الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

منشطات بالمليارات تصنع البطولات

14 فبراير 2006
خاص - أورينت برس:
مع بدء موعد دورة تورينو للألعاب الأولمبية في إيطاليا، يقترب موسم ذهبي آخر للمافيات المسيطرة على السوق السوداء للمنشطات الرياضية الممنوعة في ظل عجز أجهزة الشرطة المحلية والشرطة الدولية (انتربول) عن التحرك بفعالية مجدية لمكافحة المنشطات المقدر سوقها العالمية بمليارات الدولارات والتي تبدو أصعب وأكثر تعقيداً من مكافحة المخدرات·· فهل يكون الحل بإحــاتها كما يقترح عدد من الخبراء؟!
دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي انطلقت في مدينة تورينو الايطالية من 10 إلى 26 فبراير الجاري وضعت الشرطة الايطالية منذ الآن في حالة تأهب قصوى هدفها بالدرجة الأولى مراقبة المنشطات الرياضية للاعبين المشاركين التي يزدهر موسمها عادة في مثل هذه المناسبات·
وكان مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي قد ضبط خمسة مهاجرين روس بتهمة صرف ثلاثة ملايين دولار على هورمونات نمو قبل البدء بمنافسات أولمبياد 'سالت لايك سيتي' في الولايات المتحدة في شهر ديسمبر من العام ·2001
والواقع أن هورمونات النمو وهورمونات التستوستيرون تقع بمعظمها الآن تحت سيطرة المافيا الروسية حسبما يؤكد عضو 'القوة الضاربة' (تاسك فورس) التابعة للوكالة الوطنية الايطالية بمكافحة المافيا والجريمة المنظمة 'ساندرو دوناتي'، وان 'مروجي المنشطات هم أنفسهم مروجو المخدرات'·
من جهته، يقول رئيس محكمة 'باولا' الجنائية 'جيوفاني سبينوزا' ان سوق المنشطات والمخدرات الايطالي خاضع عملياً لمافيا 'كامورا' النشطة في مدينة نابولي الايطالية·
وكان قد عثر على 600 الف جرعة منشطات في صيف العام 2000 في أحد المخابئ السرية في مدينة نابولي، اضافة إلى خمسة ملايين جرعة أخرى كان قد جرى تهريبها عبر مركب خاص إلى جزيرة قبرص· وفي مايو 2003 ضبطت الشرطة نحو 300 كيلو غرام من منشطات 'لوكريد'، في مدينة 'كالابر' الايطالية المعروفة بأنها معقل مافيا 'ندرا غيتا'·
إلى ذلك، تقوم عائلتا 'الجامبينو' و'الكولومبو النيويوركيتان بالسيطرة الفعلية على سوق المنشطات· وفي العام 1970 استثمرت عائلة 'جامينو' سوق الأفلام الخلاعية التي درت عليها أرباحاً هي الأضخم في تاريخ السينما· وفي العام ،1977 اطلقت تلك المافيا الايطالية - الأميركية البرنامج الوثائقي 'بومبنغ ايرون' الذي كان وراء انطلاق شهرة 'ارنولد شوارزنجر' باشراف شركة 'جولدز جيم' الخاضعة لسيطرة المافيا·
وفي فرنسا أيضاً قام 'مكتب حماية البيئة والصحة العامة'، في يونيو ،2004 بكشف علاقات متينة ومباشرة بين تهريب المنشطات والأسلحة والسيارات·· وكما تقول أوساط المكتب الفرنسي فيبدو أن عصابات المافيا تستخدم تهريب المنشطات الرياضي غطاء لتهريب مواد أخرى·
وبحسب تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي في العام ،2002 يقدر حجم السوق السوداء للمنشطات بمليارات الدولارات في أوروبا وحدها، بما فيها نحو 100 مليون دولار سنوياً في المانيا وحدها، فيما يصل إلى 200 مليون دولار في ايطاليا·
