الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: خبراء يطالبون ببرنامج اقتصادي يركز على الإنتاج ويحد من البطالة

مصر: خبراء يطالبون ببرنامج اقتصادي يركز على الإنتاج ويحد من البطالة
8 أكتوبر 2016 21:12
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) يُبدي اقتصاديون مصريون مهتمون بقضايا التنمية، تحفظاً على اختزال الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري حالياً في سعر الصرف، دون أن يكون لدى الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي شامل، يركز على قضايا الإنتاج والتصنيع، والحد من بطالة الشباب، وتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية. ومنذ شهور، تشغل الارتفاعات القياسية للدولار أمام الجنيه، المصريين كافةً بما في ذلك رجل الشارع العادي، الذي يعاني من ارتفاعات أسعار السلع، كنتيجة لارتفاعات سعر الدولار. وزاد الجدل في أوساط الخبراء والمتخصصين مؤخراً مع زيادة التوقعات بلجوء البنك المركزي إلى تعويم العملة الوطنية، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي توصلت معه الحكومة إلى اتفاق مبدئي للحصول على حزمة قروض بقيمة 12 مليار دولار، ويسعى وفد مصري يزور واشنطن حالياً لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، إلى التوقيع على الاتفاق النهائي للقرض. وفي أقل من أسبوع، قفز سعر الدولار في السوق الموازية في مصر من أقل من 13 جنيهاً إلى أكثر من 14 جنيهاً، الأمر الذي يثير تحفظ الكثير، خصوصاً أن كل الإجراءات التي اتخذتها السلطات النقدية والأمنية على السواء، لم تكبح جماح المضاربات من قبل شركات الصرافة وتجار العملة الذي يعملون في الشوارع وعلى ناصية الطرقات وعبر شبكة الإنترنت. تغيير السياسات وحسب خبراء اقتصاديين تحدثت إليهم «الاتحاد»، فإن ندرة العملة الأمريكية في سوق الصرف المصري، «عَرَض» لأمراض عدة يعاني منها الاقتصاد منذ أحداث يناير 2011، وأخفقت السياسات المتبعة طيلة السنوات الخمس الماضية، في وضع حلول لها، فيما ركزت جهودها على الجري وراء استهداف المضاربات على العملة، الأمر الذي زاد من حدة المشكلة جراء تبديد الاحتياطي النقدي للبلاد دون جدوى، حسب الدكتور أحمد أبو السعود، أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية. وأضاف: تفاقم الوضع الاقتصادي جعل لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض، أمراً لا مفر منه، لكن لن يكون لـ«روشتة» الصندوق فائدة تُذكر في حال جرى اتباع السيناريو ذاته الخاص باستخدام القروض والمنح في حماية سعر الصرف». وحسب تصريحات سابقة لمحافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، فإن السياسات النقدية التي اتُّبعت في المرحلة السابقة والتي دافعت عن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار تسببت في تبديد ما لا يقل عن 22 مليار دولار من إجمالي المنح والمساعدات التي حصلت عليها مصر من الدول العربية والصديقة. وحصلت مصر منذ تقلد الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد على دعم خليجي بأكثر من 30 مليار دولار، منحاً ومساعدات وقروضاً، وبالتحديد الإمارات والسعودية والكويت، وذلك لمساعدتها على تجاوز أزمتها الاقتصادية. وليس أبو السعود وحده الذي يخشى من استخدام القروض الجديدة في الدفاع عن سعر الصرف، إذ لدى الدكتور زياد بهاء الدين، وزير التعاون الدولي السابق، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري، ذات المخاوف، قائلاً: «إن مجرد الاعتماد على السيولة المرتقبة من القروض الجديدة دون تغيير السياسات لن يُخرجنا من الأزمة، بل قد يزيد حدتها بعد أن نكون قد استنفدنا كل الرصيد المتاح لنا خارجياً في الاقتراض من الأسواق الدولية، وداخلياً في الاعتماد على قدرة الناس على الاحتمال والصبر». وأضاف: «شخصياً لا أرى بديلاً في الأجل القصير من أن نمضي في طريق الحصول على التمويل المتاح ونسد به حاجة صارت أكثر من ملحة لموارد دولارية من دونها تتوقف عجلة الإنتاج بالكامل، ولكن يجب أن تكون الدولة على استعداد للمراجعة والعدول عن السياسات التي جعلتنا نصل إلى هذه الحالة». وألقى بهاء الدين باللائمة على السياسات الاقتصادية التي قال إنها فرضت على مصر اللجوء إلى الاقتراض الأجنبي، واتخاذ إجراءات تقشفية صارمة، مضيفاً