السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله الريِّس: الإمارات تعيش لحظة تاريخية مضيئة

عبدالله الريِّس: الإمارات تعيش لحظة تاريخية مضيئة
27 نوفمبر 2008 00:45
لا شيء يحفظ تاريخ الأمم والدول وإنجازاتها ويصون تجاربها مثل الوثيقة، فهي الشاهد الحي على ما حدث ويحدث، لكنها شاهد يتميز عن غيره من الشهود بأنه لا يقبل التزوير، لسانه بليغ، وقوله قاطع كحد السيف، ولا ينطق إلا بالحقيقة· بيد أن الوثائق ليست ''ملقاة على الطريق كما الأفكار'' على حد تعبير الجاحظ، بل لا بد أن توجد في أماكن تحفظها وتحميها، وتلك هي ''بيوت الوثائق'' أو مراكز الوثائق والبحوث التي نجحت الدولة في تأسيس واحد منها في وقت مبكر، فحمت بذلك كنوز الوطن وثرواته من الضياع، وهي المهمة النبيلة التي يضطلع بها ''مركز الوثائق والبحوث'' الذي بات واحداً من أهم مراكز البحث في العالم العربي، يقصده الدارسون والباحثون وطلبة الدراسات العليا من مختلف الجامعات الخليجية والعربية والأجنبية، ليجدوا كافة التسهيلات الممكنة، وليحظوا بالرعاية والاهتمام· أنجز المركز عبر مسيرته الطويلة، خطوات مهمة في تجميع وتبويب وتصنيف الوثائق بمختلف اللغات، كما أنجز عدداً كبيراً من البحوث حول الخليج عامة والإمارات بشكل خاص، وسد كثيراً من وجوه النقص في التاريخ المكتوب وفتراته غير المدونة حول هذه المنطقة· هذا الحضور الرفيع المستوى، وهذه الثقة اللذان حظي بهما المركز لم يأتيا من فراغ، بل عبر الجهد الدؤوب والعمل المستمر والمتابعة وحضور مختلف الفعاليات المتعلقة بمجال البحث والفكر في مختلف أنحاء العالم، ولعل آخرها المؤتمر الدولي للتاريخ الذي عقده المركز تحت عنوان: ''مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإمارات العربية المتحدة'' واختتم أمس الأول· عن المركز وأهميته ومشروعاته المستقبلية، وما يعنيه للذاكرة والوطن والباحثين، وعن التاريخ وضرورة إعادة كتابته وتاريخ المنطقة وما لحق به من تشوهات وقضايا أخرى كثيرة كان هذا الحوار مع الدكتور عبدالله الريِّس مدير عام مركز الوثائق والبحوث في الدولة· ؟ وأنتم بصدد الاحتفال بمرور أربعين عاماً على تأسيس المركز، كيف تنظرون إلى التجربة الماضية؟ وما خططكم ومشروعاتكم المستقبلية؟ ؟؟ استطاع ''مركز الوثائق والبحوث'' على مدار أربعة عقود من عمره توثيق تاريخ الدولة، ولما كان تأسيسه في أبوظبي قبيل قيام الاتحاد فقد كان شاهداً على ذلك الحدث الكبير، وعلى المرحلة الحاسمة التي تلته في تاريخ الدولة· ولعل أداءه لمهامه جعله في موقع الريادة، ولا غرابة في ذلك؛ إذ أن فكرة إنشائه جاءت بقرار حكيم من القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''· كان المركز ـ ولا يزال ـ يعمل جاهداً على اقتناء الوثائق التي تهم دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة ومنطقة الخليج عامة· وقد أهلته ملايين الوثائق التي يحتفظ بها ليكون أميناً على تاريخ الوطن· وهو ذاكرة الوطن التي ينهل منها باحثو التاريخ، وتمدّ أصحاب القرار بالوثائق اللازمة في حلّ بعض النزاعات الدولية، وفي إثبات الحقوق ونسبتها إلى أصحابها· وفي الفترة الحالية لم يعد مركز الوثائق والبحوث مستودعاً للوثائق والأسانيد التاريخية فحسب؛ وإنما غدا صرحاً