السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتفاقية الأمنية··· مواقف عراقية متضاربة

الاتفاقية الأمنية··· مواقف عراقية متضاربة
30 نوفمبر 2008 02:47
بعد مرور 48 ساعة على مصادقة البرلمان العراقي على الاتفاقية الأمنية التي حددت عام 2011 كموعد نهائي لانسحاب القوات الأميركية من بلاده، لا يزال العراقيون في مختلف أنحاء البلاد يحاولون استيعاب ما تعنيه المصادقة على تلك الاتفاقية لهم ولبلادهم· بعض هؤلاء العراقيين يشعرون بالفرح لأن هناك موعداً لانسحاب القوات الأميركية من العراق قد تحدد أخيراً، والبعض الآخر يشعر بالغضب لإحساسة بأن الحكومة العراقية قد أُجبرت قسراً على القبول بصفقة من قبل قوة الاحتلال، وثمة من يخشى احتمال أن تؤدي تلك الاتفاقية إلى زيادة سلطة الدولة إلى درجة كبيرة، كما أن هناك من العراقيين من لم يصدق أن قوة عظمى مثل أميركا يمكن أن تنسحب طوعاً من دولة مثل العراق، أصبحت أضعف كثيراً عما كانت عليه من قبل· وكانت المعارضة لتلك الاتفاقية أشد ما تكون بين أنصار رجل الدين الشيعي المناوئ للأميركيين ''مقتدى الصدر''، الذي أصدر بياناً أول من أمس أعلن خلاله الحداد لمدة ثلاثة أيام حزناً على تمرير الاتفاقية في البرلمان· في خطبة الجمعة الماضية بمدينة الصدر، شن الخطيب'' سيد حسن الحسيني'' هجوماً ساحقاً على مؤيدي الاتفاقية، وانتقد الحكومة لتوقيعها الاتفاقية مع إدارة جورج بوش المنتهية ولايتها، بدلاً من إدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما، الذي كان قد اقترح خلال حملته الانتخابية مدى زمنيا أقصر للانسحاب من العراق· في المقابلات التي أجريناها في مختلف أنحاء العراق، تبين لنا أن العراقيين ليسوا مهمومين بالاتفاقية في حد ذاتها، بقدر ما كانوا يشعرون، وعلى نطاق واسع بالتشكك في التزام الأميركيين بتعهداتهم فيها· يرجع ذلك، لأن العراق قد شهد عبر تاريخه احتلالات كثيرة، كان البعض منها يستمر عقوداً إنْ لم يكن قروناً، وهو ما يجعل العراقيين اليوم -والذي لا يزال التاريخ حاضراً بقوة في جوانب كثيرة من حياتهم - يتشككون في إمكانية استمرار احتلال من قبل قوى عظمى لمدة لا تزيد في مجملها عن ثماني سنوات فقط· يرى''خدوم القريشي'' 40 عاماً المدرس بمحافظة ديالى أن'' الاتفاقية الأمنية قد حققت الكثير، بيد أن إنهاء الاحتلال خلال 3 سنوات أمر غير مقنع، لأن أميركا احتلت العراق من أجل مصالحها ولن تتركه، خصوصاً بعد أن تكبدت ما تكبدته من خسائر فادحة···''· والأهم من رأي مقتدى الصدر في الاتفاقية الأمنية، ذلك الرأي الذي أبداه علي السيستاني رجل الدين الشيعي، الذي وضع شروطاً لتأييد الاتفاقية من أهمها أن توافق عليها الطوائف الرئيسية الأخرى في العراق· ويُشار إلى أن عدداً من أعضاء البرلمان السُنة، قد صوتوا لصالح ''اتفاقية أوضاع القوات'' في البرلمان يوم الثلاثاء الماضي، ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً على الإطلاق الذي يتردد على ألسنة مؤيدي الاتفاقية ومعظمهم من الشيعة والأكراد هو: ماهو على وجه التحديد مقدار التأييد السُني المطلوب لتأمين موافقة السيستاني؟ وقد ظلت إجابة هذا السؤال غير معروفة حتى بعد البيان الذي صدر من مكتب السيستاني يوم الجمعة، والذي جاءت عباراته غامضة· ففي خطبة له ألقاها في كربلاء قال أحمد الصافي ممثل السيستاني:''سيادة العراق ستظل منقوصة طالما ظلت القوات الأجنبية موجودة··· وعلى الرغم من ذلك نرى الموافقين على الاتفاقية متفائلين بأنها ستمنح العراق سيادته الكاملة في النهاية، في حين يبدي المتشائمون تشككهم في ذلك استناداً إلى خبراتنا التاريخية التي تثبت العكس''· ومن المهم الإشارة إلى أن معارضة الاتفاقية لم تكن شاملة: فحتى في مدينة الصدر كان من الواضح أن آراء السكان متباينة· ففي حين رفض البعض الاتفاقية، فإن البعض الآخر احتفل بها باعتبارها تجسيدا للصمود الذي أظهره العراق في مواجهة الضغط الأميركي· يعبر ''أياد محمد''(27) صاحب أحد محلات البقالة بمدينة الصدر عن ذلك بقوله: بمشيئة الله ستكون الاتفاقية في مصلحة العراق، وفي مصلحة المالكي كذلك'' وأضاف:'' نحن أناس بسطاء لا نهتم بالسياسة· ولذلك نفوض المالكي كما نفوض ممثلينا في البرلمان لاتخاذ القرارات''· الأمر اللافت للغاية هو تلك الكلمات الدالة على الموافقة التي صدرت عن إيران، والتي يقول العديد من مشرعي القوانين، إنها قد تدخلت في مداولات البرلمان بل وكادت تخرج المفاوضات بشأنها عن مسارها في اليوم الذي سبق التصويت· قال ''أحمد جنتي''، المسؤول الإيراني الكبير خلال صلاة الجمعة في جامعة طهران تعليقاً على ما أعلنه البرلمان العراقي من أنه سيطرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي في يوليو القادم:''لقد كان ذلك قراراً جيداً للغاية من قبل البرلمان العراقي لأنه بذلك ينقل الكرة في ملعب الأميركيين الذين يدعون أنهم يسعون لنشر الديمقراطية''· ولكن بعض العراقيين الذين يؤيدون الاتفاقية شعروا بالإحباط الشديد جراء مشاهد العراك والصياح والمحاولات الفجة للفت الأنظار بين نواب البرلمان، والتي تكررت طيلة العشرة أيام التي استغرقتها المداولات الخاصة بالاتفاقية، لدرجة أنهم يفكرون في إعادة النظر في موقفهم منها· وبعد إعلان الموافقة على الاتفاقية في التلفزيون بوقت قصير، قال علاء محمد الصحفي في البصرة:''بصراحة تامة أقول إن الاتفاقية واضحة···أما ذلك العراك والصياح فناتج عن محاولة بعض أعضاء البرلمان لفت الأنظار إليهم من خلال إعلان رفضهم لها··· وما رأيناه يجعلني أقول إن هؤلاء الأعضاء ليس لديهم أي فكرة عما يمكن أن ينفع الناس، ويجعلني أيضاً أقول إنني أرغب في بقاء القوات الأميركية لفترة أطول، لأنه بمجرد خروجها من العراق، فإن المليشيات والطوائف المتنازعة سوف تلتهم بعضها بعضاً''· كامبل روبرتسون-بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©