الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء: مشروع قانون الإفلاس يحتاج إلى بنية تنفيذية متخصصة

خبراء: مشروع قانون الإفلاس يحتاج إلى بنية تنفيذية متخصصة
19 مايو 2012
يعكس مشروع قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس، المتوقع صدوره قبل نهاية العام الحالي، النضح التشريعي لدولة الإمارات، بحسب خبراء أجمعوا على أهميته في حماية الاقتصاد الوطني، وترسيخ جاذبية الدولة للاستثمارات الخارجية، بالتزامن مع حزمة أخرى من القوانين الاقتصادية التي ترتقي ببيئة الأعمال على مستوى الدولة. ولكن نجاح القانون يتوقف على البنية التحتية القانونية والإدارية، للتعامل مع هذه النوعية من التشريعات التي تتطلب محاكم وقضاة متخصصين، إضافة إلى كفاءات في مجال إعادة الهيكلة وإدارة التفليسة. وأكد خبراء أن مشروع قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس يجسد وعي القيادة الحكيمة لدولة الإمارات، بأهمية تحديث الإطار الناظم لبيئة الأعمال بالدولة، مشددين على ضرورة أن يفضي مشروع القانون عند تطبيقه إلى تشجيع حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، علاوة على تعزيز الاستثمارات الوطنية من أجل دفع مسيرة النمو الاقتصادي في الدولة. وقال أحمد حسن بن الشيخ عضو مجلس دبي الاقتصادي إن مشروع قانون الإفلاس ينسجم مع الحراك التشريعي وعمليات التطوير التي تجرى على القوانين الاقتصادية الأخرى، لافتاً إلى أن غياب مثل هذه القوانين يحد من تنافسية الإمارات. وأضاف “من خلال تلك الحزمة من القوانين، سترسخ الإمارات تنافسيتها في التقارير العالمية”. وإلى جانب مشروع قانون الإفلاس، هناك 4 مشاريع قوانين اقتصادية أخرى تسير في مراحلها التشريعية النهائية، وهي مشروع قانون الشركات، ومشروع قانون اتحادي بشأن الدين العام، ومشروع قانون اتحادي بشأن ضمان الأوراق المالية بين البنوك، ومشروع قانون اتحادي بشأن المنافسة. واعتبر ابن الشيخ أن التكامل التشريعي “ظاهرة صحية” لتوفير بنية قانونية ناظمة منسجمة ومتناسقة تحقق الأهداف الاستراتيجية التي تضعها الحكومة لتعزيز الأداء الاقتصادي. واتفق رجل الأعمال ماجد سيف الغرير الرئيس التنفيذي لمجموعة سيف الغرير مع ابن الشيخ، بأن سلسلة التشريعات المرتقبة ستكون أداة جوهرية للارتقاء بالاقتصاد الوطني. وقال “تلك القوانين تعكس مرحلة النضج الاقتصادي والتشريعي للإمارات، الدولة حققت نجاحات قوية على الصعيد الاستثماري والاقتصادي، وتلك النجاحات تتطلب مثل هذه النوعية من القوانين”. وبدورها، أكدت سينثيا كوربي الشريك في شركة ديلويت أن القانون المزمع صدوره سيساهم في زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة، معتبرة أن تجربة إعادة هيكلة بعض ديون الشركات الإماراتية كانت إيجابية، وقدمت رسائل عززت الثقة في الاقتصاد الوطني. مقومات نجاح القانون ولا يتوقف الأمر عند إصدار القوانين، إذ يؤكد الغرير أهمية تهيئة البنية التحتية اللازمة لتطبيق القانون، من محاكم متخصصة، وقضاة ومحامين ومكاتب قانونية، لافتاً إلى أن مشروع القانون ينطوي على الكثير من الأحكام القانونية التي تتطلب وعياً ودراية من قبل مختلف المؤسسات القضائية في الدولة. وبالفعل، باشرت وزارة العدل بابتعاث مجموعة من القضاة الشباب إلى الولايات المتحدة الأميركية للتخصص المتعمق في مجالات قوانين الإفلاس والإعسار، وفقاً لتصريحات سابقة لمعالي الدكتور هادف بن جوعان الظاهري وزير العدل طالب فيها الهيئات القضائية المحلية بالسير على نفس المنوال، بإرسال قضاة للتدريب والتحضير لتطبيق