الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المراهق «المحبط» يلوم المجتمع والأسرة ويفتقد القدوة والهدف

المراهق «المحبط» يلوم المجتمع والأسرة ويفتقد القدوة والهدف
9 أغسطس 2010 20:54
عندما يضطر الإنسان لركوب البحر يكون في مرحلة انتقالية بين الانتقال من مكان للاستقرار في مكان آخر يصلح هو الآخر للاستقرار. وأهم ما يعرف به البحر هو مخاطره وأهواله، وهذه المخاطر أصلها ينبع من أن سطح البحر ليس صلباً ولا يصلح للاستقرار فهو متقلب. هذا بالضبط ما ينطبق على مرحلة المراهقة، وهي مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الرشد، ومن هنا تكون التقلبات، فتارة يكون المراهق طفلاً وتارة يكون بالغاً في تصرفاته مما يجعله بحاجة إلى أن يكون له مرافق ثقة يصحبه بهذه المرحلة التي تنتابها العديد من المشاعر السلبية إلى بر الأمان ويحسن توجيهه. وواحدة من هذه المشاعر السلبية هي الإحباط. فما هو الإحباط؟ عن ذلك تقول الاختصاصية النفسية ريما عودة: «الإحباط هو انهزام بالروح المعنوية للفرد، مما يجعله لا يملك الحافز أو الدافعية لإنجاز أهدافه وواجباته، وتنبني هذه الروح الانهزامية بشكل أساسي نتيجة الإحساس بالفشل في الوصول إلى هدف معين سواء أكان هذا الهدف كبيراً أو بسيطاً، علماً بأن الأحباط شعور لا يعد حكراً على المراهقين فقط، تلفت عودة إلى ذلك قائلة: «بل إن أي فرد معرض لهذا الشعور، مع الوضع في الاعتبار أن تأثر كل مرحلة عمرية يكون مختلفاً، بالتركيز على فترة المراهقة، نجد أن هناك أسباباً عديدة تؤدي بالمراهق إلى الإحساس بالإحباط. وهذه الأسباب يتسبب فيها الأهالي والمجتمع من جهة، ويدعمها المراهق في داخله من جهة أخرى». أسباب الإحباط قبل الحديث عن أسباب الإحباط لدى المراهق تميل عودة إلى القول: «لا بد أن نؤمن أن هذا الإحساس أمر شديد الطبيعية ولا يدعو إلى القلق، ولكن لا بد أن يعمل الآباء جاهدين على تقليل التأثير السلبي لهذا الإحباط، الذي يصيب الأبناء علماً بأنهم يكونوا في بعض الأحيان عاملاً أساسياً في هذا الإحساس». ترجع أسباب الإحباط، كما تقول ريما إلى: «الفراغ العاطفي الذي يشعر به الأبناء، فعندما يكفي الآباء أبناءهم من الاحتياجات المادية يعتقدون أنهم بذلك قد أدوا دورهم على أتم وجه، علماً بأن المراهق أشد ما يحتاج إلى الشعور بالاحتواء، وأنه لا تزال هناك حماية له يرجع إليها وقت الإحساس بالفشل، حتى وإن كان لا يؤمن بهذا. أيضاً هناك سبب آخر، وهو الإشباع العاطفي يتحقق من خلال التركيز على خمسة عناصر مهمة هي التشجيع والدعم والمدح والاحتضان والتقبيل، وهذا يذكرني بحديث عن عائشة، رضي الله عنها، قالت جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم فقال -صلى الله عليه وسلم-: أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة». والفتيات أيضاً تتابع عودة قائلة: «هذا الفراغ تزداد وطأته على الفتيات المراهقات بشكل خاص، عندما يقرأن «القصص الرومانسية»، ثم يخرجن من هذه العوالم إلى أرض الواقع التي يجدن أن كل ما يشاهدنه ويقرأنه سراب يظل قابعاً في أذهانهن، ويبحثن عنه فعندما لا يجدنه من الأم والأهل، قد يصبحن صيداً سهلاً لأي مراهق يعاني هو الآخر من الفراغ العاطفي ذاته. هناك أمر أكثر أهمية يتمثل في أوقات الفراغ، التي تجعل المراهق يبحث عن أي وسيلة لملء هذا الفراغ، خاصة في أوقات الإجازات الصيفية وعندما لا يتم توجيهه إلى الطريق الصحيح، يتجه أولًا إلى وسائل الإعلام لشغل وقته في المضامين الترفيهية، ثم يتحول إلى أصدقائه الذين يعانون مشكلة الفراغ نفسها المؤدية إلى الرتابة وعدم وجود جديد، فيقعون في الخطأ سعياً وراء إشباع رغبات التمرد المراهقة، وكذلك لخلق روح مغامرة وإثارة لتكون هي الهدف وليست عاملاً محفزاً لعمل هادف مثل الاشتراك في عمل تطوعي للمجتمع يتولد معه الإحساس بالمغامرة بالتجربة الجديدة. غياب القدوة تضيف عودة: «يرجع الإحباط أيضاً إلى انعدام الهدف لدى المراهق، فهو لم ينشأ على فكرة أن يصنع لنفسه هدفاً، مع أنه في الوقت نفسه يطرح على نفسه سؤالاً: ما الهدف من وجودي؟ وما الدور الذي من المفترض أن أقوم به، بحيث إنني الآن لم أعد طفلاً أو طفلة، فأنا رجل أو فتاه يعتمد عليه؟ وحينما تكون الإجابة لا أعرف، أو ليس لدي هدف تبرز دواعي الإحباط والإحساس بالفشل، علماً بأنه يكون في حاجة إلى أن يتحاور حول هذه الأفكار مع من يكبره سناً ليتفقه من خبراته، ويعرف كيف يحدد دوره الذي من الممكن أن يؤديه، خاصة أن المراهق تكون لديه رغبة في الشعور بأنه إنسان مهم ومفيد». وتتوسع قائلة: «من العنصر السابق، يمكننا أن نكتشف أن الأصل هو انعدام القدوة، فليس هناك شخص يثق فيه المراهق يكون جديراً بأن يقنعه وهو ذو الفكر المتمرد بأفكاره ونجاحه، ومع التدني العام لمستوى الاحترام، يتولد لدى المراهق شعور عنوانه فقدان الإحساس بنجاح من هم أكبر منه، فمن أين له أن يستمع لتجاربهم حتى يتأسى بها». هذا التدني في الأخلاق العامة ناتج في الأصل من واقع انعدام الحوار بين أفراد الأسرة مما يعني انعدام التربية. فالوالدان لم يعد لديهما الوقت الكافي للتحاور مع الأبناء، وبالتالي بناء علاقات ودية بينهم، مما ينتج عنه في النهاية أن يتوجه الأبناء إلى الأصدقاء أو إلى الجماعات التي يجدون فيها أنفسهم. ونظراً إلى أن غالبية هذه الصداقات تكون مفسدة، يظل كل أفرادها من المراهقين يشعرون بحالة من عدم الرضا عن الذات، ومن هذا الشعور يتأتى الإحباط لدى المراهق؛ لأنه فشل في أن يجد وسيلة يكون بها سعيداً ومستقراً وراضياً عن نفسه». الصراخ والعصبية بتعبير آخر، كما تقول عودة: «عندما يعاني المراهق واحداً أو أكثر من هذه العوامل المؤدية للإحباط، نلاحظ عليه الأعراض تؤرق من حوله، كاختلاق المشكلات علي أتفه الأسباب، فهو يجد في (الصراخ والعصبية) وسيلة للتنفيس عن حالة الإحباط واليأس في داخله. وهذه الضغوط الداخلية تؤثر بدورها على تحصيله العلمي، وتدني المستوى العلمي يجعل المراهق يشعر بالدونية بين المتفوقين مما يعود عليه بالإحباط. هذا الأمر يكون كغشاوة تمنع المراهق من اكتشاف الجوانب الإيجابية فيه فيفقد بذلك الحافز لإنجاز أعمال تثبت له أولا ولمن حوله ثانياً، إنه يستحق التقدير وفي هذه الحالة يشعر المراهق بالتهميش مما يدفعه للتصرف بتصرفات غير عقلانية بهدف جذب الانتباه له وإثارة من حوله». مسؤولية الآباء كل هذا لمشكلة الإحباط عند المراهقين يضع على كاهلنا كما تلفت عودة: «إلى أهمية أن يتكاتف كل من هو في موضع مسؤولية حتى يساهم في دوره في حماية مخزون الأمة من أجل المستقبل، وتبدأ هذه المسؤولية عند الآباء الذين لا بد أن يدركوا ثقافة التعامل مع المراهق واحتياجاته النفسية بجانب احتياجاته المادية. أما وسائل الإعلام، فعليها أن تكون على دراية بالدور الخطير الذي تلعبه، فللأسف أغلب الرسائل الإعلامية التي يتعرض لها المراهق تكون مضامين ذات تأثير سلبي. إلى جانب الإعلام يوجد العديد من وسائل التعليم اللافصلية، التي لا بد أن يلقى عليها الضوء، وهي كالأنشطة الثقافية مثلاً». العمل الجماعي تختم عودة بالقول: «إن مشكلة الإحباط عند المراهقين قضية تحتاج لكثير من الجهد والتخطيط والقيادة والعمل الجماعي، فهؤلاء المراهقون هم أبناؤنا وقرة أعيننا، ونحن بصفتنا راشدين ومتعلمين ومثقفين يجب أن نحتضنهم، ونكون بالنسبة لهم بصيص أمل ونور شمس، تشرق على عالم جديد يحمل البشرى للأمة? باعتبارهم ما زالوا في مرحلة التعلم».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©