الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

عمليات التجميل.. يجيزهـا الشرع في حالات معينة

عمليات التجميل.. يجيزهـا الشرع في حالات معينة
7 أكتوبر 2016 01:22
حسام محمد (القاهرة) شاعت في السنوات الأخيرة ظاهرة المراكز الطبية التي تعلن عن إجراء عمليات التجميل، ولم تعد الظاهرة قاصرة على عمليات للنساء، بل أصبحت هناك مراكز متخصصة في إجراء العمليات للرجال ورغم تعرض الكثير من النساء للوفاة أو التشوهات في بعض الأحيان بسبب تلك العمليات، فإن الإقبال على عمليات التجميل يتصاعد كل يوم في ظل هوس المرأة بالجمال واتجاه بعض الرجال لنفس الهوس، لدرجة أن الأرقام تؤكد إنفاق العالم ما يزيد عن الخمسين مليار دولار على عمليات التجميل خلال عام 2015.. «الاتحاد» تطرح القضية على علماء الدين وترصد الآراء. التجميل نوعان بداية يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية: عمليات التجميل تنقسم إلى نوعين، نوع ضروري للمرأة أو الرجل، حيث لا يوجد مانع شرعي يحرم تلك الجراحة إذا كان الهدف منها تهذيب الأمور أو إرجاع الشكل الطبيعي لشكل الإنسان كأن يكون قد تعرض إلى إصابة نتيجة حادث أو ما شابه، وقد أدت الإصابة لتشويه فيجوز هنا الخضوع لمشرط الجراح، وهذا النوع من العمليات يخضع إلى القاعدة الشرعية التي تقول «لا ضرر ولا ضرار»، حيث تعيد الأمور إلى طبيعتها وأصول الفطرة التي فطر الله الناس عليها دون تعد أو تغيير لخلق الله، ومع التطور التكنولوجي والتقدم الطبي لا يمكن أن نترك الإنسان يعاني المرض ويصبر عليه، بل يجب أن تجرى له عملية تجميل لإصلاح العيوب الخلقية أو الطارئة، لكن عمليات التجميل من أجل التجميل والتغيير محرمة شرعاً سواء للرجل أو المرأة لأن الله فطر الناس ليس على شكل واحد، بل منهم الأبيض والأسمر، كما أن هناك نسبة وتناسباً بين العين والفم والأنف وبين جميع الأعضاء، وهي خلقة نهى الخالق عن تغييرها أو إتباع خطوات الشيطان الذي توعد بني آدم بأنه سيأمرهم ليغيروا خلق الله وهذه يرفضها الإسلام إلا بالدليل الطبي القاطع والبرهان على أن عدم القيام بتلك العملية يعرض حياة الإنسان للخطر. يضيف الشيخ عاشور أن الله تعالى لم يخلق إنساناً دميماً ولابد أن يعي الرجل والمرأة أن مقاييس الجمال نسبية وأن الله تعالى وضع في كل إنسان ميزة تميزه عن جميع الخلق، ولهذا فلا يجب أن نهرول وراء وهم الجمال، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الشباب عند الزواج ألا يبحث عن الجمال بقدر ما يبحث عن ذات الدين، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إنفاق الأموال الضخمة على عمليات التجميل هو نوع من التبذير المرفوض ولا بد ونحن نواجه تلك الظاهرة تربوياً وتعليمياً ودينياً أن نعي أن هناك أسباباً لسيطرة وهم الجمال على فتياتنا ونسائنا، منها ظهور الفتيات في الأغاني المصورة والأفلام وقد استخدمن كل ما في جعبة خبراء التجميل من ألوان ومساحيق وغيرها ما يخدع الفتاة ويصور لها أن هذا الجمال قد تم من خلال عمليات التجميل وهكذا تقع المرأة البسيطة في صراعٍ بين ما يطالبها به الدين وقيم المجتمع الأصيلة وبين رغبتها في تقليد هذه الصورة على الشاشة، فهذه النماذج تشوه ترتيب الأولويات لدى الفتاة والشاب، فبدلاً من أن تكون الأولوية للجد والتفوق والنجاح وخدمة الأمة يصبح شغلهم الشاغل وأولوياتهم مواكبة الموضة وإجراء عمليات التجميل وغيرها من المظاهر السطحية. خطر مضاعف من جانبها، تقول الدكتورة هدى عبدالحميد رئيس قسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: انتشار عمليات التجميل بين النساء والرجال على حد السواء يعود إلى الأمية الدينية التي استفحلت في مجتمعاتنا فأصبحت النساء ليس لديهن ثقافة دينية ناضجة لدرجة أن الفتاة لم تعد تهتم بجمالها فحسب، بل تبحث عن الشاب جميل الملامح أيضاً عند الزواج وهو ما أدى إلى وجود حالة من الهوس بالجمال لدى عدد من الشباب، وهي مشكلة كبيرة تحتاج إلى علاج وبداية العلاج تبدأ من البيت، وبالذات دور الأم في توعية البنت بمواطن الجمال المسموح به في ثقافتنا وما ترتضيه الشريعة، وهنا لا بد أن نعي أن الإسلام دين الجمال ويحث كل إنسان عليه، الجمال الفطري الذي لا يتعارض مع الشريعة، لكن ما نراه اليوم من مبالغة