وكما يقول القاضي 'سبينوزا، فإن القسم الأعظم من زبائن هذه السوق السوداء هم الرياضيون الهواة إضافة إلى الرياضيين المحترفين طبعاً، مع الاشارة إلى مسؤولية الاطباء الاخصائيين المباشرة في ترويج هذه المنتجات·· وبحسب التقرير المذكور للاتحاد الأوروبي، فإن 16 في المئة من الرياضيين الموزعين على 23 ألف مركز طبي في أوروبا يتعاطون المنشطات الممنوعة بانتظام القاضي 'سبينوزا' يقول إن في ايطاليا أكثر من 500 ألف رياضي يتعاطون المنشطات، كما يشير إلى أن ضلوع المافيات في هذا القطاع عائد بالدرجة الأولى إلى نظام الدفع الآمن جداً مقابل نظام الدفع المحفوف بالمخاطر المتبع في تجارة الهيرويين مثلاً والخاضع لمراقبة دائمة وشبه مباشرة من جانب الشرطة ·· إضافة إلى أن معظم زبائن سوق المخدرات لا يدفعون حسب السعر المتفق عليه مسبقاً، وإدا دفعوا فإنهم يدفعون على أقساط وليس دفعة واحدة، في حين يدفع زبائن المنشطات نقداً ومن دون أي تلاعب·
قطاع مزدهر
هذه الميزات لسوق المنشطات السوداء دفعت بها إلى مرحلة كبرى من الازدهار بحيث رصدت الجمارك الفرنسية بين العامين 2000 و2004 نحو 2000 حالة في السنة مقابل 76 حالة فقط في السنوات السابقة· وفي مايو 2004 ضبطت الجمارك الفرنسية 200 ألف حبة منشطات كانت مهربة في شاحنة بولونية إلى انجلترا·
وفي اسبانيا، ضبطت الشرطة في يونيو ،2005 ما اعتبره الخبراء اضخم كمية منشطات مهربة تكتشف حتى الآن، فقد أظهرت التحقيقات الأولية ضلوع 70 شخصاً من 13 مقاطعة اسبانية اضافة إلى ستة مختبرات بينها أربعة سرية في مقاطعة كتالونيا، اضافة إلى عدد كبير من السيارات الفخمة الحديثة المهربة ومبلغ 200 الف يورو نقداً· وبحسب تقارير الشرطة الاسبانية فإن ضبط تلك الشبكات حصل خلال قيامها بانتاج 10 آلاف جرعة من المنشطات الهورمونية كل 90 دقيقة، وهي كمية قياسية حيث يبدو انه قد تم توزيع نحو 30 مليون جرعة في اسبانيا وعد من البلدان الأوروبية، على أن اهم ما توصلت إلى كشفه الشرطة الاسبانية هو ان عملية بيع الجرعات تحصل بصورة خاصة في قاعات التربية البدنية اضافة إلى البيع بواسطة خطوط شبكة الانترنت، فقد ادى اكتشاف وتفكيك هذه الشبكات الاسبانية إلى تنشيط تصنيع وتهريب المنشطات في بلدان أخرى غير اسبانيا، فالجمارك الفرنسية مثلاً فوجئت بالنمو القياسي لحركة بيع المنشطات من بعد، أي عبر عروض الانترنت، وكما يقول الخبير 'ساندرو دوناتي'، فإن الانترنت تستأثر الآن بربع التجارة العالمية للمنشطات، التي ستصل إلى النصف من هنا إلى العام ·2007
وفي السياق نفسه، كانت الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات قد ضبطت في ابريل 2005 كميات هائلة من المنشطات التي كانت تباع عبر الانترنت باشراف احدى المافيات الهندية المعروفة عالمياً باسم 'بنزال'، وهي بزعامة الأخوين 'بهوسان وعقيل بنزال'، ولها فروع وشركاء في الولايات المتحدة واستراليا وكوستاريكا· وبحسب تقارير الوكالة الأميركية، فإن هذه المافيا الهندية باعت ما يقارب 2,5 مليوني جرعة منشطات شهرياً خلال الفترة الممتدة من يوليو 2003 إلى نيسان - أبريل ،2005 ومن خلال 200 موقع انترنت، أما الأرباح فتقدر بنحو 50,000 دولار يومياً·
