الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كبار السن» خارج حسابات التكنولوجيا الحديثة

«كبار السن» خارج حسابات التكنولوجيا الحديثة
19 مايو 2012
قد لا يختلف اثنان على أن الطفرة التكنولوجية التي نعيش أيامها الآن، لم يشهدها أي من الأجيال السابقة، وأن التطور التقني الكبير والسريع والمتنوع الذي يمر علينا حالياً، والذي جاء وأصاب كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، لم يعشه ولم ير مثله آباؤنا وأمهاتنا في السابق، ورغم كل ما جاء به هذا التطور التكنولوجي من تقنيات وابتكارات واختراعات... مست حياتنا بشكل مباشر، إلا أن القليل القليل من هذه التقنيات جاء ليلبي حاجات ومتطلبات ورغبات كبار السن، الذين لم يمروا بهذه الطفرة التكنولوجية في أيامهم وزمانهم، وها هم اليوم محرومون من منتجات وأجهزة تكنولوجية حديثة مخصصة ومصممة لتناسبهم وتتواءم مع متطلباتهم واحتياجاتهم اليومية، وتكون عوناً لهم لا عليهم. على العكس من ذلك جاءت هذه الطفرات التكنولوجية، باختراعات وتقنيات، تناسب وتتأقلم مع معظم الفئات العمرية، وعلى اختلاف أجناسها، مستثنيةً بقدومها «كبار السن»، فجاءت هذه التكنولوجيا بأعداد لا تحصى من الأجهزة التقنية على اختلاف مسمياتها وأنواعها، لتناسب بالمقام الأول، البالغين والذين يصنفوا بأنهم «جيل المستقبل» الواعد، وركزت بما تقدمه من تقنيات واختراعات وابتكارات، على هذه الفئة العمرية، وكانت هذه الأخيرة عبارة عن «الدينمو» والمحرك للعديد من الشركات التكنولوجية العالمية لطرح منتجاتها واختراعاتها، بناءً على رغبات ومتطلبات هذه الفئة من الشباب والشابات. كما أطلت هذه التكنولوجيا، باختراعاتها الكثيرة والمختلفة التي تتناسب وتتأقلم مع أطفالنا على مختلف فئاتهم العمرية، والذين هم بنظر معظم هذه الشركات بمثابة «الكفة الرابحة»، حيث إن معظم اختراعات وابتكارات مثل هذه الشركات يصب في كيفية تعلم مثل هؤلاء الأطفال على هذه الأجهزة المختلفة منذ نعومة أظفارهم، وتجد الطفل الذي لم يتعد عامه الخامس من الخبرة والقدرة العالية على التعامل مع أجهزة اليوم التكنولوجية، بمهارة أعلى من جده وجدته، وقد تفوق مهاراتهم وتتجاوز مهارة الآباء والأمهات في كثير من هذه التقنيات والأجهزة التكنولوجية المختلفة. كبار السن والتكنولوجيا ورغم هذا الزخم التكنولوجي الكبير في الأجهزة التقنية والاختراعات والابتكارات العلمية، والتي جاءت لتلبي حاجاتنا نحن الآباء والأمهات، وحاجات أطفالنا، تخلت أغلب ومعظم الشركات التكنولوجية العالمية، عن المستخدمين والزبائن «كبار السن» ولم تدرجهم ضمن قوائم الزبائن المفضلين والمميزين لديها، ولم تأخذ بعين الاعتبار ولم تراع أعمارهم من خلال الأجهزة والاختراعات التقنية الكثيرة التي تطرحها وتقدمها بشكل يومي ومستمر، وبات المستخدم كبير السن أمام أمرين كلاهما أَمرُّ من الثاني. فإما أن يتأقلم مع الأجهزة والابتكارات التكنولوجية المتوفرة حالياً والتي لم تصمم لتناسبه أو تناسب المرحلة العمرية التي يمر بها، والتي بالتالي لن تفيده