الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد الكندري: التوازن بين العمل والمنزل يحقق السعادة

محمد الكندري: التوازن بين العمل والمنزل يحقق السعادة
20 مايو 2012
تمر الأسرة المعاصرة بمتغيرات سريعة، ويواجه كثيرون صعوبات في التوازن بين متطلبات العمل والمسؤوليات الأسرية، كما يعاني الكثير من ضغوطات الحياة التي باتت توثر على الجانب النفسي والاجتماعي لسير الأسرة، في هذا الصدد قررت مؤسسات اجتماعية طرح دورات تدريبية ومحاضرات عن دور الأسرة في المجتمع الحديث بما يتناسب والطرح الدولي، خاصة في منتصف شهر مايو الجاري الذي يصادف احتفال العالم باليوم الدولي للأسرة، ويرفع هذا العام شعار «ضمان التوازن بين العمل والعائلة». لكبيرة التونسي (أبوظبي) - تأتي أهمية التوازن بين العمل والعائلة وهو الشعار الذي رفعه اليوم العالمي للأسرة، نتيجة لما لمسه المختصون في الشؤون الاجتماعية من ضرورة الاهتمام في هذا الجانب، حرصا على سلامة الفرد وصيانة كيان الأسرة، فالحياة الزوجية الناجحة تتطلب التوازن بين العمل الوظيفي والأعباء الأسرية وأي خلل فيه يخل يأتي على حساب طرف دون آخر. وتزامنا مع هذا الحراك الدولي نظمت مؤسسة التنمية الأسرية لتنظيم برنامج خاص بيوم الأسرة الدولي بمقرها في المشرف، ومركزي العين، والمرفأ في المنطقة الغربية الأسبوع الماضي. إبراز الأهمية إلى ذلك، يقول محمد الكندري، الاستشاري الأسري، الذي ألقى محاضرة ضمن البرنامج، «تأتي أهمية التوازن بين العمل والمنزل، حرصا على سلامة الفرد وصيانة لكيان الأسرة، بحيث تتطلب الحياة الزوجية الناجحة التوازن بين العمل الوظيفي والأعباء الأسرية فأي خلل في هذا التوازن من شأنه إخلال في حق طرف دون طرف وعليه تحاصر الفرد الضغوط ويراوده الشعور بالتقصير تجاه أفراد الأسرة، وعندما نتناول مفهوم التوازن بين العمل والأسرة، فإننا نعني إعطاء كل ذي حق حقه فكما أن للعمل الإداري حقوقه، كذلك للأسرة من زوجة وأبناء حقوقهم، فلا إفراط ولا تفريط»، موضحا أن الحياة المدينة المعاصرة أفرزت مشكلات ذات صلة بعلاقة الموظف بعمله وعلاقته بأسرته، فأصبح الفرد يقضي ساعات في مكتبه بعيداً عن أجواء أسرته وترتب على ذلك أزمات وأمراض معاصرة تستوجب الحل». ويضيف «أصبح من الأهمية بمكان التوازن بين المتطلبات الوظيفية والواجبات الأسرية، جميل أن يكون للإنسان طموحات في الحياة ويسعى لتحقيقها ولكن لابد من استشعار المسؤوليات الأخرى الملقاة على عاتقه، فالإنسان ممكن أن يكون له أكثر من مسؤولية وعليه أن يوازن بينها، إن الرسول الكريم قدوتنا جميعاً كان يوازن بين أعماله الدعوية وواجباته الأسرية، فكان يعلم الصحابة ويدعو الناس للدين الحق ويجاهد، أما في بيته فكان يضاحك أهله ويساعدهم في شؤون المنزل ويلاعبهم، ويردد «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». وحول مفهوم التوازن، يقول الكندري «كلمة التوازن لها مصطلحات مقاربة لها وكلها حسنة وإيجابية مثل الاعتدال، التوسط ولو دققنا النظر في المشاكل والأزمات في حياة الناس لعرفنا أن أحد أبرز أسبابها هو عدم القدرة على التوازن، أو التطرف والميل لطرف على حساب الآخر، فالتوازن وفق ما جاء في المعجم الوسيط «وازن» بين الشيئين، موازنة أي ساوى وعادل، ولكننا مطالبون بالحديث عن التوازن في الأسرة فإننا سنقدم تعريفا لها أيضا فالأسرة في اللغة هي: أهل الرجل وعشيرته، وسميت بهذا الاسم لما فيها من معنى القوة، حيث يتقوى الرجل بهم، والأسرة في الشرع: هي الجماعة التي ارتبط ركناها بالزواج الشرعي والتزمت بالحقوق والواجبات بين طرفيها وما نتج عنهما من ذرية وما اتصل بهما من أقارب». ويؤكد أن التوازن هو الأصل في سلامة الفرد صحياً ونفسياً وجسدياً وروحياً، بل حتى