الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

السوق الشعبي.. عطر الزمان والمكان

السوق الشعبي.. عطر الزمان والمكان
3 فبراير 2016 23:03
أشرف جمعة(أبوظبي) يكشف السوق الشعبي في القرية التراثية بمهرجان «سلطان بن زايد التراثي» الذي يستمر حتى 13 فبراير الجاري، بمنطقة سويحان بأبوظبي عن الوجه المضيء للموروث الشعبي الإماراتي الأصيل حيث يختزل بين دكاكينه التراثية رائحة البخور والتوابل العربية والبهارات والعطور والبن المطحون وتتدلى من سقوف هذه الدكاكين الملابس القديمة للفتيات والصبيان، وعلى بساط الأرض كان الجفير يعلن عن وجوده التاريخي والسرود والمهفة والأواني الفخارية في مشهد يظهر حياة الآباء والأجداد فضلاً عن ساحة السوق الشعبي الكبيرة التي تستقبل الزوار من كل مكان وبخاصة طلاب المدارس الذين انبثوا في جنباته فتذوقوا الأطعمة الشعبية وشاهدوا لقطات حية من الماضي فضلاً عن الحضور الكامل للتمور المحلية ومنتوجات النخلة التي عطرت الزمان والمكان فاكتملت لوحة هذا السوق الشعبي البهية على بساط الموروث الشعبي لهذا المهرجان الكبير الذي يحظى برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات. رسالته إنسانية حول مدى تميز السوق الشعبي في مهرجان «سلطان بن زايد التراثي» في دورته الجديدة هذا العام تقول نائب رئيس لجنة السوق الشعبي والقرية التراثية والأنشطة المصاحبة فاطمة التميمي: يحمل مهرجان «سلطان بن زايد التراثي» راية التميز منذ انطلاق أول نسخة إلى وقتنا الحالي، خصوصاً أن رسالته عميقة وإنسانية وأخلاقية فهو يشجع على الحفاظ على الهوية والتراث الذي تركه الأجداد والذي يتنقل إلى الأجيال جيلاً بعد جيل لافتة إلى أن السوق الشعبي صورة مقاربة للحياة الإماراتية القديمة إذ إن المنتوجات التي تعرض فيه لا تختلف عن التي كانت تستخدم في الماضي إذ إن حياة الآباء والأجداد كانت قائمة على الاكتفاء ومن ثم التعامل مع ظروف البيئة المحيطة بشيء من الذكاء الاجتماعي وهو ما جعل العقول تفكر وتنتج وتستخدم النخلة في كثير من الأغراض واليوم الجيل الجديد في حاجة إلى التمسك بعادات الماضي في ظل التغيرات التي تحدث من حولنا فالتمسك بالهوية هو أساس المواطنة الصالحة ومن ثم الولاء والانتماء للقيادة الرشيدة والوطن الغالي. مقتنيات تراثية وتذكر التميمي أن السوق الشعبي الذي اتسعت ساحته بفضل إقبال الكثير من رواد الدكاكين التراثية على المشاركة جعل هذه السوق تزدهي بالبضاعة التراثية التي تجذب كل أفراد الأسرة والتي بدورها تجعل السياح يندفعون إليها بشغف وحب من أجل التعرف إلى الموروث الشعبي الإماراتي الأصيل ومفرداته العميقة والشواهد كثيرة حيث يخرج هؤلاء السياح في النهاية وفي أيديهم الكثير من المقتنيات التراثية المبهجة مؤكدة أن تنوع المنتوجات وغزارتها من الأسباب الرئيسة التي تجعل الزوار يرغبون في الحضور ومن ثم تعمير هذا السوق. زيارات المدارس وتوضح التميمي أن زيارات المدارس لا تنقطع عن السوق الشعبي في القرية التراثية طوال فترات المهرجان وهو ما يظهر حجم هذا التآلف بين مؤسسات الدولة التعليمية وإدارة مهرجان «سلطان بن زايد التراثي» لافتة إلى أنه من أهداف المهرجان أن يستقطب النشء والشباب من أجل التعرف على مفردات التراث الإماراتي الأصيل ومن أجل أن يتلمسوا حياة الآباء والأجداد خصوصاً أن البيئة البحرية جذبت عديد منهم حيث شباك الصيد وطريقة صناعتها وورشة فلق المحار مشيرة إلى أن هذه السوق لم تتوقف على وجود العارضين التراثيين فقط لكنها أيضاً استقطبت جامعي التحف والمقتنيات القديمة وأصحاب المتاحف الخاصة في خطوة تبرز مدى تآزر الجميع من أجل التعريف بالموروث الشعبي الإماراتي في كل مراحلة. منتوجات يدوية في بداية السوق الشعبي كانت «أم سلطان» تعرض منتوجاتها التراثية المصنوعة من الخوص وتميز دكانها الشعبي حتى النخاع بجمال معروضاته التي ازدهرت فكانت خير شاهد على تاريخ قديم وهو ما جعل زوار المهرجان يتوافدون على متجرها من أجل اقتناء بعض المنتوجات اليدوية والتي تميزت فيها «أم سلطان» التي تذكر أنها منذ سنوات طويلة وهي تعمل في الحرف اليدوية والصناعات القائمة خاصة على خوص النخلة مشيرة إلى أنها لا تهدف في المقام الأول إلى الربح بقدر ما ترى أن الحفاظ على موروثات الأجداد أمانة يجب أن تصان مؤكدة أنها تسعد كثيراً بالمشاركة في مهرجان «سلطان بن زايد التراثي» كل عام خصوصاً أن لها جمهورها الذين يقدرون قيمة ما تصنع وما تقدم من منتوجات. وتبين «أم