لم يكن يتوقع الشاب المواطن ''راشد· خ '' الذي يعاني من إعاقة ذهنية منذ الصغر، انه سيعمل ويحصل على راتب شهري منتظم يصل إلى 5 آلاف شهريا يستطيع من خلاله ان يمارس حياته بشكل طبيعي ويعتمد على نفسه· ويقول راشد الذي يعمل في مشتل واحة الصحراء في دبي منذ 3 سنوات، ''أهم ما كان يشغلني ألا أكون عبئا على احد، فرغم إعاقتي اشعر انني قادر على العطاء وهذا ما حاولت ان أثبته من خلال عملي في الزراعة داخل هذا المشتل''·
أما علي سعيد، وهو واحد من بين 34 معاقا مواطنا من بين 38 معاقا يعملون في المشتل، فيؤكد انه هو وزملاءه في العمل قادرون على الاندماج مع أقرانهم الطبيعيين في مكان العمل، بل ويستطيعون ان ينافسوهم في العطاء والنجاح''·
ويضم مشتل واحة الصحراء الذي تصل مساحته 700 ألف قدم في منطقة الخوانيج بدبي، من إجمالي 10 آلاف قدم كمشاتل تابعة لمجموعة الصحراء، 108 عاملين منهم 38 معاقا يمثلون 35 % من إجمالي العدد·
ويعلمون أصحاب الإعاقة الذهنية في المشتل، بينما يعمل الصم في الأعمال المكتبية ''4 معاقين''، وجميعهم من المتخرجين من مراكز المعاقين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والذين التحقوا بسوق العمل والبالغ عددهم 126 معاقا بحسب وفاء بن سليمان مديرة إدارة المعاقين بالوزارة·
وقالت سليمان ''من سن 14عاما يتم تدريب المعاقين التابعين لمراكز ذوي الاحتياجات الخاصة التي تشرف عليها الوزارة ''5 مراكز''، ويكون ذلك وفقا للمهن التي تناسبهم تهميدا لالتحاقهم بسوق العمل·
وكشف المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله السويدي رئيس اللجنة المختصة بتشغيل ذوي الإعاقة والمنبثقة من قانون المعاقين، ان اللجنة بصدد إنشاء بوابة الكترونية لتجارب التشغيل الناجحة لذوي الإعاقة في الدولة، تعرض من خلالها فرص للتشغيل وفرص للتدريب''·
وقام السويدي، الأسبوع الماضي، بزيارة مشتل الصحراء، للاطلاع على تجربته وتوقيع مذكرة تفاهم معه بشأن توسيع استقطاب مجموعة الصحراء لذوي الإعاقة ليرتفع العدد إلى 50 معاقا خلال العام المقبل·
ووجه السويدي، إدارة المعاقين بالوزارة بعمل دراسة تقييم لأداء المعاقين ذهنيا في المشتل للوقوف على الكمية التي ينتجونها والمردود الاقتصادي على الشركة ومساهمتهم في تطوير المؤسسة التي يعلمون فيها والمردود الشخصي عليهم·
ويقوم بالدراسة خبير من إدارة المعاقين على مدار العام يتم خلالها زيارة المشتل مرة في الأسبوع على الأقل ومتابعة اداء المعاقين·
وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية، في مؤتمر صحفي عقده مديرها العام مع ممثلي مجموعة الصحراء التي يتبع لها المشتل، على قيام المجموعة باستغلال المساحات الخالية في مراكز المعاقين في عجمان والفجيرة ورأس الخيمة، كمشاتل على ان يكون 80% من العاملين من المعاقين وينفذ ذلك اعتبارا من مطلع العام القادم·
ويقوم أصحاب الإعاقة الذهنية في المشتل بأعمال الزراعة ونقل الفسائل ''نباتات الأشجار الصغيرة'' وتحميلها ونقلها إلى الأماكن المراد زراعتها، وتنزيلها وزراعتها وفق طرق علمية، بحسب علي البادي المدير الإداري في مشتل واحة الصحراء·
واعتبر السويدي ان التجربة ناجحة إلى حد كبير وتستحق الاهتمام لأنها مثال عملي على دمج هذه الفئة في المجتمع، كما اعتبر ان الشركة مثال مهم وناجح في مجال المسؤولية الاجتماعية·
وقال البادي '' تفاجأنا بوجود إنتاجية عالية للمعاقين العاملين لدينا مقارنة بإنتاجية الأشخاص العاديين، وقاموا بأعمال لا يقوم بها المواطن العادي، واثبتوا جدارتهم في العمل الزراعي وان لديهم قدرات أكبر من العمل اليدوي''·
ووصف البادي، المعاقين ذهنيا العاملين بالمشتل بأنهم '' فريق عمل حقيقي ومتآلف يتمتع بالتقارب الحقيقي وتربطهم علاقات إنسانية منقطعة النظير''·
وينجح أصحاب الإعاقة الذهنية في أعمال الزراعة باعتبارها أكثر الأشغال قربا إلى طبيعتهم لأنهم يستمعون بالعمل الجسماني الذي فيه تكرار ومشاركة جماعية، على عكس كثير من الأشخاص الآخرين سواء العاديين أو أصحاب الإعاقات الأخرى، بحسب وفاء بن سليمان· ويقول ''أ· العيدروس''، أحب ان ازرع الورد فهذا ''عمل ممتع بالنسبة لي، ونجاحي في عملي أعطاني ثقة اكبر في نفسي ان يمكن ان أقوم بكل شيء''· وقام معظم المعاقين في المشتل، بعمل حدائق في بيوتهم تضم الكثير من أنواع النباتات والورود التي يعطيونها الكثير من الوقت والرعاية·
وقال ناصر طالب، المدير التنفيذي لمجموعة الصحراء ''نعمل على دعم المعاقين من خلال منحهم الوظائف اللازمة ونعتبر أنفسنا مقصرين، وما نقدمه الآن يمثل ما بين 20 و 30 % مما نسعى إلى تقديمه للمعاقين داخل مجموعة الصحراء مستقبلا''·
ويتمتع المعاقون العاملون في المشتل بالعديد من المميزات مثل التأمين الصحي والمواصلات وينالون وجبة الإفطار، المواطنون منهم مسجلون بالهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية·
وتوفر الشركة لهم مدربا رياضيا للقيام بالتدريب والتمارين لمدة ساعتين يوميا لتقوية قدراتهم الجسمية، بالإضافة إلى وجود صالة ''جيمانيزيوم'' ورحلة ترفيهية شهرية·
عدد اليوم