في الإنفاق لابد من «التوازن لا يتحقق إلا بالوعي والعلم، والإنسان المتوازن في شؤونه إنسان ناجح في حياته الوظيفية والأسرية فالزوجة لها حقوق والأبناء لهم حقوق كما للعمل حقوق، وبالتوازن تتحقق الأسرة السوية، حيث إن تغليب الزوجة أو الزوج للعمل على الواجبات الأسرية وما يترتب على ذلك من حرمان أفرادها من سبل الاهتمام وحسن التنشئة كل ذلك من شأنه الإخلال بالأعباء الأسرية وبالتالي الأضرار بأفراد الأسرة». حياة سليمة يوضح الكندري «المطلوب من الإنسان أن يقسم ساعات اليوم بعدل بين العمل الذي يتكسب منه وبين الأمور التقليدية وواجباته الأسرية ومتطلباته الحياتية، ولابد من مراعاة ما يلي: التعلم وحق الجسد من الراحة والرياضة واللهو ، ورعاية الزوجة والأبناء والاهتمام بالشؤون الأسرية، والتوازن يعني المسؤولية، فانطلاقاً من المفهوم الشامل للمسؤولية، فلابد من إعطاء المهام الوظيفية حقها من الأداء والإتقان، كذلك لابد من تخصيص الوقت الكافي للواجبات والمتطلبات الأسرية، عملا بالقاعدة النبوية «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». إن استشعار المسؤولية يحقق التوازن بين العمل الوظيفي والدور الأسري». وحول التوازن بين العمل والمنزل، يقول الكندري إن «تحقيق التوازن في عصر كثرت فيه تعقيدات الحياة لم يعد أمراً سهلاً، من هنا تأتي أهمية بث الوعي والتثقيف بكيفية تحقيق التوازن المطلوب، إذ أن النجاح في تحقيق التوازن يلقي بظلاله على الفرد نفسه، وعلى أسرته، وعلى عمله، قد تسبب الأعمال الإدارية ضغوطا على الإنسان في بيئته الوظيفية، ولكن من الخطأ جلب مشاكل وهموم العمل للمنزل، إذا أراد الإنسان النجاح في عمله فليأتي عمله تاركاً هموم منزله، وأن أراد التوفيق في مسيرته الأسرية فليترك ضغوط عمله أثناء مغادرته وعودته لبيته وليدخل بذهن صاف ونفسية خالية من تعقيدات ومشكلات الوظيفة أو المهنة، فمن حق الإنسان أن يكون له طموح وظيفي، ولكن من غير المقبول أن يطغى تحقيق الطموح على المتطلبات العائلية، إذ يجب أن يكون وقت الأسرة مقدساً خالصاً لأفرادها لا ينازعهم عليها أعمال إدارية أو مشاكل وظيفية». ويضيف «لتحقيق التوازن لابد من وضع الأولويات في الحياة وأن تكون الأسرة على قائمة تلك الأولويات، إن السعادة التي ينشدها الإنسان لا تأتي إلا من خلال التوازن بين العمل والمنزل، فكثير من الخلافات الزوجية، بل وحتى الطلاق والتفكك الأسري، كما يؤكد ذلك الخبراء سببها فقدان التوازن، فالبعض يظن أنه بقضاء أغلب وقته في العمل من شأنه أن يوفر المال لنفسه ولأسرته فيقع فيما يطلق عليه علماء النفس «الاحتراق الوظيفي» بحيث يمنح أغلب وقته لعمله وينسى نفسه ودوره الأسري، فيدفع هو وأسرته الثمن. ضغوط مدمرة يربط الكندري بين ضغوط العمل والأمراض، موضحا «يرى خبراء صحة أن من 50 إلى 70% من الأمراض التي تصيب الناس لها صلة بالضغوط، وتسبب تلك الضغوط أمراضا مثل أمراض القلب، خاصة الشريان التاجي وقرحة المعدة والاثنى عشر ورعشة الأطراف وبعض أنواع الحساسية التي قد تظهر في الصدر أو الجلد أو الوجه، والتعب والصداع وارتفاع ضغط الدم ويصاحب تلك الأمراض السابقة إحساس الإنسان بالاكتئاب والقلق لمحاولته التوافق مع الأمراض والمصاعب أو لجوء البعض لتناول الأدوية والمسكنات لعلاج تلك الأمراض والأعراض ولكنهم يتجاهلون علاج أصل الضغط ومنبع المشكلة وبذلك هم يقومون بعلاج وقتي وليس علاجا دائما». أما عن آثار الضغوط، فيقول «تصنف الآثار المترتبة على الضغوط في خمس مجموعات: سلوكية: مثل الميل للحوادث والإدمان على الخمور واستخدام المخدرات والمسكنات، والانفجار العاطف، والإفراط في الأكل، والتدخين، والسلوك العدواني. وموضوعية: ومنها القلق، والعدوانية، واللامبالاة، والملل، والاكتئاب، والإرهاق، وعدم