم تفارق حجرتها أو تخرج منها، فعندها لاحظ أهل العريس وسألوا عنها ليتأكدوا أنها ما زالت معجبة بابنهم الرجل الوسيم، فهمست أمها في آذانهم قائلة: يا قوم لا تفضحونا «حيث عادت حليمة لعادتها القديمة». أما عند أهل الخليج العربي، «حليمة» تمثل امرأة راعية غنم تأخذ أغنامها كل صباح إلى قمة الجبل، وعندما تصل تقوم بالصِّياح بأعلى صوتها كالمجنونة إلى أن يسمعها كل من يسكن في الوادي، كانت قد تعودت وتعمَّدت أن تفعل هذا كل صباح لمدة شهرين كاملين متواليين إلى أن تكدر منها أهل الوادي، كانوا يسمعونها كل يوم ولمدة شهرين ظانين أنها مجنونة، فيدعون لها حتى مضى الشهران، حيث تأثّرت حنجرة حليمة وتعبت المرأة من كثرة الصّياح، فتوقفت لمدة يومين، ففرح الناس وتهلّلت أساريرهم ظانين أنها اهتدت وعلمت وتعلمت أن هذا لا يليق بها أو بأهل الوادي، فارتاحوا جميعهم منها، لكن عندما حلَّ اليوم الثالث عادت حليمة لتصعد إلى قمة الجبل مرة أخرى صائحة بأعلى صوتها كالمجنونة، لتزعج الناس، وعندما سمعها أحد المتضررين من أهل الوادي عاد لقومه مستاءً يقول لهم: ردّت حليمة لعادتها القديمة. فرح محمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©