في الجمال وتقليد فتيات السينما وفتيات الفيديو كليب فهي أمور يرفضها الشرع والذوق العام، فقد رأينا من تزيل شعر الحواجب تماماً وتستخدم الوشم أو تقوم بإجراء عمليات تجميل لتصغير أو تكبير بعض أجزاء الجسم دون حاجة حقيقية أو طبية لذلك، فهذا كله حرام شرعاً لأنه تغيير لخلق الله سبحانه وتعالى، بل إن هناك دوائر طبية أكدت أن تلك العمليات لها آثار سلبية على المدى الطويل وتصيب من يجريها بالأمراض الخبيثة وهو ما يؤكد حكمة الشارع الحكيم عندما منع التدخل في تغيير خلقه سبحانه. تضيف د. هدى: هذا لا يمنع من أن هناك عمليات يجوز شرعا الخضوع لها مثل إزالة الأكياس الدهنية التي تظهر في مواضع مختلفة من البدن خاصة لو كانت في الوجه أو إزالة الدهون المتجمعة إذا كانت تضر بالإنسان كما يجوز ترقيع الجلد المحترق أو المصاب سواء كان بجلود طبيعية أو ببدائل مباحة أخرى وإذا تعرضت المرأة لاستئصال أحد ثدييها، فيجوز أن تخضع لعملية تجميلية لوضع بديل صناعي وهذا يعد من التداوي الذي رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة منها ما روي عن أسامة بن شريك قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟.. فقال: نعم تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد.. قالوا: ما هو؟.. قال: الهرم». العلاج.. والتجميل تقول الدكتورة عفاف النجار أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر: إن جراحة التجميل نوعان النوع الأول يغلب عليه الطابع العلاجي كإصلاح خلل طارئ، والنوع الآخر يغلب عليه الطابع الجمالي، فالتجميل العلاجي الذي يتم على أيدي المختصين في المصحات والعيادات لا يشك عاقل في مشروعيته وليس في الدين ما يمنعه كجبر الكسر أو خياطة جرح ومن هذا القبيل خلع الأسنان مثلاً التي تؤذي أو تشوه وتدعو للقبح، والتصاق أصابع اليدين وتشوهات الأذن والشفة الأرنبية، فمثل هذه الحالات يجب إجراء عملية تجميل لها وليس في الدين ما يمنعها، حيث إن التشوهات تؤدي في سن مبكرة بالإنسان إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب وابتعاده عن أقرانه وقد يؤثر هذا في حياته ومستقبله، ولذلك فعلاج الأطفال في سن صغيرة ضروري حتى لا يصابوا بالعقد النفسية، أما بالنسبة لعمليات التجميل التي تمارس في الصالونات وبيوت التجميل والمصحات وما أكثرها هذه الأيام، فقد كثرت البدع والمحظورات التي تسربت إلينا من الغرب فنرى المرأة تنفق المئات أو الآلاف لتجميل أعضاء من جسدها دون أن تكون هناك ضرورة تستدعي ذلك مثل أن تشد العجوز وجهها لتبدو شابة، فهذا لا شك حرام لأن القصد منه سيئ وهو التغرير والتدليس. أما الجراحات التجميلية التي يقصد بها تغيير الخلق ابتغاء للحسن والجمال أو المزيد منهما كعمليات شد الوجه والرقبة وتصغير الشفتين أو الأنف والثديين وتفليج الأسنان ونحو ذلك فإنه لا يجوز شرعاً إجراء ذلك لما فيه من تغيير خلق الله، وقد نهى الله عنه قال تعالى: (... وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِيناً)، «سورة النساء: الآيات 117 - 119»، وقال سبحانه: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)، «سورة البقرة: الآية 138». وروي عن ابن مسعود أن رسول الله قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والواصلات والمستوصلات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، ومن تغيير خلق الله صبغ الشعر لغير حاجة تغيير الشيب ووضع المرأة الصبغ على وجهها أو نحوه ووصل المرأة شعرها بشعر آخر سواء كان صناعيا أو طبيعياً». طرق المواجهة حول كيفية مواجهة تلك الظاهرة، يقول الشيخ محمود عاشور: لا بد من عودة التثقيف الديني إلى موقع الصدارة في الإعلام، وفي المعاهد التعليمية وفي الأندية وفي كل مكان حتى ينشأ الشاب والفتاة، وهو يعي أن الإنسان جميل بدينه وعلمه وأخلاقه وليس بجمال وجهه أو جسده فحسب، وهنا تبرز أيضاً أهمية دور الأسرة في تزويد بناتها بالمناعة والحصانة ضد هذه الأوبئة الاجتماعية، بتوعيتهن بخطأ هذه الصور المقدمة للفتيات في الإعلام السطحي، وبأن ديننا وتراثنا الإسلامي قدَّم لنا نماذج أسمى من ذلك بكثير، وأن توجه الأم ابنتها إلى العناية بنفسها في حدود الشرع وداخل المنزل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©