الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأرجنتين.. دواعي التفاؤل الاقتصادي

2 يونيو 2014 23:28
أندريس أوبنهايمر صحفي أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية في اجتماع عُقد هذا الأسبوع مع مجموعة من الاقتصاديين البارزين في العاصمة الأرجنتينية، سمعت شيئاً لم يصل أسماعي منذ عقد من الزمان من أي شخص جاد، وهو أن الأرجنتين توشك على دخول مرحلة من الازدهار الاقتصادي. وأعلن عن التنبؤ «الفونسو برات جاي» رئيس البنك المركزي الأرجنتيني السابق، وهو اقتصادي يحظى باحترام كبير. ويتوقع «برات جاي» مثل عدد متزايد من الاقتصاديين، أن البلاد ستنطلق نحو التقدم بمجرد أن تترك الحكومة الكارثية للرئيسة «كريستينا فرنانديز دي كيرشنر» السلطة بعد انتخابات أكتوبر عام 2015. وبينما كانت كلمة «برات جاس»، توشك على الانتهاء، لخص الاقتصادي المخضرم توقعاته في عبارتين ضمن شريحة عرض جاء فيها «على المدى القصير: العسر. على المدى الطويل: الازدهار». واتضح لي فيما بعد أن «برات جاي» ليس بمفرده في توقع صعود الأرجنتين مرة أخرى بعد انتخابات العام المقبل وهذا يرجع، بين أسباب أخرى، إلى أن البلاد ستحصل على عائدات كبيرة من مخزونات الغاز والنفط الصخريين، وأن كل المرشحين البارزين لمنصب الرئيس أكثر شعوراً بالمسؤولية تجاه بلادهم، ومن المرجح أن يجتذبوا استثمارات أكبر مما فعلت «كيرشنر». وعلى مدار السنوات الإحدى عشرة الماضية، بددت «فرناندير دي كيرشنر» وزوجها الرئيس الراحل «نيستور كيرشنر»، أكبر ثروة من المواد الخام في البلاد في العصر الحديث من خلال عمليات دعم نقدي ذات هدف سياسي وفساد واسع النطاق. واستفادت الأرجنتين، وهي دولة مصدرة رئيسية لفول الصويا، وبضائع أخرى، مثل عدد قليل آخر من البلدان الأخرى، من استيراد الصين للمواد الخام والسلع الأساسية في السنوات القليلة الماضية. لكن بعد بضع سنوات من بحبوحة اقتصادية قدمت الدولة خلالها الدعم لكل شيء تقريباً بدلاً من الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، تعثر الاقتصاد، ووصل معدل التضخم الحالي في الأرجنتين إلى 33 في المئة في العام، ولا يتقدم عليها في هذا المضمار في المنطقة إلا فنزويلا. وانخفض الاحتياطي الأجنبي إلى ما يعادل قيمة أربعة أشهر من الواردات والاقتصاد في حالة كساد فعلي. لكن معظم الاقتصاديين المستقلين والمحللين السياسيين ورجال الأعمال البارزين أشاروا إلى أسباب عدة تدعو إلى التفاؤل بشأن الاقتصاد في حقبة ما بعد «كيرشنر»، ويقولون إنه ليس من المصادفة أن ترتفع سوق الأسهم الأرجنتينية 74 في المئة بحسب قيمة الدولار على مدار الشهور الاثني عشر الماضية، ويتطلع مستثمرون كبار بالفعل لفترة ما بعد «كيرشنر»، ويتوقعون عصراً أفضل بكثير بدءاً من عام 2016. وبدأ الاتجاه الجديد الذي سلكته سوق الأوراق المالية بعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة التي تلقى فيها حزب «فرنانديز» هزيمة نكراء، وأصبح من الواضح أنه لن يستطيع تغيير الدستور، ولن يعاد انتخاب الرئيسة لفترة ولاية ثالثة. ومن بين الأسباب التي تدعو للتفاؤل التي أشار إليها معظم الاقتصاديين: يقدم كل المرشحين البارزين في الانتخابات المقبلة وعوداً بأن يبتعدوا بأنفسهم عن السياسات الشعبوية التي نفرت المستثمرين المحليين والأجانب الذين وضعوا في الآونة الأخيرة مدخراتهم في عقارات في أوراجواي وميامي. وفي الوقت نفسه، تدشن الأرجنتين استثمارات أجنبية كبيرة لاستخراج مخزون كبير من النفط والغاز الصخريين، فلدى الأرجنتين ثاني أكبر مخزون من الغاز الصخري بعد الصين، ورابع أكبر مخزون في العالم من النفط الصخري. ويقول اقتصاديون إن هذه المخزونات الكبيرة لن تحل مشكلة الأرجنتين من الطاقة فحسب في المائتي عام المقبلة، لكنها ستمثل مصدراً جديداً من الدخل بالعملة الأجنبية. وبالإضافة إلى هذا، ستظل الأرجنتين مُصدِّراً رئيسياً لفول الصويا إلى الصين. فبينما أثر بطء النمو الاقتصادي في الصين على مصدري المواد الخام في أميركا الجنوبية مثل تشيلي وبيرو التي تبيع النحاس ومواد الإنشاء الأخرى للصين، فإن هذا البطء الاقتصادي الصيني لن يؤثر كثيراً على صادرات الأرجنتين من الفول الصويا للصين. فربما يبني الصينيون حالياً عدداً أقل من الطرق والجسور، لكنهم لن يتوقفوا عن الأكل. وقال «برات جاي» في إشارة إلى مخزونات النفط والغاز التي تم اكتشافها حديثاً، وإلى عوامل أخرى ستساعد في تحفيز اقتصاد الأرجنتين على الأرجح «لم يكن لدينا مثلها قط..إذا بددنا هذا المخزون فهي خسارة كبيرة.. لا أعتقد أنه يمكننا أن نكون أغبياء لنسمح بتضييع هذا من أيدينا». أما أنا فأعتقد أن الأرجنتين هي أرض الفرص الضائعة التي استطاعت فيها الحكومات الشعبوية على مدار العقود الست الماضية في أن تحول واحدة من أغنى دول العالم إلى نموذج للتقلص الاقتصادي. وأرى أن الفرصة الوحيدة كي تفلت الأرجنتين من قبضة العقلية الشعبوية القوية في البلاد هي أن تفرض قيوداً دستورية لمنع الرؤساء في المستقبل من تبديد دخل البلاد. وعلى سبيل المثال، تستطيع الأرجنتين أن تفعل ما فعلته النرويج في نفطها أو ما فعلته تشيلي بمخزونها من النحاس، أي أن تخصص بموجب الدستور نسبة من مخزونها المستقبلي من صادرات الغاز والنفط الصخريين، وأيضاً صادرات فول الصويا لتمويل تعليم عالي الجودة وبنية تحتية أفضل. وإذا فعلت هذا، فقد تستطيع الأرجنتين قبل نهاية هذا العقد أن تصبح نجماً جديداً اقتصادياً في سماء أميركا اللاتينية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة “إم.سي.تي. انترناشونال”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©