الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برج النصلة شامخ في رأس الخيمة يقاوم «شيخوخة» الزمن

برج النصلة شامخ في رأس الخيمة يقاوم «شيخوخة» الزمن
20 مايو 2012
موزة خميس (رأس الخيمة) - منطقة النصلة ربما تكون منطقة بسيطة جدا، لكنها غنية بأهلها وبتراثهم، وتقع على قمة أحد جبال رأس الخيمة وتعد موقعا أستراتيجيا مهما جدا، قرب سلطنة عمان، وكانت القوافل التجارية أو قوافل المصطافين، تنتقل من الإمارات إلى سلطنة عمان عن طريق النصلة، وقد وضعت نقطة حراسة تحدد الحدود قبل أكثر من مائتي عام بجذع نخلة تتوقف عنده القوافل ويدفعون تعريفة مرور. ومن أهم كنوز المنطقة برج النصلة الذي كان مخصصا للحراسة الأمنية، وتعرض لعوامل كثيرة أدت إلى سقوط أجزاء كبيرة منه، لكن تبقى ما يمكن ترميمه وإعادة الهيبة له، خاصة أنه شامخ في أعلى منطقة. وفي لقاء مع حمد بن خميس بن زعيل الدهماني من أهل المنطقة، دعا إلى سرعة إعادة ترميم هذا البرج، خوفاً عليه من أن يندثر بعد فترة من زمن، ويموت معه تاريخ حافل لأن عمر البرج حوالي مائتي عام، ولم يكن يستخدم لغير الحراسة، كما أن الحارس يتمكن من خلاله من مشاهدة أية قافلة، قبل أن تدخل الحدود فينبه رجال الأمن. بناء الحصون وأكمل بن زعيل الدهماني أن البرج قريب من مساكن الأهالي، وكان الرجال يحبون الاجتماع بالقرب منه في مختلف الأوقات، لمناقشة أمور حياتهم، خاصة أن الحصون والقلاع وأبراج الحراسة من أهم ما يمكن أن تفخر به الشعوب، وتعد الحصون أصغر حجماً من القلاع، وكان أهل المنطقة قد ساهموا في بناء الحصون والقلاع، ودلالة على ذلك توجد في المناطق المجاورة مربعة للحراسة وهي برج مربع في هندسته، وموحد في مواد البناء، وهي العمارة الطينية التي تختلف عن البناء بنوع أخف من الطين يسمى المدر، والمدر أقل قوة وصلابة في مواجهة التأثيرات والعوامل المناخية، وهو درجة ثانية من حيث القوة، ولذلك بنيت الحصون والقلاع من الطين الأكثر صلابة، وكان المدر يستخدم لبناء أسوار مزارع النخيل قديماً. وقال حمد الدهماني إن كل منطقة بها أماكن يستمد منها الرجال مواد البناء، مثل الطين والسعف وجذوع النخل، والجندل، وهو جذوع أشجار لا توجد في الإمارات، وكان يؤتى بها من دول أخرى سواء أفريقية أو آسيوية، وتستخدم كأساس في الأركان الأربعة، ومنه ما هو مختلف ليستخدم في بناء السقوف، والطين أنواع ومنه الرمادي والبني والأخضر، وذلك بسبب بعض المعادن الأصلية التي يتكون منها، وعند عملية البناء يتم اختيار أجود الأنواع من الطين الذي يستخرج من باطن الأرض، لأن العلوي منه يسمى طفال وهو التربة الممتازة والأجود للزراعة. مجموعات العمل ويعتبر حمد أن أهم ما كان يجمع الأهالي في ذلك الزمان، وحتى وقت قريب، هو التعاون في بناء منازلهم وفي بناء حصونهم، وكان الرجال الذين يهبون للبناء يتوزعون إلى مجموعات ولكل واحة مهمة، وكانت وسائل نقل مواد البناء تتم عن طريق النقل على الحمير، ليصعدوا بها لأعلى الجبل، ومنهم من يذهب ليأتي بالطين في خرج من السعف، بعد ذلك يبدأ عمل مجموعة أخرى وهم الفريق المسؤول عن دق الطين بعصي غليظة جدا وهي القب أو القبان حتى يتفتت الطين. وذكر الدهماني وفي وصفه المنطقة أن النصلة كانت منطقة لا ينقطع عنها الماء طوال العام، فهناك وادي يمر به الماء سواء من العيون أو المتساقط من المطر، ولذلك عندما تأتي القوافل تتوقف عند الغدير من أجل الماء، ولم يكن صعبا أمر توفر الماء لأجل البناء، لكن الصعب هو نقل الماء في قرب على ظهور البغال والحمير، إلى مناطق البناء حيث تأخذ العملية وقتا، لكن في النهاية يتحقق المشروع، سواء كان قلعة أو برجا، وعندما يصل الماء يوضع على الطين الذي يكون على هيئة كومة. وأضاف، تصنع حفرة في الوسط لأجل وضع كميات مدروسة من المياه، وعندما يصب الماء يصبح شبيها بالمعجون وبطريقة الدهس بالأقدام أي العجن يتكون، ثم يترك حتى اليوم الثاني كي يتشرب الماء ويصبح أقوى، وفي اليوم الثاني يصب عليها الماء مرة أخرى، ثم يوضع قش القمح الذي كان يتوفر بكثرة في ذلك الزمن، لكونه من الغلات الرئيسية لأن المنطقة مشهورة بالزراعة، وتكرر عملية العجن بالأقدام حتى يتجانس ويصبح جاهزا للتحويل إلى قوالب، وتلك القوالب هي اللبنات التي يتكون منها الجدار والحائط وكل ماله علاقة بالمبنى، ويؤتي بقوالب من الخشب ويسكب بها المعجون الطيني لتتحول إلى طوب، وكل قالب ينتج ما بين ثلاث إلى أربع لبنات، ويترك مدة لا تقل عن عشرة أيام حتى تجف كل القوالب تحت الشمس، وتأتي بعد ذلك عملية حفر الأساس ويقال حفر الساس. وبعد أن شرح حمد الجهد الذي قام الأجداد بتكبده لأجل بناء البرج وغيره من الأماكن التي يعتبرها ثمينة، دعا مرة أخرى إلى إعادة ترميم البرج، وأكد أنه يمكن أن يصبح ذات يوم، مزارا سياحيا لوفود السياح الذين يهتمون بهذا لنوع من البناء، وتكريما لكل أولئك الذين جاهدوا الظروف كي يتم بناء البرج، وتكريما لرجال أمن المنطقة قديما، يطالب أهالي المنطقة ببناء ما تبقى منه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©