ثقافياً وحضارياً أيضاً، يسعى للارتقاء إلى مصاف الإبداع والتميز عن طريق العمل الجماعي والالتزام المهني· أما المشروعات والطموحات التي يسعى إليها المركز فكثيرة، منها العمل على استحداث برنامج جديد يمتاز بالمتعة والفائدة بعنوان: ''المؤرخ الشاب'' لطلاب المدارس بهدف إثراء معارفهم وثقافتهم بتاريخ الإمارات، وتعزيز إحساسهم بهويتهم الوطنية، وتمتين روابط الولاء والانتماء للوطن· كما يتطلع المركز إلى نقل المقر الرئيسي للمجلس الدولي للأرشيف إلى أبوظبي ليؤكد مكانة الإمارات ومنزلتها في خريطة الحضارة العالمية· وسوف يتبع هذه الخطوة إنشاء مركز عالمي للتدريب في الدولة، إلى جانب البرامج والأنشطة المتعلقة بالأرشيف على المستوى العالمي· إلى ذلك، يعمل المركز مع المجلس الدولي للأرشيف على تطوير برنامج الأرشفة الإلكترونية (الدخول إلى الذاكرة ICA-AtoM) وتعريبه تمهيداً لتوزيعه على المؤسسات والمراكز داخل الدولة، وإهدائه للأرشيفات العربية· ويعتبر هذا البرنامج نموذجاً مثالياً لعمليات الفهرسة وحفظ الوثائق والمعلومات إلكترونياً بمعايير دولية· ونحن الآن بصدد التعاون مع هيئة دبي للثقافة في إنشاء مركز أرشيف رئيسي لإمارة دبي، وسوف يقدم المركز الاستشارات والدعم في المجالات الإدارية والفنية، وفق أفضل الممارسات العلمية في مجال أرشفة وحفظ السجلات· هذه بعض المشاريع التي يخطط لها مركز الوثائق والبحوث في المدى المنظور· وهناك مزيد من الخطط والمشاريع التي يضعها المركز في حساباته المستقبلية؛ لأنه مقبل على نقلة نوعية، ويعيش الآن فترة حاسمة؛ إذ ينتظر قرار تحوّله إلى مركز وطني للوثائق والبحوث· وهذه النقلة تعتبر محطة بارزة في تاريخه ولها متطلباتها الكثيرة التي نستعد لها منذ فترة طويلة· سيرة قائد ومسيرة وطن ؟ يرى كثير من المفكرين أن التاريخ العربي بحاجة إلى إعادة اكتشاف، وأن تراثنا الفكري ما زال حبيس الوثائق وأمهات الكتب، وفي السياق نفسه، وفيما يخص تاريخ الإمارات خاصة والخليج عامة، ثمة دعوات كثيرة إلى إعادة كتابة تاريخ المنطقة وتنقيته من الأخطاء والتشويهات والشّبهات التي تعرض لها، كيف ترون إلى هذا الأمر؟ ؟؟ علم التاريخ من أقدم العلوم، وقد بدأه الرواد بتسجيل زمني كرونولوجي لأهم الأحداث في الحضارات القديمة، ثم صار المؤرخون لا يوردون الحدث مجرداً؛ وإنما يعيدونه إلى نسيج الواقع ويضفون عليه شيئاً من التقييم؛ فزادت قيمته، والمؤرخ الذي يريد رصد الحقيقة عليه التقاطها من الوثيقة وإسنادها إليها· وهذه وجهة نظر الكثيرين من المعنيين بالتاريخ ودراسته، وهم الذين نظروا إلى التاريخ على أنه علم دراسة الوثائق، ولكن الوثيقة تحتاج إلى تحليل وكشف ما هو جديد في مضمونها· بالطبع هناك الكثير من الأحداث التاريخية ما زال بحاجة إلى مزيد من البحث· ولعل تجربتنا الاتحادية المباركة ما زالت مثار بحث ودراسة، وتمثل أساساً تاريخياً كبيراً من أسس الدول ونشوئها· وقد لقيت اهتماماً كبيراً في جامعات ومعاهد عالمية· وأعتقد أن الفترة القصيرة نسبياً التي تحولت فيها منطقة الإمارات من كثبان رملية خاوية إلى دولة عصرية لها مكانتها المميزة على خريطة العالم - جديرة بالبحث في وثائقها، ودراسة كل حدث من أحداثها حتى تتكون بين أيدينا السيرة التاريخية الكاملة للقائد