الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأوضاع الاقتصادية تدفع الموريتانيين إلى التراجع عن قضاء العطلة في الخارج

الأوضاع الاقتصادية تدفع الموريتانيين إلى التراجع عن قضاء العطلة في الخارج
22 مايو 2011 22:34
ترجع ثقافة قضاء العطلة الصيفية في الخارج عند الموريتانيين إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حين كانوا يملأون شوارع لاس بالماس الإسبانية وباقي جزر الخالدات للاستمتاع بطبيعة وحضارة هذه الجزر القريبة من شواطئهم، مستفيدين من الرخاء الاقتصادي وقوة العملة الموريتانية آنذاك، أما اليوم فلا يزال الموريتانيون يسافرون إلى الخارج وإلى لاس بالماس تحديدا، لكنهم يسافرون في ظروف صعبة مقارنة بالسنوات الماضية. يسافر موريتانيون بكثرة إلى الخارج في العطلة الصيفية، وتبدو المدن الكبيرة كأنها خالية من سكانها، ورغم سهولة الحصول على التأشيرة يجد المسافرون صعوبة في تأمين ميزانية السفر للخارج وفق ما كانوا يحلمون به، فيضطر الكثير منهم إلى النزول ضيوفا عند الأقارب والأصدقاء المهاجرين والتنازل عن لائحة المشتريات والهدايا. أسباب السفر رغم هذه العوائق لا يزال الموريتانيون يربطون بين العطلة والسفر للخارج، ويرفض الكثير من الموظفين أخذ الإجازة إلا إذا ادخروا ما يكفيهم للسفر أو حصلوا على سلفة تحقق حلمهم بالسفر للخارج، وتحول الأمر إلى وجاهة اجتماعية وتقليد سنوي يقبل عليه حتى الذين لا يجدون راحة في الخارج، ولا تحقق لهم الحياة الغربية والسياحة العصرية والمراكز التجارية والترفيهية، السعادة والطمأنينة، لكنهم مضطرين للسفر وملزمين بتلبية رغبة العائلة وإرضاء المجتمع. إلى ذلك، يقول محفوظ ولد زيدان، الذي أقلع عن عادة السفر للخارج كل صيف، إن هناك عدة أسباب تدفع الموريتانيون إلى السفر للخارج منها الهروب من الحر في فصل الصيف القائظ، وندرة المراكز الترفيهية والمنتجعات السياحية في موريتانيا، وقرب مراكز الاصطياف العالمية سواء في إسبانيا والمغرب. لكن محفوظ يرى أن نسبة مهمة من المصطافين لا تستفيد من السفر للخارج لأنها تسافر كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وليس انطلاقا من رغبة شخصية لديها. ويضيف “إذا كانت الإجازة فرصة للراحة والاستجمام في أماكن مريحة ومناسبة نفسيا واجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا، فإنها غير ذلك بالنسبة لكثير من الموريتانيين الذين يصرون على السفر محتفظين بلباسهم التقليدي وعاداتهم لأماكن بعيدة ومكلفة ماديا ومرهقة نفسيا، وبسبب اختلاف العادات والقيم والثقافات يتحول قضاء العطلة في الخارج إلى سجن حين يجد المرء أن راحته في البقاء حبيسا بالفندق ويكتفي بجولات قليلة للتجول والتبضع”. ويشير إلى أن المصطافين ينفقون مقابل هذه المتعة القليلة أموالا طائلة على تذاكر السفر والإقامة والتجول والتنقل والتبضع لاسيما أنهم يسافرون مع عائلاتهم، ويستنزفون رصيد البلد من العملة الصعبة، ويقضون أوقاتهم في أغلب الأوقات مسجونين في الفنادق والشقق المفروشة خوفا من المخاطر في الشارع ويعودون متعبين من الأسفار فارغي الجيوب ومثقلين بالديون. إجازة الداخل وإضافة إلى الآثار الاقتصادية السيئة التي يسببها قضاء العطلة في الخارج؛ فإن خطورة هذه الظاهرة على النسيج الاجتماعي ومقدرات الأسرة والآثار الاجتماعية التي تسببها أشد خطرا، حيث يتسبب هذا الإنفاق الزائد في مشاكل تؤثر سلبا على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة وتضطرها للاستدانة وتهددها بالتفكك والطلاق. وبالنسبة للأسر التي لها أطفال فإن العطلة تعرضهم لمخاطر أخلاقية كثيرة حين يحتكون بأطفال ومراهقين من بلاد وبيئات أخرى ويشاهدون مسلكيات وأخلاقيات غريبة عليهم وتختلف عن بيئتهم الاجتماعية الأصلية. بدأ موريتانيون يعدلون عن فكرة قضاء العطل في الخارج بفضل الحملات التي نظمت لتوعيتهم بضرورة قضاء العطل داخل البلاد ليوفروا بعض النفقات، وينقذوا أنفسهم وذويهم من الأضرار التي يلاقونها في الخارج. في هذا السياق، تقول عزيزة بنت التراد (موظفة في مصرف) إنها لاحظت بحكم عملها في تبديل العملات أن أعداد الموريتانيين، الذين يسافرون كل صيف للخارج باتت أقل مما كانت عليه. وترى أن الأسر الموريتانية بعد أن أشبعت شغفها بزيارة الخارج أصبحت تفاضل بين السفر للخارج، وزيارة المدن الداخلية من أجل قضاء الإجازة بين الأهل والاستمتاع بسحر المناطق الداخلية التي لم تزرها من قبل. وتقول إن من مزايا عطل الداخل تعزيز الروابط الاجتماعية، والقيام بواجب صلة الرحم واستفادة المناطق الداخلية مما ينفقه المصطافون والحفاظ على العملة الصعبة للبلد، واستثمارها في دفع الحركة التنموية في المدن والقرى والأرياف. وتضيف “العطلة في الداخل ضرورية لربط الأجيال الناشئة بمحيطها الثقافي الأصيل، وتوثيق الصلة بالموروث الحضاري، وإعادة اكتشاف الثقافة التقليدية في هذا العصر السريع الذي ينشغل فيه الناس بالعمل والدراسة والماديات والتلفزيون والإنترنت ويعيشون في عزلة عن محيطهم الثقافي التقليدي”. ومن مزايا قضاء العطلة بين الأهل والأحباء تنمية شخصية الأطفال حيث أنهم يستمتعون بمناخ من الحرية والعناية في محيط أسري اجتماعي مع من يتعامل معهم بحنان ولطف واحترام بعيدا عن الأحقاد والعنف العنصري الذي يواجهونه بسبب الطبيعة البدوية العفوية التي تغلب على سلوكياتهم ولا تلائم المجتمعات الأجنبية. ومن أجل جذب البقية التي مازالت تتحمل عناء السفر إلى الخارج لقضاء العطلة الصيفية يطالب الموريتانيون بتشييد بنية سياحية جيدة وتوفير مراكز الترفيه والتسوق والاصطياف، لكي تشكل إلى جانب الأودية والجبال والصحارى والواحات الغناء والشواطئ الرملية والوجبات الشعبية ومواسم “الخريف” عناصر جذب مغرية لا يمكن تجاهلها.
المصدر: نواكشوط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©