الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان على الطريق الصحيح

أفغانستان على الطريق الصحيح
2 يونيو 2014 23:26
راجيف شاه مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ربما لم تواجه أفغانستان مثل هذه اللحظة المهمة من تاريخها منذ سقوط نظام «طالبان». ذلك أن الشعب الأفغاني صوّت مؤخراً بأعداد قياسية في انتخابات تاريخية، والجيش الأفغاني يقود عمليات أمنية عبر أرجاء البلاد، وقد خطت البلاد خلال العقد الماضي خطوات نحو الأمام فيما يتعلق بالصحة والتعليم والنمو الاقتصادي. فمن خلال عملهم معاً، بنى الأفغان والأميركيون قاعدة ستمكّن أفغانستان من اغتنام مستقبل أكثر إشراقاً والعمل على محاربة جماعات الإرهاب والتطرف. ولذلك، ينبغي أن يكون الأميركيون فخورين بالدور الذي لعبوه في دعم هذا التحول، الذي سيدخل مرحلة جديدة عندما تنتهي المهمة الحربية الأميركية في ديسمبر المقبل، ونقلّص وجودنا إلى سفارة عادية في كابول بنهاية 2016. غير أن شراكتنا لن تنتهي عند هذا الحد. إذ بينما تتقدم أفغانستان إلى الأمام، فكذلك ينبغي أن يكون الحال أيضاً بالنسبة لالتزامنا تجاه التنمية -وهو التزام متجذر في المصالح المشتركة والمسؤولية المتبادلة. وتحقيق مثل هذا التقدم كان يستحيل تخيله في أفغانستان قبل أكثر من عشر سنوات. فبتنسيق مع الجيش الأميركي، ساعدت استثمارات التنمية الأميركية على تحويل نسيج الحياة في أفغانستان، من توسيع التعليم بشكل ملموس إلى مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الخام بأربع مرات، وكل ذلك مقابل أقل من 3 في المئة من إجمالي النفقات الحكومية الأميركية. ويدعم هذه النتائج جيلٌ جديدٌ من الأبطال الذين يتمتعون بالشجاعة والبصيرة لتغيير مستقبل بلدهم مثل نسرين أورياخيل. فمديرة مستشفى مالالاي للأمومة في كابول الدكتورة أورياخيل تساعد على إعادة بناء النظام الصحي لبلدها من نقطة الصفر. فتحت حكم «طالبان»، كان عدد الأمهات والأطفال دون سن الخامسة الذين يموتون في أفغانستان أكبر من أي مكان آخر في العالم تقريباً من حيث النسبة والتناسب. أما اليوم، فقد تم خفض وفيات الأطفال بأكثر من النصف تقريباً، وقُلص معدل وفيات الأمهات بـ80 في المئة، ووُسع الوصول للخدمات الصحية بـ60 في المئة تقريباً. ونتيجة لذلك، عرفت أفغانستان أكبر زيادة في أمد الحياة وأكبر انخفاض في وفيات الأطفال والأمهات مقارنة مع أي بلد آخر في العالم. والتعليم يمثل أيضاً نقطة مشرقة أخرى. ذلك أن 3 ملايين فتاة و5 ملايين طفل مسجلون في المدارس -مقارنة مع 900 ألف فقط عندما كانت «طالبان» تحكم أفغانستان بالترهيب. كما أن 77 ألف طالب جامعي أفغاني -وهي زيادة بتسعة أضعاف مقارنة مع 2001- يقودون جيلاً جديداً من المتعلمين المتميزين. ووفق استطلاع للرأي أجري حديثاً، فإن أكثر من 70 في المئة من الأفغان يشعرون بأنهم أكثر أماناً اقتصادياً مقارنة مع خمس سنوات مضت. كما أن أغلبية منهم تعتقد أن أفغانستان تسير في الاتجاه الصحيح. وبدوره، حقق الاقتصاد أداء جيداً بعد أن قوّت إصلاحات بنيوية مؤثرة مؤسسات البلاد، مما ساهم في خفض التضخم والديون، ووضع ميزانية عامة متوازنة. ولكن كيف سيكون تأثير إعياء المانحين، وانسحاب القوات، ومحدودية العائدات الحكومية على استقرار البلاد مستقبلاً؟ الواقع أن الحملة الانتخابية النشطة والمفتوحة بين المرشحين في انتخابات أبريل الرئاسية أظهرت ما يبعث على الأمل والتفاؤل. ذلك أن هذه الانتخابات، التي جرت بمواكبة وسائل إعلام حرة على نحو لافت في أفغانستان، أظهرت التزام المواطنين بالحكامة الديمقراطية ومواصلة الإصلاح. ويتعين على الحكومة الأفغانية أن تكون في مستوى أمل شعبها، واستثمارات المجتمع الدولي أيضاً. فعلى غرار أي مستثمر مسؤول، تطالب الولايات المتحدة أفغانستان بالمحاسبة عن استثمارها. وقد أنشأت الوكالة التي أشرفُ عليها -الوكالة الأميركية للتنمية الدولية- صندوقاً تحفيزياً يهدف إلى مساعدة الحكومة الأفغانية في مراعاة بعض المعايير مثل الاستمرار في دعم النساء والفتيات، ومحاربة الفساد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولئن كان نصف الأهداف المسطّرة قد تحقق خلال العام لأول، فقد قمنا بحجب 30 مليون دولار من مساعدات التنمية على الأقل نتيجة التزامات لم يتم الوفاء بها في مجالي الحكامة وحقوق النساء. كما عمدنا إلى إصلاح ممارساتنا حتى نضمن أن أموال دافع الضرائب الأميركي ستُستعمل بشكل فعال، ومن أجل الأهداف المسطرة لها. وعلى سبيل المثال، فقد قمنا قبل أربعة أعوام بتشكيل فريق لضمان احترام المتعاقدين للمعايير. ومنذ ذلك الحين حملنا المتعاقدين على الانضباط عبر تعليق التمويل أو قطعه بمعدل يفوق المعدل السابق بـ25 مرة، مما أدى إلى توفير الملايين. لسنا غافلين عن التحديات التي تواجه الأفغان في المقبل من الأعوام. فعلى رغم كل التقدم الذي تم تحقيقه، إلا أن إنجازات التنمية التي تحققت خلال العقد الماضي يمكن أن تنقلب إذا لم نظل شريكاً يقظاً لأفغانستان. والواقع أن عائدات الحكومة الأفغانية أخذت منذ الآن تتباطأ، ما يؤشر إلى أن مكاسب أساسية في البنية التحتية والتعليم والتجارة باتت في خطر. لقد تعهدنا بأن نطلب من الكونجرس أن تظل تلك المساعدات الأميركية لأفغانستان عند مستويات العقد الماضي حتى عام 2017 أو قريبة منها. ونحن نعتقد اعتقاداً قوياً بأن المساعدات المقدمة لأفغانستان يجب أن تقلص إلى مستويات مستديمة أكثر، ولكن على أن تبقى عند مستوى يسمح للأفغان بالحفاظ على المكاسب التي تحققت، ويشجع الشركاء الدوليين على الوفاء بالتزاماتهم. إن هدفنا ينبغي أن يكون الحفاظ على شراكتنا مع أفغانستان على سكتها، والمساعدة في تأمين انتقال سياسي ذي مصداقية، وتخفيف الصدمة الاقتصادية لانسحاب القوات الأميركية، وتشجيع الاستقرار، وهي استراتيجية منطقية ومعقولة تصب في المصلحة العليا لأمن أميركا أيضاً! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©