ضعف التنسيق
والمؤسف هنا هو ضعف التعاون والتنسيق بين مختلف أجهزة الشرطة والجمارك العالمية في مجال مكافحة تهريب المنشطات، وكان الأمين العام لمنظمة الشرطة العالمية (انتربول) 'رونالد نوبل' قد أكد في فبراير 2005 استعداد منظمته للتعاون والتنسيق مع أجهزة الشرطة الوطنية في كل بلدان العالم، كما طلب من تلك الأجهزة تزويد الانتربول بكل ما تقع عليه من معلومات تتعلق بتجارة المنشطات، إضافة إلى مطالبته بعقد مؤتمر دولي عام يضم ممثلي الشرطة والخبراء في هذا المجال·
لكن هذا المؤتمر وتلك الطلبات لم تبصر النور حتى الآن رغم انقضاء سنتين على طرحها من جانب الانتربول، ما يجعل كل معلومات وتحليلات مسألة المنشطات مرتكزة فقط إلى المعلومات القليلة التي كانت قد تجمعت لديها خلال العام ،2000 وحسبما يقول 'نوبل'، فالمؤسف ان 54 بلداً فقط من الــ 178 بلداً أعضاء في الانتربول تتجاوب مع هذه المنظمة الدولية في مجال مكافحة المنشطات·
يبقى أخيراً أن عدداً من كبار الخبراء يرفضون اساسً فكرة منع المنشطات الرياضية بل يطالبون بدل ذلك بتشريع استخدامها·
من هؤلاء أستاذ الفيزيولوجيا في كلية الطب التابعة لجامعة جنيف البرفسور 'بنغت كايسر'، الذي يرى اباحة استخدام الرياضيين للمنشطات ولكن تحت اشراف أطباء متخصصين، خاصة أن تناولها سراً يحرم الرياضيين من أي رقابة طبية، كما يرى أن انفاق المال العام المخصص لمكافحتها يذهب هدراً حيث فعالية المكافحة محدودة واستمرار استعمال المنشطات يزداد إضافة إلى أن عمليات فحص بول المشاركين في المباريات الرياضية الاولمبية أو غيرها، لم يعد كافياً لكشف الكثير من الجوانب المتعلقة بتناول المنشطات·
من جهته أيضاً، يرى استاذ البيوتيك في الكلية السويسرية في جنيف البرفسور 'الكسندر مورون'، ان رياضة النخبة من المحترفين تشكل بحد ذاتها خطراً على الصحة العامة خاصة رياضات كرة القدم والهوكي على الجليد والملاكمة والمصارعة، ولو كانت المنشطات مباحة لكان بامكان الطبيب الرياضي تحديد ما يلزم لكل حالة بعينها·
استاذ الطب الوقائي في جامعة 'بزلاي' (بريطانيا) البرفسور 'اندي ماياه' فيرى انه من المستحيل عملياً مراقبة السوق السوداء للمنشطات في كل أنحاء العالم، مثلها في ذلك مثل المخدرات، كما أن حملات التوعية لا جدوى لها على الطالاق، فمن لا يعرف الأخطار الصحية وغير الصحية الناجمة من تناول سموم الكوكايين؟ لكن مع ذلك فلهذا السم مدمنوه وزبائنه·
أخيراً يرى استاذ العلوم الطبية في جامعة غرينوبل الفرنسية البرفسور 'جسبار لوجين'، ان مشكلة المنشطات الأساسية تكمن في التكتم عليها مما يجعلها خارج أي رقابة طبية حقيقية، بسبب الخوف من الملاحقات القانونية والاضرار بالسمعة المعنوية لمن يتعاطونها·
'لوجين' يرى أيضاً ان اباحة المنشطات من شأنها الحد من الوفيات والأمراض المزمنة في صفوف الرياضيين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©