القانون بشكل يواكب التطورات والمستجدات المحلية والدولية في هذا المجال. وفي هذا الصدد، اعتبر عصام التميمي رئيس مجموعة التميمي وشركاه للمحاماة، أن توافر الكفاءات اللازمة لتطبيق القانون، سواء على صعيد المحاكم، أو الشركات نفسها، سيساعد على الوصول إلى الأهداف المرجوة بشكل أفضل. وبين تلك المقومات، ذكر التميمي القضاة المتخصصين، وكذلك “مدير التفليسة” الذي يمنحه مشروع القانون اختصاصات جوهرية تتطلب كفاءات معينة في المجال القانوني والمالي، قد يصعب توافرها في الوقت الراهن. ومن أجل ذلك، اقترح التميمي إنشاء مؤسسات متخصصة لتخريج كفاءات مؤهلة للتعامل مع قضايا الإفلاس وإدارة التفليسة، داعياً في الوقت ذاته إلى التأني في إصدار القانون إلى حين اكتمال منظومة الاختصاصات المطلوبة لتطبيق القانون على أكمل وجه. وطالب التميمي كذلك بإعداد دورات متخصصة للقضاة الذين سيتولون مسؤوليات تطبيق نصوص القانون، وتكثيف التدريب لمدة تتراوح بين ستة أشهر وعام. ومتفقاً مع سابقيه، اقترح ابن الشيخ كذلك إنشاء محاكم متخصصة تتعامل مع مثل هذه النوعية من القوانين. يشار إلى أن مشروع قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس تجري دراسته الآن من قبل لجنة خاصة في وزارة العدل، وهي لجنة الفتوى والتشريع - الجهة المخولة بمراجعة أولية للقانون- تمهيداً لانتقاله بعد ذلك إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه، ويحال بعد ذلك إلى اللجنة الوزارية الفنية، ثم للجنة الوزارية للتشريعات، في سياق الدورة الطبيعية لاصدار القوانين، ثم ينتقل إلى المجلس الوطني للمناقشة، وبعد ذلك يصدر من صاحب السمو رئيس الدولة. ودعا الغرير إلى الاستفادة من تجربة مركز دبي المالي العالمي، الذي يوفر البنية الناظمة للأعمال سواء من الناحية الفنية أو القانونية داخل نطاق المركز، وهي البنية التي يجب توفيرها للاقتصاد المحلي الأمر الذي من شأنه أن يحمي الاستثمارات الوطنية، ويجذب مؤسسات التمويل والاستثمارات الدولية. الإفلاس إلى ذلك، ينبه الغرير إلى أهمية عدم النظر إلى مشروع قانون الإفلاس من جانب سلبي، بل على العكس فإن وجوده يساعد الشركات على تجاوز مرحلة المخاطر من خلال إعادة الهيكلة، ومنحها فرصة جديدة لاستعادة التعافي على أسس أقوى، وفق ضوابط تحفظ حقوق الدائنين من خلال طرف محايد. وأكدت سينثيا كوربي أن الإفلاس “ظاهرة طبيعية في عالم الأعمال، الأمر الذي يستلزم تنظيمه في إطار قانوني وتشريعي، بعيداً عن التجريم نظراً لكونه مؤشراً على نضوج الاقتصاد المحلي”. وتركز الشركات العالمية على الجوانب التشريعية التي تحفظ حقوقها وتقلل المخاطر عند اتخاذ قرارها الاستثماري بدخول سوق معين، الأمر الذي يعطي ميزة تنافسية للإمارات من خلال مشروع القانون الجديد، بحسب الغرير. وقال التميمي إن مشروع قانون الإفلاس “لم يوجد الإفلاس كحل وحيد، بل أوجد معه حلولاً أخرى لحماية الدائنين عبر تنظيم عملية إعادة الهيكلة بهدف الحفاظ على المؤسسة أو الشركة، مما يشكل حماية للاقتصاد الوطني”. وأكد ابن الشيخ أن منظومة الإفلاس الراهنة في المنطقة تركز في إطار سعيها لتحسين مناخ الاستثمار على إزالة المعوقات أمام مزاولة الأعمال، بينما أهملت مسألة كيفية التعاطي مع حالات الإفلاس وكذلك الخروج الآمن والسلس للمنشآت المتعثرة من السوق، مشيراً إلى أن هذا الواقع هو الذي دفع بعض الدائنين الى اتباع طرق وإجراءات غير منظمة، وتسويات مع المدينين خارج إطار السلطات القضائية وذلك بغية الحصول على حقوقهم بأقصر فترة ممكنة. ولكن ابن الشيخ يحذر من استغلال البعض