سلطان» أنها تعرض أحجاماً مختلفة للجفير والسرود والأواني المصنوعة من «يريد النخلة» والمباخر والسلال وتحرص على طريقة عرض مبهرة وهو ما يجعل دكانها يظهر أمام الناس وكأنه لوحة مكتملة العناصر والظلال وترى أن المهرجان يحمل رسالة الموروث الإماراتي وينقله إلى الجيل الجديد بمنتهى الأمانة والإخلاص هو ما تحتاج إليه دائماً الأجيال الجديدة من أجل الحفاظ على العادات والتقاليد. شواهد تاريخية لا يزال عبد الله راشد صاحب أحد المتاحف الشخصية في العين يحرص على نقل الموروث الشعبي الأصيل الذي ورثه عن آبائه وأجداده إلى الجيل الجديد حيث حمل بعض المقتنيات والكتب القديمة والقصائد الشعرية والأواني النحاسية والميداليات التاريخية إلى أحد الدكاكين في السوق الشعبي بمهرجان «سلطان بن زايد التراثي» من أجل يطلع عليها الحضور وزار المهرجان، ويلفت راشد إلى أن دكانه التراثي في السوق الشعبي يحظي بحظ وفير من الزيارات خصوصاً من الشباب الذين يحرصون على معرفة مفردات الموروث الشعبي ويبين أنه عاش سنوات طويلة يجمع المقتنيات التراثية لكونه واحدا من الذين فتنوا بما تركه الأجداد ويرى أن المهرجانات التراثية هي المدارس الحقيقية التي ترسخ في نفوس أبناء الوطن الولاء والانتماء. الاحتفاء بالموروث في وسط السوق الشعبي كان محمد علي الزحمي يقف بزيه التراثي الأصيل حيث يستقبل زوار السوق الشعبي في دكانه الذي يحمل ملامح من الماضي إذ أصر على أن يبرز مقتنياته النادرة في جنبات هذا الدكان ويقول: جئت من إمارة الفجيرة من أجل المشاركة في هذا المهرجان التراثي الكبير والذي أشارك فيه للمرة السادسة إذ أهدف إلى تعريف الجيل الجديد بالتراث مشيراً إلى أنه يعرض في هذا الدكان عملات قديمة وأواني نحاسية وفخارية وجلودا وبنادق قديمة وسيوفا تاريخية وأنواعا كثيرة لدلال القهوة العتيقة ويوضح أنه يعيش في هذا المهرجان لحظات سعيدة وسط الزوار الذين يتدفقون بشكل مستمر على السوق الشعبي ويحرصون على الاحتفاء بالموروث الشعبي الإماراتي الأصيل. مراكب قديمة في أثناء تجول المدرب التراثي فلاح بن بشر المري في السوق التراثي لفت نظره دكاناً تخصص في عرض المراكب التراثية القديمة فقرر أن يتلمس هذه المراكب مستعيداً أيام الماضي خصوصاً وأنه ابن البيئة البحرية ويذكر بن بشر أن هذه المراكب التي تعرض في السوق الشعبي بالقرية التراثية صنعت على نسق المراكب القديمة والتي كانت تستخدم في السفر والصيد مشيراً إلى أن وجودها يجعل الأجيال الجديدة تعتز بماضيها الجميل. الطبخ الشعبي سجلت علياء سهيل المنصوري حضوراً باهراً في السوق الشعبي بمهرجان «سلطان بن زايد التراثي» إذ عرضت الكثير من المأكولات التراثية المعروفة قديماً مثل الهريس والمرقوقة فضلاً عن المحاشي التي طهيت أيضاً بالطريقة القديمة وتؤكد المنصوري أنها سعيدة لمشاركتها في هذا العرس التراثي خصوصاً أن السوق الشعبي يتوافد عليه جمهور كثيف منذ انطلاقة المهرجان. صناعة الفخار شكلت ورشة صناعة الفخار بالطرق التقليدية زخماً كبيراً في وسط خيمة السوق الشعبي إذ أبدع صانع الفخار في تقديم نماذج حية لهذا الفن الرفيع من تشكيل الصلصال خصوصاً وأن المهرجان يسعى إلى الحفاظ على هذه الصناعة حتى لا تواجه مصير الاندثار واللافت أن بعض زوار المهرجان توقفوا كثيراً عند ورشة الفخار وهم يشعرون بالإعجاب الشديد لمهارة الصناعة في تشكيل الأواني والأكواب بأنواعها المختلفة. سيوف عربية على حائط شيد خصيصاً في آخر السوق الشعبي عرض الفنان والصانع عماد أحمد سيفاً كبيراً يبلغ طوله ثلاثة أمتار وأسفل السيف عرض غمده مزركشاً، ويبين عماد أنه يعمل في صناعة السيوف منذ 30 عاماً ويحرص على هذه الصناعة من أجل حفظ لون من ألوان الموروث الشعبي الأصيل لافتاً إلى أن الكثير من الجمهور يحبون اقتناء السيوف القديمة. مكانة كبيرة من ضمن زوار السوق الشعبي في مهرجان سلطان بن زايد التراثي محمد المرزوقي الذي يعد نفسه من عشاق التراث الشعبي الأصيل، حيث تجول بين الدكاكين الشعبية من أجل اقتناء بعض المعروضات التراثية ويؤكد أنه استمتع كثيراً بهذا السوق الذي كان جامعاً هذا العام لكل فنون التراث ويشير إلى أنه شعر بسعادة غامر لتوافد الزوار على القرية التراثية والمشاركة في المهرجان، ويرى المرزوقي أن الموروث الشعبي الإماراتي يتمتع بمكانة كبيرة في قلوب الناس وهو ما يترجم داخل هذا المهرجان بشكل يومي عبر الحضور الكثيف من قبل العائلات والزوار والسياح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©