المخلص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيّب الله ثراه''، الذي أسس هذه البلاد ووهبها جلّ اهتمامه، وبذل من أجلها كل جهوده، وقصة الشعب الوفي الذي قابل الإخلاص بالوفاء والبذل بالولاء فتحققت معجزة الاتحاد على يدي القائد الكبير وعلى أيادي إخوانه حكام الإمارات· وفي سجلات هؤلاء الرجال العظام أحداث جليلة وجديرة بأن تبحث فيها العقول النيرة، وأن تكتب عن أمجادها الأقلام المؤرخة الصادقة والخبيرة· أما عصرنا الحاضر الذي نعيشه والذي سوف يكون غداً جزءاً من ماضينا فيحتاج، إلى جانب جهود المؤرخين، إلى جهود الإعلاميين الذين يقع على عاتقهم رصد الواقع بدقة وأمانة وشمولية ليقدموا وثائق إعلامية صادقة وواقعية للأجيال القادمة· وأنا مؤمن بما قاله الأديب الفرنسي ألبير كامو: ''إن الصحفي هو مؤرخ اللحظة'' وما دامت اللحظة مضيئة، وما دام الحاضر مشرقاً وكل صباح يشرق على دولة الإمارات يحمل معه الرفعة ومزيداً من الإنجازات التي تصوغها أيادي قيادتنا الحكيمة وشعبنا العظيم فلماذا لا نؤرخها لتكون شهادة في الغد على ما أنجزته بلادنا اليوم؟ أبناء الخليج أولى بتاريخهم ؟ وما الدور المطلوب من المؤرخ المتخصص في هذه القضية؟ ؟؟ إن المطلوب من المؤرخ المتخصص أن يكون واقعياً وموضوعياً ومخلصاً في عمله؛ فالمؤرخ أياً كان هو ابن بيئته يتأثر بمكوناتها وتفاصيلها، ولديه تراكمات ثقافية لابد أن تنساب بين آرائه وأبحاثه، وهذا ما يجعلني أشجع هنا الباحثين والمؤرخين من أبناء منطقة الخليج العربية عامة ودولة الإمارات العربية خاصة على النظر في تاريخ المنطقة· ولقد شدت انتباهي جملة كتبها أحد المشاركين في مؤتمر ''مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإمارات'' بأن اسم الساحل الذي كان يطلق على منطقة تاريخية قديمة في دولة الإمارات قد استبعدته الأقلام المؤرخة للمنطقة - هم من غير أبنائها- واستخدمت المسميات الحديثة· وإذا كان تاريخ المنطقة يحتاج إلى إعادة النظر فإن الموضوعية يجب أن تكون مؤشر البوصلة للسير على الطريق الصحيح، وأعني بمؤشر البوصلة هنا: الوثيقة المعتمدة، التي تحمل في طياتها الحقيقة الكامنة التي تحتاج إلى من يميط عنها اللثام ويغذيها بفكره وآرائه وتحليلاته مدللاً على ما فيها· كنوز تنتظر المكتشفين ؟ لديكم كنز حقيقي من الوثائق وثروة من التاريخ، لاسيما أرشيفات الدول الأجنبية التي كانت لها علاقة مباشرة بالمنطقة· هل تعتقدون أن الاستفادة القصوى منها متحققة، أم أن كنوزها ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث والاكتشاف؟ ؟؟ لا ننكر أن كثيراً من الوثائق التي يحتضنها المركز مازال بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة، وإذا قدّرت لهذه الوثائق مهارات وكفاءات عالية في البحث فإنني أعتقد أن معلومات قيّمة وكتباً نفيسة سوف ترى النور، وترفد الأوساط الثقافية بمزيد من المعرفة· ونحن نتيح مكنونات المركز للباحثين من مؤرخين وطلبة، ونقدم لهم التسهيلات التي يحتاجون إليها، بل ونشجع أيضاً الخبرات المحلية على الاستفادة من وثائق المركز· وقد استطعنا بالتعاون مع وزارة التربية أن نحقق نجاحاً على هذا الصعيد؛ إذ أثمرت الرحلات المدرسية إلى مركز الوثائق والبحوث عدداً من الكتب التي صدرت ضمن سلسلة