السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محسن أخريف يكتب أوجاعه من الحياة وخرائب العشق

محسن أخريف يكتب أوجاعه من الحياة وخرائب العشق
19 مايو 2012
صدر مؤخرا للشاعر المغربي محسن أخريف، ديوان شعري جديد بعنوان “ترويض الأحلام الجامحة”، ويضم ثلاثة وثلاثين قصيدة، أغلبها من القصائد القصيرة التي تعبّر عن قلق وجودي يعيشه الشاعر. وفي نصّ بعنوان “أكثر من حياة” من المجموعة الشعرية الصادرة ضمن سلسلة “إبداع” التي تصدرها وزارة الثقافة المغربية نقرأ في قصيدة بعنوان بيان شخصي”: لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ. عَواَطِفِي بَدَوِيَّةٌ، وَقَلْبِي قَرَوِيٌّ لاَ يَغْفِرُ الخِياَنَةَ؛ أَلَيْسَتِ الخِياَنَةُ لُعْبَةً حَضَرِيَّةً فِي أَغْلَبِ الأَحْياَنِ؟ لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ. حَرَّرْتُ قَلْبِي مِنَ الغَيْرَةِ وَنِمْتُ فِي حُضْنِ اسْتِعارَةٍ عاَمِرَةٍ بِالاحْتِمالاَتِ السَّعِيدَةِ. وَاحْتَفلْتُ بِالرِّيحِ الَّتِي تُرَفْرِفُ فِي سَمَاوَاتٍ لاَ أَمْلِكُهاَ. لَمْ أُفَكِّرْ فِي عُمْرٍ لاَ يَكْفِي حَتَّى لِنَمِيمةِ الجِيرانِ. لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ. أمْضِي العُمْرَ أَرْقُصُ عَلَى إِيقَاعٍ لاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ، وَلِهَذاَ يَتَّهِمُنِي الجَمِيعُ بِالحُمْقِ وَبِتَخَيُّلِ مُوسِيقَى أَرْقُصُ عَلَيْها. رَقْصَةً لَيْسَتْ لِسِوَايَ. أَرْقُصُ عَلَى هَدْيِ الرِّيحِ وَهَدْيِ الأَصْواتِ الخَارِجَةِ مِنْ دَاخِلِي دُونَ أَنْ يَسْمَعَهَا أَحَدٌ. وَحِينَ أَتْعَبُ، أَفْعَلُ كَمَا الحَمَام أَصْعَدُ عاَلِياً أَسْتَنْشِقُ هَواءً نَقِياًّ، ثُمَّ أَنْزِلُ. لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أُخْفِيهِ؛ في حَدِيقَةِ العُمْرِ نَبَتَتْ أَزْهارٌ كَثِيرَةٌ دُونَ أَنْ أَعْرِفَ اسْمَهَا. نَبَتَتْ دُونَ قَصْدٍ، وَدُونَ عِناَيَةٍ مِنِّي. أَناَ البُسْتاِنِيُّ الَّذِي اعْتَنَى بِحَدَائِقِ الآخَرِينَ، وَتَرَكَ حَدِيقَتَهُ لأَزْهارَ ضاَلَّةٍ، وَمُتَوَحِّشَةٍ، افْتَرِسَتِ الأَزْهارَ البَرِيئَةَ وَالصَّغِيرَةَ. لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ. لِهَذاَ سَأَلْقَى المَوْتَ فِي شاَرِعٍ فَسِيحٍ، سَأَلْقاهُ بِلاَ أَسْرارٍ، وَبِلاَ أَعْطَابٍ فِي النَّفْسِ، تَحْتاجُ إِلَى إِصْلاَحٍ فِي الأَنْفاسِ الأَخِيرَةِ مِنَ الْعُمْرِ. لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أَخْجَلُ مِنْهُ، طِوالَ العُمُرِ، وَأَناَ أَبْحَثُ عَنْ أَسْباَبِ الْفَرَح. بَحَثْتُ عَنْهاَ كَماَ تَبْحَثُ النَّارُ عَنْ قَشَّةٍ صَغِيرَةٍ حِينَ تَنْتَهِي مِنْ الْتِهَامِ الغاَبَةِ. لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أُخْفِيهِ. قَلْبِي عَلِيلٍ، وَلاَ يَقْوَى عَلَى التَّمَلُّقِ. وَدِمائِي صاَفِيَةٌ لاَ تَسْبَحُ بِهاَ كُرَيَّاتُ الكَذِبِ. لِهَذاَ بَقِيتُ طِوالَ العُمُرِ فِي الأَسْفَلِ، أُمْسِكُ السُّلَّمَ كَيْ لاَ يَسْقُطَ بِمُرْتَقِيهِ. فَقِيرٌ بِلاَ قَطِيعٍ، أَمْضَيْتُ عُمْرِي أَهُشُّ بِعَصايَ عَلَى غَيْمِ الشِّعْرِ، أُجَمِّعُهُ، ثُمَّ أَنْثُرُهُ. أَلِهَذاَ ياَ صاَحِبِي تَرَى، أَنِّي أَسْتَحِقُّ حَياَةً أُخْرَى، شَرْطَ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّلَةً، مُنَقَّحَةً مِنَ الأَلَمِ، وَمَزِيدَةً مِنَ الْفَرَح. نلمس من خلال هذا المقطع أن الشاعر بقدر ما يعيش صفاء داخليا متلفعا بالطهر، فهو أيضاً يعرب عن نكسة الشاعر فيه، هو الذي ظل طيلة حياته مثل كل الغيورين على الحياة، يبحث عن خيط ضوء يدفئ به خيمته دون جدوى، ولأنه كذلك، فلم يعد لديه ما يخسره في معادلة الحياة التي يزدهي فيها المادي ويسطو فيها الظلم بشتى أنواعه، ناهيك عن الإقصاء الذي يعيش في كنفه المبدع والشاعر خصيصا. ويقول في قصيدته “خَرَائِبُ العُشَّاقِ”: بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَنِصْفِ سَاعَةٍ، وَالخاَمِسَةِ وَالنِّصْفِ؛ حِينَ تَخْفُتُ أَصْوَاتُ الغاَبَةِ. تَخْرُجُ جَوْقَةُ العُشَّاقِ مَثْنَى مَثْنَى. يُشَّرِّعُ القَلْبُ أَبْوَابَهُ. فِي السَّاعَةِ ذَاتِهاَ وَالمكاَنِ عَيْنِهِ يَلْتَقِي عَاشِقٌ بِعَشِيقَتِهِ، يَرْسُماَنِ فِي أَذْهَانِهِماَ خَارِطَةً لِمَساَءٍ حَمِيمٍ، بِسَماَءٍ تُعَمِّرُهاَ الأَسْراَرُ.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©