أنه خلال العامين الماليين الماضيين، بدءاً من الأول من يوليو 2014 حتى نهاية يوليو 2016 ارتفع الدين العام الداخلي من 1.4 تريليون جنيه إلى ما يتجاوز 2,4 تريليون، وارتفعت نسبته إلى الدخل القومى من 80% إلى 85%، وظلت البطالة في حدود 13% دون تغيير يذكر، وارتفع الدين العام الخارجي من 43 مليار دولار إلى 53 مليار دولار، وانخفضت قيمة الجنيه المصري في السوق الموازي بنحو 40%، وزاد التضخم بنحو 6% بينما زادت أسعار المواد الغذائية وحدها خلال العامين بنسبة 30%، ولم يحقق الاقتصاد القومى نمواً إلا بمتوسط 4%‏. وطالب بإيجاد خطة واضحة لتحسين جودة المنتجات المصرية ومساعدتها على التصدير إلى أسواق صارت تنافسية، وأن تكون هناك وقفة صادقة مع السياسات الاقتصادية السابقة، والعدول عما ثبت فشله، والتقدم نحو مناخ اقتصادي مختلف، لكي يكون هناك أمل حقيقي في تجاوز الأزمة الراهنة. وهو ما يدعو إليه أيضاً د.أبو السعود، مضيفاً أن قضايا الإنتاج والتصدير من الأولويات التي يتعين على صناع السياسة الاقتصادية الاهتمام بها، إذ ارتفع عدد المصانع المتعثرة والمتوقفة عن العمل إلى قرابة 2000 مصنع، وانخفضت مساهمة القطاع الصناعي من 22% إلى 16% في الناتج المحلي الإجمالي، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وتوقف الكثير من المصنعين عن العمل، خصوصاً مع فورة الاستيراد العشوائي الذي أضر بالمنتج المصري ليس في سوقه المحلي، بل في الأسواق الخارجية. وقال إن تعويم العملة أو حتى خفض قيمتها بنسب جديدة، سوف يفاقم من أوجاع الاقتصاد، إذ إن معدلات التضخم التي سجلت مستويات مسبوقة تصل إلى 16% ستواصل ارتفاعها إلى قرابة 20%، مما يزيد من معدلات الفقر، فضلاً عن زيادة المصاعب التي تعاني منها المصانع المصرية بسبب عجزها عن تدبير حاجتها الدولارية لاستيراد المواد الخام. إصلاحات هيكلية القاهرة (الاتحاد) قالت الدكتورة عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، إن تعويم العملة أو خفض قيمتها ليس القضية الأساسية لعلاج الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد المصري، والذي يحتاج إلى برنامج تثبيت وإصلاح هيكلي قوي، مضيفة: «من الواضح أن الحكومة الحالية وحدها لا تملك مقومات إنجاح البرنامج من دون دعم من صندوق النقد الدولي». وأوضحت أن الحكومة مطالبة باتباع آليات وأدوات جديدة لتقليل نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأجل القصير والمتوسط من 11.5% إلى 6.5%، وأن ينجح الاقتصاد في موازنة المتغيرات الاقتصادية الأساسية، بأقل ضرر ممكن على محدودي الدخل وذوي الدخول الثابتة. وتتوقع الحكومة أن تبلغ قيمة عجز الموازنة الحالية 2016-2017 نحو 319 مليار جنيه. وأضافت: «المشكلة أن الدولة لا تتحدث عن الإنتاج، وتركز فقط على سعر الصرف والقروض من مؤسسات التمويل، ويكاد يكون حديث الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي معدوماً». وعلى غرار اقتصاديين آخرين، ترى المهدى أن عدم إدارة سعر الصرف بطريقة رشيدة، يكلف الدولة مبالغ طائلة بصورة مباشرة وغير مباشرة، إذ تتحمل الدولة تكاليف فرق سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي مع العالم الخارجي في المعاملات بدءاً من الاستيراد، ووصولاً لاستخدام البطاقات الائتمانية، والحج والعمرة وهي تكاليف باهظة، أما التكلفة غير المباشرة، فتتمثل في إحجام المستثمرين عن القدوم للاستثمار في مصر في ظل سياسة نقدية غير سليمة وغير حرة ويشوبها عدم وضوح. وأضافت أن العملة المصرية المقوَّمة بأعلى من قيمتها لا تشجع علي التوسع في التصدير، بقدر ما تشجع على الاستيراد الأرخص نسبياً، إذ تضاعَف سعر صرف الدولار من 7 جنيهات إلى 14 جنيهاً في عامين، ولن يمنع تأجيل قرار خفض جديد في قيمة العملة المصرية من الوصول بالدولار إلى مستويات سعرية جديدة، في ظل تراجع الإنتاج والتصدير. وقالت المهدي إن تأجيل قرار تخفيض سعر العملة والتسويف والمماطلة أسوأ من اتخاذه، ذلك أن المضاربات تزداد طول الوقت على توقعات الخفض أو التعويم، في حين لو تم اتخاذ القرار فور تولي محافظ البنك المركزي الحالي منصبه قبل قرابة العامين، لكنا تجاوزنا مرحلة الاضطراب الحالية، ودخل سعر الصرف مرحلة استقرار عند مستوى توازني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©