كثيراً، إنما ستأتيه في الغالب بمشاكل وتعقيدات هو في غنى عنها، وإما في الجانب الآخر أن يبقى منكفئاً على نفسه، بعيداً عن هذه التقنيات والاختراعات التكنولوجية، التي لم يأت إلا القليل القليل منها، ليناسب هذه الأعمار من كبار السن، ويتوافق مع متطلباتهم ورغباتهم. «دارمشتات» الألمانية رغم الجانب السلبي الكبير التي تأتينا به تكنولوجيا اليوم الحديثة، على كبار السن من المستخدمين والزبائن، ورغم الإهمال الواضح من قبل هذه التكنولوجيا على هؤلاء الكبار، إلا أن هناك العديد من الابتكارات العلمية والتقنية التي تم إنتاجها وتوظيفها لتفيد المستهلك والمستخدم «كبير السن» ولتساعده في أمور حياته اليومية المختلفة، ولتقف إلى جانبه، بدلاً من وقوفها بعيداً عنه. «دارمشتات» هي إحدى المدن الألمانية التي تقبع فيها إحدى دور رعاية المسنين، وهي التي أخذت على عاتقها، من خلال معهد معالجة البيانات في هذه المدينة، تقديم الحلول والابتكارات التكنولوجية، لتساعد نزلاءها المقيمين فيها من كبار السن، وخدمتهم وإفادتهم. حيث قامت هذه الدار بتقديم أفكار وحلول تقنية مبتكرة تساعد نزلاءها على تذكر الأشياء في حياتهم اليومية، حيث قدمت لهم ابتكارات عملية تساعدهم على تذكر غلق الأبواب، أو إطفاء الإضاءة، أو غلق الفرن والثلاجة... وغير ذلك الكثير من الأمور الأخرى التي تساعد كبار السن وتوظف مثل هذه التكنولوجيا الحديثة لخدمتهم ومساعدتهم والوقوف إلا جانبهم، وليس إدارة ظهرها لهم، ونسيانهم وعدم الاكتراث بهم، كما هو حاصل في أيامنا هذه. ابتكارات للمسنين قد لا تكون الابتكارات التكنولوجية المخصصة لكبار السن، بذلك الانتشار والشهرة، إلا أنها ورغم قلتها وندرتها في الغالب، إلا أنها مفيدة جداً لكبار السن، وتساعدهم وتخدمهم في أمور حياتهم اليومية، ومن هذه الاختراعات التي أشارت إليها الوكالة الألمانية الإخبارية «دي دبليو»، ابتكار عملي عبارة عن جهاز إنذار، يطلق صوتاً معيناً عندما يترك باب الثلاجة مفتوحا. وهنالك نظام آخر يتصل بجهاز استشعار يغلق الأنوار بشكل آلي عندما يأوي المسن لفراشه، ويعيد تشغيلها تلقائيا إذا اضطر المسن إلى النهوض من فراشه للذهاب إلى الحمام خلال الليل. وقد زودت دار المسنين في مدينة دارمشتات بألمانيا بعدة أنظمة تشمل استخدام أجهزة استشعار تصدر تنبيهات في بعض الحالات، مثلا في حالة ترك الأبواب مفتوحة. رولف شتروهيكر أحد المقيمين في دار رعاية المسنين في دارمشتات، وهو أحد الذين اختبروا هذه الأنظمة والابتكارات التقنية لمساعدة كبار السن، حيث قام الباحثون في معهد معالجة البيانات في دارمشتات بتثبيت ستة أجهزة استشعار في شرائح تحت فراشه من أجل ضمان الإنارة عندما ينهض من فراشه في الليل، فعندما يستيقظ شتروهيكر من فراشه على سبيل المثال يتغير الضغط على الشرائح ليتم بعدها إرسال إشارة يتم التنسيق بينها وبين أجهزة استشعار أخرى تقيس كمية الضوء في الغرفة. منسق المشروع في المعهد «راينر فايكهرت» أكد، وحسب ما ورد في تقرير الوكالة الألمانية، أنه في حال كان الجو مظلما، فإن الأنوار