الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البطل الوهمي

22 مايو 2011 22:30
كثيراً ما نرى فتىً في بداية عمر المراهقة يُعجب بشخصية أحد مدرسيه ويهتم به. وأيضاً نجد فتاة تعجب وتهتم وتتعلق بإحدى مدرساتها. أو أننا نرى الشباب يركز إعجابه واهتمامه بنجم رياضي أو غنائي أو سينمائي، وكذلك الفتاة. وعندما يجد الشاب نفسه يفكر في الجنس الآخر، فهو يحاول أن يختار النمط الذي لا يسبب له أي اختيار حقيقي، أو أي متاعب شخصية. إنه يختار نجمة سينمائية يصول معها ويجول في عالمه الخاص، في علاقة عاطفية أو جسدية من نوع خاص جداً، وتصبح بطلة دائمة في أحلام يقظته. إن الفتى لا يختار بعقلانية أو موضوعية دون شك، فلا يختار إحدى قريباته، أو إحدى بنات الحي الذي يسكنه مثلاً، لأن هذا النوع من الاختيار قد يسبب له الحرج أوالمتاعب النفسية. إنه يترك أحلام اليقظة تأخذ منه كل الوقت، ويستغرق فيها لتحميه من الوقوع في الخطأ. وعندما يجد نفسه يفكر في إحدى قريباته أو إحدى بنات الحي، فإن هذه المسألة تأخذ من خياله الكثير، لكنه لا يتركها لتعبر عن ذلك الواقع. إنه يخشى أن يتقدم خطوة إلى الأمام لأنه لا يعرف كيف يكون الاقتراب من فتاة “موجودة بالفعل”، ومتاحة في واقعه الذي يعيشه. إن الفتى المراهق عندما يقول إنه “وقع” في الحب، فإن هذا “الوقوع” يبعث على الحيرة، لأنه يختار اختياراً عشوائياً غير خاضع للمنطق أو الموضوعية. فلا يوجد هواية مشتركة بين الاثنين غالباً، ولا توجد أي علاقة سببية تشير أو تبرر أن اختياره لبطلة خياله في أول قصة حب يعيشها تخضع للعقل والمنطق. ثم نجده فجأة ينتقل إلى قصة حب أخرى، وهكذا! وقد تظل عملية التنقل والتخبط هذه لفترة ما حتى نجده في النهاية اكتسب قدراً من الواقعية في اختياراته. إن طبيعة هذه المرحلة كثيراً ما تثير حنق وقلق الآباء والأمهات، وكثيراً ما يعانون من مشاكل رحلة الأبناء طيلة مرحلة تكوين الشخصية وتأكيد الذات والاستقلالية التي يرونها. وكثيراً ما يقلقهم رفض الجيل الجديد الانتماء إلى هذا الجيل، وهذا العالم “الكلاسيكي” القديم. وربما يعلن المراهق عن تمرده ورفضه لهذا الواقع من خلال تسريحة شعره، أو الجري وراء تقاليع وصرعات غريبة للملابس، أو الهوايات. وتستمر فترة الضبابية والتخبط والحيرة هذه هي محل دهشة وحيرة الآباء والأمهات إلى أن يعبروا هذه الفترة من حياتهم. وربما يغيب عنهم أنها حالة من التعبير الصامت عن الرجولة أو الأنوثة. فالأنثى تبدأ في اكتشاف نفسها من خلال أحلام اليقظة، كما هو الحال عند الفتى، والنموذج الذي تختاره تفصل مواصفاته وترسم صورته كما يحلو لها. إنها تتخيله صامتاً، وقوياً، وممشوقاً، ووسيماً، وحالماً، ومفعماً بالشباب والطاقة والحيوية والرومانسية. إنها تترك كل شيء للحلم، فهذا “البطل الوهمي” لا يمكن أن يقاومها في الخيال، وهذا الأمر نفسه بالنسبة للشاب المراهق الذي يلجأ إلى تفضيل أسلوب الروايات على أسلوب الواقع، إلى أن ينضج ويدخل في تجارب حقيقية تصقل ذاته ونفسه وشخصيته وخبراته. Khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©