الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصروف الشباب.. ليس له سقف في ظل غياب ثقافة الادخار

مصروف الشباب.. ليس له سقف في ظل غياب ثقافة الادخار
3 يونيو 2014 21:11
أشرف جمعة (أبوظبي) مصروفات الشباب اليومية تخطت بكثير المتوقع ولم يعد لها سقف وهو ما يثير قلق العديد من الأسر التي أضحت ما بين عشية وضحاها أمام متطلبات مالية تتزايد يوماً بعد آخر، وهو ما يعني أن المصروف المعتاد لدى الشباب والذي كان لا يتعدى مبلغاً بسيطاً من المال في كل صباح أضحى في هذه الأيام غير محدد القيمة، إذ أن الكثير من الشباب يفتقدون ثقافة الإنفاق، وليس لديهم خطط تدفعهم إلى معرفة لماذا ينفقون وعلى ماذا؟ من دون النظر إلى الوضع المالي لأسرهم، ومدى قدرة الأب على تلبية تلك المطالب المادية أم لا، لكن اللافت أن غالبية شباب هذا العصر ينفقون في اليوم الواحد بصورة عشوائية مما يجعل بعضهم غير مؤهل لتحمل المسؤولية في المستقبل ومن ثم الاعتماد على نفسه. حسرة الآباء ويتحسر العديد من الآباء على الأيام التي كانوا فيها شباباً تتدفق فيهم الحيوية ويعتمدون على أنفسهم في الإنفاق، إذ كان الواحد منهم يدرس ويعمل في الوقت نفسه لكي لا يكون عبئاً على أسرته، ومن ثم يشعر بأنه منتج ويستطيع أن يحقق طموحه من أقرب الطرق، لذا كانوا لا يبالغون في مصروفهم اليومي ويعتمدون بشكل كبير على مجهوداتهم الفردية في الحصول على المال من خلال أعمالهم الخاصة، أما اليوم فنحن أمام جيل مستهلك بالدرجة الأولى، يطلب مصروفه اليومي بلا استحياء، بل ويفرض على الآباء في كل مرة مبلغاً جديداً من المال وفق ما يتطلبه يومه. جيل اتكالي افتقاد العديد من الأسر إلى ثقافة الإنفاق ينعكس بصورة سلبية على الأبناء، بحسب ما يرى الاستشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى خليفة الطبية الدكتور أحمد الألمعي، ويقول: في التغيرات الاقتصادية التي تشهدها دول الخليج مثلاً تغير سلوك الأسرة من ناحية الإنفاق فضلاً عن اعتماد العديد من العائلات على العمالة الأجنبية في تيسير أبسط الأمور، من هنا غاب التخطيط المالي واختفت ثقافة الادخار وهو ما ولد جيلا اتكاليا لا يستطيع الاعتماد على نفسه ومن ثم وضع خطط مستقبلية للإنفاق بالإضافة إلى أن العديد من الشباب من الممكن أن يفشلوا في الحياة العملية بسبب عدم قدرتهم في هذه المرحلة على ضبط نفقاتهم اليومية. ويرجع الألمعي أسباب اعتماد الأبناء على الأسرة في الإنفاق بشراهة من خلال المصروف اليومي إلى أن بعض الأسر تربي أبناءها بصورة تخلو من الحميمية لذا يفتقدون إلى الدفء الأسري وهو ما يترتب عليه غياب القدوة والمثل الذي يحتذى به في الكثير من النواحي وينظر الإلمعي إلى أمر في غاية الخطورة على حد تعبيره ويتمثل في أن بعض الشباب حين يلتحقون بوظائف فإنها قد لا تلبي طموحاتهم ومتطلباتهم اليومية فيعودون مرة أخرى لطلب مصروف يومي من الأسرة لذا فإن عدم تعليم الفرد منذ صغره كيف يدخر ويكيف نفسه ماديا وفق قدراته