الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحيمة تقهر الصعاب وتتفوق من على مقاعد تعليم الكبار

رحيمة تقهر الصعاب وتتفوق من على مقاعد تعليم الكبار
22 مايو 2011 22:27
تحمل رحيمة محمد البلوشي 39 سنة شهادة البكالوريوس في علوم الحياة من جامعة الإمارات وتعمل في مستشفى العين الحكومي كفنية مختبرات طبية منذ ما يزيد عن 12 عاما، اخترناها لتكون ضيفة مهنتي لهذا اليوم لتطلعنا على طبيعة هذه المهمة الحيوية في المستشفيات. تعود رحيمة البلوشي بذاكرتها إلى الوراء وتتدرج في حديثها عن مراحل حياتها العلمية والمهنية وتقول: «تربيت في عائلة محافظة جدا لديها عادات وتقاليد تمنع الفتاة من إكمال دراستها بدءا من المرحلة الإعدادية وصولا إلى المرحلة الجامعية، وترى أن عليها أن تنقطع عن الدراسة وتجلس في البيت منتظرة الزواج بعد أن تتعلم فك الخط في الصفوف الابتدائية الأولى، وجرى هذا الحال على أخواتي الأكبر مني، ولحسن حظي تركني والدي في المدرسة أكمل المرحلة الإعدادية دون أن أتقدم للامتحانات، فتوافق ذلك مع سفره لأداء العمرة، فانتهزت الفرصة وتقدمت للامتحانات ونجحت، وبعد عودته أمرني بالانقطاع عن المدرسة، وفعلا جلست في البيت 3 سنوات حتى تزوجت، فطلبت من زوجي إكمال دراستي فوافق ليس من باب تشجيعي على العلم، بل من باب أنه يريد أن يرضيني وألا يحرمني من شيء أحبه، وفعلا أكملت الثانوية في مراكز تعليم الكبار حتى حصلت على الشهادة وبت أحلم بدراسة الرياضيات في الجامعة فالتحقت بجامعة الإمارات، وفي السنة التأسيسية الأولى اختلفت ميولي ووجدت دراسة الرياضيات صعبة جدا ولا أرغب في أن أكون مدرسة في المستقبل، فاتجهت نحو دراسة علوم الحياة ليتسنى لي العمل في المستشفيات، ووجدت متعة كبيرة في دراستها، لكنني تعثرت قليلا وانقطعت عنها لعام نتيجة إنجابي لأول طفل وضرورة ملازمتي له في تلك المرحلة». إكمال الدراسة وتكمل: «عدت من جديد للجامعة بمساعدة والدتي وزوجة أخي في تربية ابني فلهم ولزوجي بعد الله عز وجل في إكمال دراستي، علما أنني لم أعتمد على خادمة طيلة هذه الفترة فقد كنت أدرس وأقوم بواجبات زوجي وابني، وبعد التخرج من الجامعة أشار علي أهلي وزوجي أن أعمل مدرسة أحياء ولم يشجعني أحد على العمل في المستشفى لدوامه الصعب نوعا ما بفترتيه الصباحية والليلية، ولم أرغب في التدريس كما أسلفت، لكنني وافقت مسايرة لهم، وإذا بالظروف تخدمني مرة أخرى، إذ وجدت باب التسجيل قد فاتني، في حين كان مستشفى العين الحكومي يطلب فنيات وفنيي مختبرات، فسارعت للتسجيل وقبلت، وبدأت مرحلة جديدة من حياتي حققت خلالها ذاتي أيضا ووجدت فيها سعادتي وراحتي» طبيعة المهنة تخبرنا البلوشي عن طبيعة عملها كفنية مختبر وتقول:» تضم المختبرات في المستشفى أقساما عدة وهي قسم الميكروبيولوجي وقسما لعلم الدم وقسم الأنسجة وقسم بنك الدم وآخر للكيمياء الحياتية، ويتفرع من كل منها أقسام أخرى، أما بالنسبة للقسم الذي أعمل به فهو الميكروبيولوجي، والذي يضم ثلاثة أقسام متخصصة في البكتيريا والفيروسات والطفيليات، وأنا أعمل في قسم التحاليل البكتيرية، والذي أقوم من خلاله باستقبال العينات المختلفة