المؤدية إلى الحمام تضاء تلقائيا. ثم تنطفئ الأنوار عندما يعود شتروهيكر إلى الفراش، ويعود المجال الكهربائي- المغناطيسي إلى وضعه الأصلي. ويجعل نظام الإضاءة التلقائي شتروهيكر يشعر بمزيد من الأمان. وقال: «لا زلت أسقط، لكن إذا حدث هذا، فإن الأنوار ستكون مضاءة». «ولن يتعين عليه تلمس الظلام لإجراء مكالمة طارئة». «باول» الصديق الوفي هناك مشاريع بحثية جارية خارج دارمشتات يقوم فيها مواطنون من كبار السن باختبار بيئات معيشية ذكية. حيث رصدت «دي دبليو» الإخبارية في مدينة «كايزرسلاوترن»، على سبيل المثال، نظاما معروفا اختصاراً باسم «باول» يضم 20 شقة نموذجية زودت بأنظمة حاسوب تعمل باللمس. وتشمل أيضا أجهزة استكشاف حركية وأنوار تحذيرية وكاميرات مثبتة على الأبواب. ويمكن استخدام النظام لتشغيل تقنيات عديدة في المنزل، مثل تخفيض ظلال النوافذ، على سبيل المثال. ويعرض النظام صورة للشخص الذي يدق جرس الباب كي يمكن قاطن المنزل أن يقرر إذا ما كان يرغب في فتح الباب أم لا. ويتم تخزين الصورة كي يتسنى للقاطن معرفة من زاره إذا كان خارج البيت. وقالت أنيته شبيلربيرج، الأستاذة في جامعة كايزرسلاوترن نقلاً عن الوكالة الألمانية الإخبارية، والتي تجري أبحاث عن مدى استخدام قاطني المنازل للتكنولوجيا، إن نظام «باول» يحظى بردود أفعال جيدة من جانب كبار السن. وقالت شبيلربيرج إن «الناس يتعاملون بصورة طيبة مع باول ويرغبون في وظائف اكثر شمولية». ومع هذا، من المهم أن يكو يُعرض في: يُعرض في: ن هناك أشخاص لشرح النظام والإجابة على التساؤلات. وتتطور التقنيات في «أنظمة مساعدة المعيشة المحيطية» طوال الوقت وأصبح تركيب الأنظمة أمراً أكثر سهولة. وتباعا أصبح المواطنون من كبار السن أكثر ايجابية في التعامل مع أجهزة الحاسوب العاملة. وقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2007 لمعهد أبحاث اجتماعية في برلين، أن المساعدة التقنية مقبولة بصورة كبيرة عندما يعاني المرء من إعاقة جسدية. كما أظهر أنه كلما كانت الأنظمة سهلة الاستخدام كلما زادت سرعة الاعتماد عليها. يذكر أن الأنظمة الأكثر شعبية بين الناس هي أنظمة التحذير من الاقتحام وكشف الدخان والسقوط. وفضل المشاركون أيضا أنظمة الإغلاق الآلي للأجهزة المنزلية مثل الأفران والمكاوي. «كبير السن» العربي مع كل ما ذكر من تقنيات وابتكارات تكنولوجية قدمتها ألمانيا وغيرها من الدول لخدمة «كبار السن» ورعايتهم والوقوف إلى جانبهم، من خلال تقديم ابتكارات تقنية عملية، تفيدهم في حياتهم اليومية، وتساعدهم للاعتماد على أنفسهم، وتسيير شؤونهم وقضاء حاجاتهم، نطرح اليوم أسئلة تبحث عن إجابات سريعة وعملية، منها أين نحن اليوم في عالمنا العربي من «مسننا» العربي؟ وأين نحن اليوم في عالمنا العربي من هذه الابتكارات والاختراعات التكنولوجية المقدمة لكبار السن؟ وهل أعطينا حقاً «كبار السن» حقهم كاملاً غير منقوص؟ أم أهملناهم كما أهملنا العشرات من الأجهزة والقطع التكنولوجية العتيقة والقديمة؟
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©