لـ”إعلان الإفلاس” بهدف التحايل على القانون والهروب من الالتزامات، الأمر الذي يؤكد أهمية توعية المعنيين بماهية حالات الإفلاس وكيفية إخضاع الشركات لإعادة الهيكلة. ولضبط السوق وإقرار حالات الإفلاس وإعادة الهيكلة، سيتم تشكيل لجنة اتحادية لإعادة الهيكلة والإفلاس تقوم بوضع خطة العمل المقترحة عند تنفيذ عمليات إعادة الهيكلة، وتلعب دور الوسيط بين الدائنين والمقترضين، وذلك عند نفاذ القانون، بحسب تصريحات سابقة ليونس خوري وكيل وزارة المالية. وقال خوري إن مشروع القانون الجديد “أوجد مراحل تسبق إجراءات الإفلاس وتصفية الأصول، من خلال إجراءات إعادة التنظيم المالي التي تتم خارج المحكمة، يليها الصلح الواقي من الإفلاس، ثم إجراءات إعادة الهيكلة”. أسباب موجبة وفي أعقاب الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي خلال عام 2008، سعت الكثير من الشركات إلى إعادة الهيكلة، لكن لم تكن هناك قوانين ضابطة لهذه العملية، الأمر الذي أكد ابن الشيخ أنه استدعى إصدار القانون المرتقب الذي يساعد الشركات على القيام بعمليات إعادة هيكلة ناجحة مع حماية الدائنين في آن واحد. ولفت إلى أن غياب قانون فاعل لإعادة الهيكلة المالية والإفلاس يؤثر، إلى جانب عوامل أخرى، على جاذبية البيئة الاستثمارية للدول، وبالتالي ضياع فرص النمو. وأشار ابن الشيخ إلى أهمية الأخذ بالاعتبار إجراء مراجعة مستقبلية للقانون عند تطبيقه للوقوف على إيجابياته للتركيز عليها، وسلبياته لمعالجتها وتعديلها. وقال الغرير إن مشروع قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس الذي يعد من بين أهم القوانين التجارية، يحمل مفهوماً جديداً مستمداً من أفضل الممارسات العالمية لاسيما فيما يتعلق بالتعاطي مع الشركات المتعثرة وفي كيفية تسوية التزامات المدينين. وأضاف أن مسودة المشروع تشير إلى انه ستكون أمام الدائنين آفاق لاسترداد أموالهم، مقابل الفرصة للمدينين لالتقاط أنفاسهم وإعادة ترتيب شركاتهم، بطريقة تمكنهم من تسديد التزاماتهم وكذلك معاودة نشاطاتهم. وقال “هذه المعادلة التي يوفرها قانون الافلاس تعد حاسمة للحكم على عمق وحافزية البيئة التنظيمية والاستثمارية المحلية”. وتشير القراءة الأولية لمشروع القانون إلى أنه ينطوي على العديد من الأحكام المتعلقة بإجراءات الإفلاس، والخطوات ذات التسلسل المنطقي لضمان حل مشكلة الإعسار التي تواجهها المنشآت بأقل تكلفة ممكنة، وبأن التصفية هي حل أخير بعد أن يتم استنفاد كافة الإجراءات والأدوات التي يوفرها المشروع لتجنبها. وتتضمن هذه المراحل التشاور مع المدين (المتعسر)، وإعادة التنظيم المالي، ثم الصلح الواقي من الإفلاس، ومن ثم إجراءات إعادة الهيكلة المالية، ومنح المدين فرصة لتعديل أوضاعه قبل الإسراع في تصفية أصول شركته ما قد يعرض قيمتها السوقية للانخفاض الكبير، فضلاً عن خسارة استمرارية وسمعة المنشأة في السوق. ويتجلى من ذلك أن المشروع يشجع المعسرين على اللجوء الى قنوات أكثر تنظيماً، بخصوص سبل معالجة الاعسار المالي الذي قد يفضي إلى التعثر. وأشار التميمي إلى أن وجود قانون للإفلاس متوازن ومبني على ما استقرت عليه القواعد الدولية والقوانين المقارنة، من شأنه أن يشجع على الاستثمار ويمنح الطمـأنينة للمستثمرين. وقال التميمي “النظرة السلبية السابقة للإفلاس يجب ألا تستمر، لأن وجود قانون للإفلاس لا يعني التشجيع على الإفلاس، بل تنظيمه، بما يحفظ حقوق الأطراف كافة، ويعزز الشفافية ومبادئ الحوكمة بشكل أكبر في إدارات الشركات”.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©