الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك... استراتيجية جديدة في حرب «العصابات»

8 أغسطس 2010 22:04
خاطب الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون شعبه يوم الأربعاء الماضي قائلاً: "إن المنظمات الإجرامية بدأت تسعى للإطاحة بالحكومة، وإن العنف قد تصاعد إلى حد مخيف، بينما اتسعت دائرة جرائم الاختطاف والابتزاز". وناشد كالديرون شعبه طالباً منه الوقوف إلى جانب الحكومة ومساعدتها في مواجهة عصابات الجريمة المنظمة. وجاء في خطابه: "لم يعد ترويج المخدرات هدفاً وحيداً لهذه العصابات، وإنما تهدف الآن للسيطرة على الجميع". ولكن ليس ثمة جديد في ما قاله كالديرون. فقد باتت هذه الحقائق معلومة للجميع في المكسيك. فالكل يدرك سلفاً ما حذر منه، لأن العصابات تبتز المواطنين والاستثمارات على حد سواء، مطالبة إياهم بسداد ما تسميه "ضرائب الحرب" التي تمكن العصابات من شراء أسلحة أكثر تطوراً من تلك التي تملكها الحكومة. يذكر أن سيارة مفخخة أخرى انفجرت يوم الخميس الماضي في موقف للسيارات قرب أحد مراكز الشرطة في ولاية تاموليباس الشمالية الحدودية، وهي ولاية يشتد فيها القتال بين عصابات المخدرات المتنافسة فيما بينها على طرق تهريب المخدرات المؤدية إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي تدر مليارات الدولارات لعصابات المخدرات سنويّاً. وعلى رغم حذر الحكومة المكسيكية والسفير الأميركي لديها إزاء الإعلان عن حادثة تفجير سيارة مفخخة بواسطة أجهزة التحكم عن بعد في سيودار خواريز في شهر يوليو المنصرم، في إطار النشاط الإرهابي الذي يستهدف زعزعة الأمن العام، فقد بدأ المسؤولون يغيرون رأيهم تجاه هذا الحذر مع تكرار وقوع مثل تلك الأعمال الإرهابية، وعقب العثور على مزيد من القنابل الموقوتة. وفي تصريح له عن هذه الأعمال، قال وزير الداخلية فرانسيسكو بليك مؤخراً: "إن هناك وسائل مختلفة يستخدمها الإرهابيون بهدف ترهيب المواطنين وترويعهم". وفي يوم الجمعة الماضي اختطفت عصابات المخدرات عدداً من مقطورات الجرارات وأغلقت طريق "مونتيري" السريع المؤدي إلى المطار الدولي، ما أسفر عن تأخير وإلغاء عشرات الرحلات الجوية عن موعدها، بما فيها تلك المتجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية. وقال كالديرون أثناء اللقاءات الشعبية العامة التي عقدها مع المواطنين في اليوم الثالث الختامي لتقييم أداء الحكومة في مكافحة عصابات المخدرات: "لقد اختلف سلوك المجرمين وأصبح أكثر تحديّاً للحكومة، بل إنه أصبح يسعى إلى تغييرها". ومن جانبه كشف رئيس الاستخبارات جوليرمو فالديس عن مصرع نحو 28 ألف شخص جراء أعمال العنف المرتبطة بتجارة المخدرات، منذ أن دشن كالديرون حملته الهادفة إلى مكافحة اتحادات عصابات المخدرات في ديسمبر من عام 2006، من خلال تعبئة الجيش ومساندة الولايات المتحدة. ويكشف هذا الرقم الذي أعلنه رئيس الاستخبارات عن زيادة تقدر بحوالي 3000 قتيل، مقارنة بالرقم الذي أعلنته الحكومة في شهر يوليو المنصرم. وقال "فالديس" إن سلطات الأمن تمكنت من مصادرة 84 ألف