من دم وبول ومسحات من مختلف أجزاء الجسم كالأنف والأذن وغيرها القادمة من العيادات والعنابر في المستشفى لفحصها مع الأخذ بعين الاعتبار اسم المريض الملصق على العينة ورقم ملفه ونوع الفحص المطلوب، ومن ثم أبدأ بعملية الزراعة للعينة، ويتم ذلك بوضعها في مادة كيماوية تسمى وسط غذائي للبكتيريا تسهم في نموها داخل العينة ونحضنها في حضانة خاصة بالبكتيريا ذات درجة حرارة معينة، وذلك لمدة 24 ساعة تنمو خلالها البكتيريا، ومن ثم آخذ جزءاً منها وأفحصه لمعرفة نوع هذه البكتيريا عبر النظر إليها، حيث لدي خبرة في معرفة أنواع كثيرة منها دون أن تشتبه علي، وإن شككت في أمرها أضعها تحت الميكروسكوب الذي يكبرها لي وأقوم بصباغتها على شريحة تحت الجهاز نفسه لأعرف مدى إيجابيتها للصبغة أو سلبيتها، لأحدد في ضوء ذلك البطاقة اللازمة لإدخال العينة في جهاز تعريف البكتيريا، علما أن هذا الجهاز قادر على التعرف على معظم أنواع البكتيريا وليس جميعها، حيث يوجد أنواع لا حصر لها ويفيدني تحديد نوع البكتيريا ومدى إيجابيتها للصبغة من عدمه، لأحدد هل هي بكتيريا مرضية أم لا، وما هو المضاد الحيوي المناسب لإيقافها». أكثر دقة اختلفت مهنة فنيو المختبرات عما كانت عليه في الماضي وفق ما ذكرته البلوشي، حيث صارت أسهل وأسرع وأكثر دقة مما كانت عليه نظرا للتطور التكنولوجي في مجال الطب، إذ ساهمت الأجهزة الطبية المختبرية وأوساط الفحص الجاهزة للعينات في ذلك، إذ قللت من خطوات العمل، وفي الوقت ذاته كان الفني الواحد يقوم بعدة فحوصات لعينة واحدة بمفرده على خلاف الآن، حيث صار يعمل مجموعة فنيين كل منهم يتخصص في فحص جزئية معينة في العينة. صعوبات المهنة على الرغم أن رحيمة البلوشي تتعامل من خلال عملها مع عينات غير مقبولة أو منفرة نفسيا لدى الكثيرين منا، لكنها لا تجد في ذلك مشكلة، معللة ذلك بحبها الشديد لعملها مهما انطوت طبيعته وترفض أن تعتبر ذلك من الصعوبات التي ينطوي عليها عملها. أما الصعوبات الحقيقية لديها هو اضطرارها للذهاب إلى المستشفى في وقت متأخر من الليل بين وقت وآخر نتيجة طلب عاجل من الطبيب لفحص سائل الحبل الشوكي لأحد المرضى، نظرا لخطورته وإمكانية تسببه في التهاب السحايا، كذلك العمل في مرة في كل شهر بشكل متواصل يومي الجمعة والسبت دون إجازات، إلى جانب عملها في مختبر يقع في نقطة تنعدم فيها التغطية اللازمة لشبكة الاتصالات فتفوتهم اتصالات قد تكون مهمة يطمئنون خلالها على أطفالهم. كما أن خطورة ما تتعرض له أثناء العمل من انتقال أحد الأمراض إليها عبر التعامل مع العينات موجودة، والتي تحرص لمحاربتها بالتعقيم المستمر قبل وبعد فحص العينة ولبس القفازات والكمامات والروب الخاص لذلك. تعتبر البلوشي مهنتها من المهن القابلة للتطور؛ نظرا لوجود أنواع كثيرة من البكتيريا تتطلب ممن يقومون بفحصها الاطلاع والقراءة والبحث المستمر لتعلم المزيد عنها وتلفت إلى أن الأجهزة الحديثة أيضا قد لا تستطيع التعرف عليها، وهنا تلجأ إلى الطبيب المختص بعلم البكتيريا ليساعدها في تحديد نوعيتها ووصف المضاد الحيوي المناسب لها.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©