الأنشطة التربوية مثل: زايد والبيئة، زايد والتنمية، زايد والمرأة، زايد والتعليم· والمركز الآن بصدد إصدار كتابين ضمن هذه السلسلة وهما: ''الشيخ خليفة بن زايد·· الشخصية والفكر'' و''الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم·· رؤية ثاقبة وإنجازات خالدة''· بالإضافة إلى جائزة (المؤرخ الشاب) التي سبق وأشرت إليها والتي نتوقع أن تعود بالفائدة باكتشاف مواهب شابة وخبرات كامنة في مجال عشق التاريخ وشغف الكتابة فيه· وإذ نتوجه نحو مزيد من التشجيع للأقلام العلمية التي تبحث في التاريخ فإننا ننطلق في هذا المسعى - كما هو حالنا في كل منجزات المركز- من التوجيهات السديدة والمتابعة الحثيثة التي نلقاها من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة، رئيس مركز الوثائق والبحوث· ذاكرة الأجداد ؟ جمع وتوثيق الثقافة الشفاهية وحفظها من المهمات الجليلة والنبيلة التي يضطلع بها المركز، لا سيما أن رواة الأخبار من كبار السن في تناقص دائم، فإلى أين وصلتم في هذا العمل؟ وما العقبات التي تعترض عمليات الجمع، سواء العقبات العلمية أو الميدانية؟ ؟؟ التاريخ الشفاهي غني بالمعلومات والحكايات والقصص التي زخرت بها آفاق التاريخ، ولا يمكن أن تغني الكتب عن التاريخ الشفهي الذي تتسع له عقول كبار السن وتصوغها ألسنتهم بكلمات ملؤها الحياة· ولما كان للتاريخ الشفهي دور كبير في حفظ موروثات الأجداد وتراثهم النفيس فإننا نلاقي من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مركز الوثائق والبحوث - كل الدعم لتطوير هذا الجانب وتوثيق ما تحفظه الذاكرة من تراث وتاريخ الإمارات خاصة ومنطقة الخليج عامة· وللمركز آليات واضحة في إعداد مشروع متكامل يوثق التاريخ الشفهي للبلاد، بحيث نستطيع الوصول إلى ذاكرة كبار السن لاستقاء ما لديهم من مخزون قبل فوات الأوان· ولما كان التاريخ الشفهي مرتبطاً بعرى متينة بعدد من العلوم الإنسانية والاجتماعية كعلم الاجتماع والأنثربولوجيا، وعلم النفس، وعلوم اللغة، فإننا نحرص كثيراً على أن يكون الكادر المكلف بتوثيق هذا التاريخ مؤهلاً تأهيلاً تاماً، وفي هذا الجانب أرى أن الكوادر المواطنة تتحمل جزءاً من المسؤولية؛ لأنها الأجدر بالاهتمام بهذا الجانب من التاريخ والتراث الذي يزخر بالألفاظ المحلية والمخزون التاريخي الهام الكامن في صدور كبار السن ممن عاشوا صناعة الحدث أو عايشوه· ؟ يقال إن التاريخ يكتبه المنتصرون، هل ما زال هذا القول صحيحاً في عصر التقنية والأقمار الصناعية والديجيتال، أم أن خلف كل تاريخ معلن تاريخ آخر موازٍ له لكنه خفي؟ ؟؟ ''التاريخ يكتبه المنتصرون''، و''التاريخ هو سيرة السعداء والصفوة''، و''التاريخ يكتب بحدّ السيف'' و··· أقوال وعبارات سرعان ما تشرئب بأعناقها حين يتعارض التاريخ مع وجهة نظر قارئه، وعلى الذين يشككون في تاريخ ما إثبات حجتهم بالبراهين والأدلة وبالوثيقة وإلا فحجتهم واهية· ولعلنا نتفق جميعاً على أن سجل التاريخ الذي يتسع لرصد مسيرات الشعوب والأمم لن يضيق ذرعاً بالحقيقة، ولو ضعفت بعض الأقلام أمام الإغراءات أو انهارت تحت التهديدات فإنها لن تستطيع حجب ضوء الشمس بالغربال، والحقيقة هي ضوء الشمس الساطع· وإذا استطاع بعض المغرضين ذرّ الرماد في العيون فإن تورية الحقيقة لن تنطلي على الباحثين الجادين والمؤرخين الذين يسيرون على ضوء الواقعية، ويسبرون دقائق الأحداث أياً كانت بموضوعية· وكثيراً ما نسمع بالمقابل عن تاريخ مدسوس أو حاقد، وهذه إشارة واضحة إلى أن أصحاب الضمير من المؤرخين يرون الحقيقة ويصفونها دون النظر إلى العواقب· حكمة زايد ؟ بعد هذه السنوات الطويلة مع الوثائق والبحوث ومتون الماضين، ما الحكمة التي خلصتم إليها؟ ؟؟ ليست حكمة واحدة، بل حكم كثيرة لا يمكن اختصارها بكلمات قليلة، لأنها خلاصة تجربة وعصارة حياة علمية وعملية، ولكني أوجز فأقول: إن الاهتمام بالتاريخ علّمنا أن نستفيد من دروسه، والتاريخ هو جذورنا الضاربة في عمق الأرض لترفد ازدهار حاضرنا، وهو الماضي الذي نعتمد على أحداثه لنعي دروس الحاضر ونسيجه، ولنستشـرف المستقبل· وإني لأجد في كلمة الشيخ زايـد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' خير حكمة في هذا المجال: ''الأمة التي ليس لها ماضٍ لا حاضر لها ولا مستقبل ''، فحتى نعي حاضرنا ونستشرف مستقبلنا يجب أن نحترم ماضينا ونصونه· وقد علمتنا الوثيقة - التي أعتبر حفظها أمانة وطننا في أعناقنا - الدقة في التعامل في مختلف جوانب الحياة، وليس في شؤون البحث العلمي فقط· هناك أرشيفات كاملة عرضة للضياع وعلينا إنقاذها قبل فوات الأوان يحتاج التنقيب في الوثائق والحصول على المعلومات الدقيقة إلى بناء كوادر متخصصة في هذا الحقل المهم، وبذل اهتمام خاص من أجل ''تربية'' وتأهيل الباحث المتخصص المتمكن من العنصر المواطن وعن ذلك يقول الريّس: التاريخ مرآة الأمم والشعوب، وإذا عقدنا العزيمة على أن نستفيد من دروس تاريخنا الذي يعد نبراساً يجب أن نفخر به في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن نسير على وحي إلهامه في ظل قيادتنا الحكيمة - فإن لي هنا ملاحظة أجدها في غاية الأهمية، وتتلخص في أن في مركز الوثائق والبحوث ملايين الوثائق المفهرسة والمؤرشفة إلكترونياً والمتاحة لأصحاب القرار وللباحثين والمهتمين، ولكن في المقابل هناك أرشيفات كاملة عرضة للضياع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد حذرت عبر وسائل إعلام عديدة منها صحيفة ''الاتحاد'' وفي مؤتمرات وجلسات رسمية من ضياع أرشيفاتنا الجارية والوسيطة والقديمة، وعلينا إنقاذها قبل حلول ساعات الندم؛ فإن إنقاذ مثل هذه الأرشيفات يحتاج إلى آلاف من الكوادر البشرية المتخصصة لفرزها وفهرستها وأرشفتها وحفظها في الظروف المواتية، ثم إتاحتها للمستفيدين، وبعد أن يتحقق هذا الجانب بشكله الأمثل نلتفت إلى الكوادر المؤهلة للتنقيب فيما تشكله الوثائق من أرشيفات ضخمة جداً، أما الوثائق التي يحتفظ بها المركز فإنها كانت مادة أساسية اعتمدت عليها مؤلفات قيّمة أصدرها المركز مثل كتاب: ''قصر الحصن: تاريخ حكام أبوظبي 1793 ـ ''1966 وكتاب ''زايد من التحدي إلى الاتحاد) اللذين صدرا عن مركز الوثائق والبحوث، وقبلهما صدرت كتب عديدة اعتمدت على كنوز المركز من الوثائق مثل كتاب: (الفرائد من أقوال زايد'' في أربعة مجلدات وكتاب:''يوميات زايد'' في خمسة مجلدات، إلى جانب الكتب والأطروحات العلمية، والأبحاث التي أصدرتها مؤسسات أخرى اعتمدت بشكل كبير على وثائق المركز أيضاً
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©