الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سيلفي الحج» بين توثيق الرحلة المقدسة وشبهة الرياء

«سيلفي الحج» بين توثيق الرحلة المقدسة وشبهة الرياء
23 أغسطس 2017 18:17
أشرف جمعة (أبوظبي) لا تزال الصورة النمطية عالقة بأذهاننا حين كان حجاج بيت الله الحرام يلوحون بأياديهم بقوة عندما تسلط عليهم كاميرات التليفزيون أثناء أدائهم مناسك الحج، خاصة يوم عرفة أو عند الطواف حول الكعبة المشرفة أو في الحرم النبوي الشريف. كان الحجاج للحظات لا تتعدى ثواني قليلة، يستغلون كاميرات التليفزيون ليبعثوا برسالة قصيرة يطمئنون الأهل الذين يحرصون على متابعة شعائر الحج عبر الشاشة الصغيرة. لكن تغير الحال كثيراً مع التكنولوجيا الحديثة التي أتاحت لكل حاج أن يبث بالصوت والصورة رحلته المقدسة مع الشعائر، لحظة بلحظة، ليتابعها العالم كله عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بالتالي لم يعد الحج رحلة شخصية جداً، ينغمس خلالها العبد في أداء أحد أهم أركان الإسلام فحسب، بل أضحى بمقدور كل شخص أن يطلع الملايين على التفاصيل الدقيقة لرحلته عبر الفيس بوك وانستغرام والواتس آب وسناب شات. وأصبح "السيلفي" من الطقوس اليومية التي يحرص عليها كثير من الحجاج، عند جبل عرفات أو في منى أو أثناء الطواف حول الكعبة أو حتى خلال الهرولة في الصفا والمروة. استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على هذا النحو يعتبره كثير من الحجاج بمثابة توثيق للذكريات ومحاولة بث الطمأنينة في نفوس الأهل ليتأكدوا أنهم بخير وسط الحشود الهائلة التي تؤدي الشعائر.. لكن البعض يخشى أن يكون في الأمر شبهة "السمعة والرياء". ويقول الدكتور أنس قصار واعظ بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف إنه لا توجد أي موانع شرعية من استخدام حجاج بيت الله لوسائل التواصل الاجتماعي أثناء أداء المناسك مثل التسجيلات الصوتية والصور والفيديوهات وغيرها، خصوصاً إذ كانت هذا الوسائل تستخدم لطمأنة الأهل ونقل المشاعر الطيبة لهم في هذه الأجواء الإيمانية من أرض الواقع كونها تلامس الروح وتحفز من لم يؤدها للعمل من أجل أداء هذه المنسك الكريم. ويشير إلى أنه من المهم ألا تشغل وسائل التواصل الاجتماعي هذه الحجاج عن العبادات حتى لا يقعوا في شبهة الرياء أو السمعة، فيحبط العمل. وبالتالي فالأولى والواجب الانشغال كليا بالتعبد والتقرب إلى العلي القدير خلال أداء المناسك. وأشاد المرزوقي بالحجاج الذين ينأون بأنفسهم عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال أداء الشعائر ولا يلجؤون إليها إلا لضرورة قصوى من باب أنهم جاؤوا لأمر مهم وأداء مناسك تسبغ على المرء الراحة النفسية والطمأنينة والشعور بأنه يولد من جديد. ويبن أحمد حسنين أنه خلال رحلته للأراضي المقدسة في هذه الأيام المباركة يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي حتى يكون حاضراً في نفوس أهله وأن يشعرهم دائماً أنه بخير فضلاً عن رغبته في تحفيز أصدقائه لأداء المناسك. وأضاف أنه في الغالب لا يكثر من استخدامها لكنه يبين للأهل أنه في مكة أو المدينة أو في مكان خاص بالمناسك وهو ما يجعلهم يتابعونه عبر هذه الوسائل. ولا يخفي غالب منصور أنه يحاول بقدر المستطاع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أوقات محدودة حتى لا ينشغل عن الأمر الذي جاء من أجله . ويقول "أحب التواصل مع الأصدقاء والأهل والأقارب الذين يحبون الاطمئنان علي وأبعث لهم بعض الصور خلال أداء المناسك لإشراكهم في هذه المشاعر الإنسانية النبيلة، خصوصاً أنها المرة الأولى لي". لكنه يؤكد أيضا أنه يحب أن يستثمر كل وقت في أداء المناسك بإخلاص. ومن جانبه يقول الدكتور جاسم المرزوقي استشاري العلاج النفسي: إن وسائل التواصل الاجتماعي باتت ركناً أساسياً في الحياة، وقد دأب الكثير من أفراد المجتمع على توثيق رحلاتهم في الداخل والخارج بل توثيق اللحظة ذاتها عبر السيلفي والفيديوهات القصيرة والصورة، لافتاً إلى أن ذلك قد يلهي قليلاً عن الغرض الأساسي الذي جاء من أجله المسلم للأراضي المقدسة. وحذر من أن يكون القصد من ذلك الدعاية أو التظاهر بأداء المناسك الجليلة. ويذكر المروزقي أن من سلبيات الإكثار في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أنها قد تضيع وقت الحاج في الوقت الذي يتعين فيه على كل حاج استغلال كل لحظة للتعبد بإخلاص من أجل قبول حجه لتعمر النفوس الصادقة بالإيمان. ودعا المرزوقي إلى الاقتصاد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال أداء المشاعر، حتى يفوز بالقبول عند العلي القدير.    
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©