المالية يجعله غير قادر على اتخاذ قرارات مهمة ومصيرية تتعلق بمستقبله ومعيشته. مصروف جيب ويعود بالذاكرة للوراء أكثر من عشرين عاماً عبيد المقبالي حيث كان لا يطلب مصروفه من والده في أثناء دراسته الجامعية بل كان يستحي أن يتحدث مع والدته في هذا الأمر رغم أنها كانت الأقرب إليه ويلفت إلى أن لديه ثلاثة أبناء أكبرهم في الجامعة وليست لديه اهتمامات سوى الخروج في المساء مع أصدقائه إلى بعض المقاهي وقبل خروجه يطلب مبلغاً من المال على سبيل أنه «مصروف جيب» لكن الغريب أنه في كل يوم تتصاعد طلباته المادية وعندما أسأله عن مواطن إنفاقه لهذه المبالغ يذكر أشياء غير مقنعة لكنني أتغاضى حتى لا أشعره بالحرمان ويلتف إلى أنه في أثناء حديثه مع بعض أصدقائه حول هذه الظاهرة أخبره بأن لديه ابناً لا يتوقف عن طلب المزيد من المال بشكل يومي مما تأكد لي أن شباب هذا العصر لا يدركون أهمية أن يكون لدى الفرد ثقافة ادخارية. لحظات قليلة ومن بين الشباب الذين لا يجدون غضاضة في أن يتغير المصروف اليومي وفق المتطلبات والحاجات الشخصية مسعود الجنيبي ويذكر أنه أحياناً يطلب مبلغاً لا يتوقعه والده ويتسمر الجدال بينهما لحظات قليلة يرضخ في النهاية له ويعطيه المصروف الذي يريد ويرى الجنيبي أنه معذور في طلباته المالية الكثيرة نظراً لطبيعة العصر وإغراءاته فضلاً عن أنه لا يستطيع أن يجلس مع أصدقائه في أي مكان ولا يكون مثلهم في القدرة المادية لذا فهي يحب أن يكون معه مالاً باستمرار يزيد عن حاجته ويشير إلى أنه لم يتعود في حياته على الادخار ولم يحدث في أي مرحلة عمرية سابقة أنه اقتطع جزءاً من مصروفة لكي يدخره لشيء لذا فهو يتساءل كيف لي أن أتعلم ثقافة الادخار في هذه السن ومن ثم أتعود عليها بشكل سريع كما يطلب أبي مني في هذه الأيام. دخل مرتفع لا تنكر سحر المطيري أن مصروف الشباب اليومي خرج عن نطاق المعقول في هذا العصر، لكنها شخصياً لا تستطيع النزول عن مقدار مصروفها لكونها اعتادت ذلك، وتشير إلى أن ارتفاع الدخل لدى أسرتها أسهم بشكل كبير في تطور مصروفها، ومن ثم الطمع في زيادته بشكل مستمر، وتؤكد أنه لا سقف له، وأنها لا تجد أية اعتراضات من قبل والدها على مصروفها رغم أنه مبالغ فيه، وأنه بالفعل يزيد على حاجتها. علاج فعال حول تأثر الشباب ببعضهم بعضاً في طريقة الإنفاق اليومي يوضح الألمعي، أنه من خلال اللقاءات شبه اليومية التي تجمع الشباب، والتي يكثر فيها اليوم، ويتحدث كل واحد فيها عن مصروفه اليومي والمبلغ الذي يشترطه كل يوم قبل أن يخرج من البيت يندفع بعضهم للتقليد، ومحاولة الوصول لمستوى المصروف الذي يحصل عليه رفيقه، ما يخلق حالة من عدم المسؤولية، ويرى أنه من الضروري أن يكون هناك رقابة من الآباء ،أن يعلموا أبناءهم سلوك الادخار، خصوصاً وأن الغرب يعلمون أولادهم منذ الطفولة الإنفاق في نطاق مقبول، لذا فإن علاج هذه الظاهرة بصورة فعالة يجب أن يكون بطريقة عملية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©