تقديرات الذات، ومعرفية: عدم المقدرة على اتخاذ القرارات السليمة، وضعف التركيز، وانتباه قصير المدى، وحساسية زائدة تجاه النقد، وحواجز مهنية، وفسيولوجية: تزايد نسبة الجلوكوز في الدم، وزيادة في ضربات القلب، وزيادة ضغط الدم، وجفاف الفم، والعرق، وتغير حرارة الجسم ارتفاعاً وانخفاضاً، تنظيمية: مثل الغياب، والدوران لوظيفي، وانخفاض الإنتاجية، والعزلة عن الزملاء، وعدم الرضا الوظيفي، وانخفاض التزام الموظف وولائه». ويقول الكندري إن «مدمن العمل لا يفكر في أي شيء غير العمل؛ فالعائلة والأصدقاء مصيرهم النسيان نتيجة الانشغال في العمل، وهناك عدة تعريفات لمفهوم إدمان العمل ولعل أهمها ما تعبر عنه الباحثة ماكلوينز عندما تقول إن مدمني العمل هم الأفراد الذين يكرسون دائماً معظم وقتهم وتفكيرهم لعملهم أكثر مما يتطلبه الموقف». مهارات التعامل ينصح الكندري بعدة خطوات للتخلص من الضغوط، ويقول «هناك عدة مهارات منها: ممارسة الرياضة: حيث تشير الدراسات إلى أن التدريبات الرياضية تقلل من أثر الضغوط على الإنسان وتقلل درجة التوتر والقلق. والاسترخاء: فهو يقلل من سرعة دقات القلب ومعدل سرعة التنفس وضغط الدم وهدوء البال والنفس، ويمكن للإنسان أن يختار مكاناً هادئاً ومريحاً ويغلق عينيه ويجعل كل عضلات جسده تسترخي مع التنفس لخمس وعشرين دقيقة، وأن يقطع الأفكار السلبية التي قد تطرأ على ذهنه. والترويح والترفية: فالعقل يحتاج إلى فترات راحة كما الجسد والروح والترويح حاجة أساسية للنفس البشرية وتزداد تلك الحاجة في أوقات الضغوط وللترويح صور متعددة نذكر منها: الترويح التعبدي: وهو أفضل أنواع الترويح، بأن يروح الإنسان عن نفسه بأداء العبادات والقربات تأسياً بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما كان يقول: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة»، والترويح الرياضي: أي ممارسة نوع من الرياضات المباحة ويسع الإنسان ممارسة الرياضة مع زوجته وأفراد أسرته، والترويح الاجتماعي: وهو مشاركة أكثر من فرد في نشاط ما والمشاركة الاجتماعية، مثل التزاور، والمحادثة، ومساعدة الآخرين، وملاعبة الزوجة والأبناء، والترويح السياحي: ونقصد به السفر والتنقل، حيث فيه الترفية واكتشاف الجديد والمفيد، والنظر في كتاب الكون المفتوح، والترويح الثقافي: ونقصد به الاستمتاع بالقراءة والتزود بالمعرفة وحضور مجالس العلم والكتابة وتفريغ الشحنات السلبية على الورق. والترويح الفني: أي قيام الإنسان بالتعبير عن مشاعره وعواطفه واندماجه في عمل يحبه مثل الفنون اليدوية كالرسم والنجارة والخط والأناشيد والدراما الهادفة، والترويح الذهني: أي التسلية عبر ممارسة ألعاب وتمارين ذهنية مثل الألغاز والمسابقات». هدف البرنامج حول يوم الأسرة الدولي، الذي نظم في العين، تقول أصيلة الكلباني، رئيس قسم العلاقات الأسرية إدارة مساندة الأسرة مؤسسة التنمية الأسرية «يأتي تنفيذ هذا البرنامج، انطلاقاً من أولويات المؤسسة الاستراتيجية الرامية إلى التركيز على الأسرة والاهتمام بتنفيذ البرامج التي تسهم في تكريس المعرفة والمشاركة المجتمعية مع الجمهور المستهدف، ونظمنا في هذا الإطار يوما مفتوحا في مركز العين استفاد منه الموظفون نساء ورجالا، نظرا لأن محور الموضوع هو التوازن بين العمل والمنزل، وهدف البرنامج إلى التركيز على ضرورة تحقيق التوازن في الوقت النوعي بين العمل والعائلة، للارتقاء بالأسرة والتصدي للمشكلات التي قد تؤثر على كيانها، وتسليط الضوء على التواصل والتراحم الأسري والمجتمعي، وإكساب المشاركين معلومات عن الضغوط النفسية وأثرها على صحة الفرد، وسبل التخلص منها ومواجهتها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©