قطعة من الأسلحة، تم شراء الكثير منها من الولايات المتحدة، وهرّبت عبر الحدود إلى داخل المكسيك. كما أشارت إحصاءاته إلى وقوع 963 صداماً مسلحاً بين عصابات المخدرات وقوات الجيش والأمن الفيدرالية منذ تولي كالديرون للرئاسة، أي بمعدل صدام مسلح واحد عن كل يوم. وقد وقع آخر هذه الصدامات يوم السبت الماضي في الطريق السريع لولاية ميشواكان. وكان السبب محاولة قوات الشرطة الفيدرالية إيقاف موكب من السيارات الفارهة، التي ربما كانت تقل عدداً من قادة عصابة "لا فاميليا" الأكثر عنفاً وشهرة بتجارة المخدرات. وقد اعترف "فالديس" بأن حكومة كالديرون لم تحرز تقدماً يذكر في السيطرة على أنشطة غسيل الأموال، ومكافحة الفساد في صفوف الشرطة. وانتقد بطء الولايات المتحدة في الوفاء بوعدها بتوفير ما يزيد على 1.4 مليار دولار، في شكل مساعدات أمنية للمكسيك. ومن جانبه قال كالديرون: في بلادنا جريمة منظمة، ومجتمع غير منظم. وناشد السكان بالتبليغ عن وكلاء النيابات القضاة وأفراد الشرطة والجيش والعمد وحكام الولايات، الذين يشتبه في تلقيهم رشاوى من اتحادات العصابات، والتعاون مع هذه الاتحادات. وقال لمواطنيه في هذا الصدد: "إنني راغب في معرفة من يكون هؤلاء. وأنا أعلم جيداً أن المجتمع المكسيكي يعلم أمر هؤلاء المسؤولين الفاسدين". ولكن الحقيقة أن الكثير من المواطنين يخافون من ضباط الشرطة والجيش، خاصة مع ارتفاع ممارسات انتهاك حقوق الإنسان من قبل جنود الجيش، وارتفاع عدد الاتهامات الموجهة إليهم، بما فيها ممارسات التعذيب والقتل. وفي يوم الجمعة الماضي، كشف جنيرو جارسيا لونا، وزير الأمن العام، أن عصابات الجريمة المنظمة تتكفل بسداد رواتب 165.500 من ضباط شرطة البلديات، أي ما يعادل 1.2 مليار دولار سنويّاً. وأكد "لونا" أن شرطة البلديات فاسدة إلى حد لا أمل معه في إصلاحها، وأنها ضعيفة التدريب إلى درجة تستدعي حلها واستبدالها بـ32 إدارة من إدارات الشرطة الولائية. وقال كالديرون إنه استمع إلى الكثير من الأصوات الداعية إلى تبني استراتيجية جديدة في مواجهة خطر الجريمة المنظمة، ووافق على أنه يتعين على حكومته أن تفعل المزيد من أجل الحد من السلبيات الاجتماعية مثل ارتفاع معدلات البطالة، والإدمان، وضعف التعليم. غير أن كالديرون لم يشر بوضوح إلى أية تغييرات ستجريها حكومته في مواجهة الخطر الذي تحدث عنه. واكتفى بالتعهد بأن يواصل الجيش قيادته لحملة مكافحة الجريمة المنظمة. وصدر في حديث كالديرون ما فهم منه الكثيرون أنه دعوة مفاجئة لتقنين المخدرات في المكسيك. بيد أن مكتبه الصحفي أزال ذلك اللبس بتأكيده معارضة الرئيس لخطوة التقنين. يذكر أن ثلاثة رؤساء سابقين في منطقة أميركا اللاتينية قننوا تعاطي مخدر الماريجوانا هم: الرئيس المكسيكي السابق، إرنستو زيديلو، والكولومبي، سيزار جافيريا، والرئيس البرازيلي الأسبق، فيرناندو هنريك كاردوسو. وقد اتخذ الثلاثة تلك الخطوة بزعم أن حملة مكافحة المخدرات التي تقودها الولايات المتحدة قد فشلت بشكل ذريع. ويليام بوث - مكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©