الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف عبداللطيف الصيعري.. مرآة للزمن الجميل

متحف عبداللطيف الصيعري.. مرآة للزمن الجميل
6 أكتوبر 2016 23:00
أشرف جمعة (أبوظبي) منذ عشرين سنة والحياة التراثية بتفاصيلها المدهشة تسكن وجدان جامع المقتنيات الإماراتي عبداللطيف الصيعري الذي يعيش قصة حب مع الموروث الشعبي المحلي في تجلياته المدهشة، وظل يقتني أثر القطع بين عائلته وفي بيوت جيرانه وأصدقائه، ومن خلال المزادات التي تقام داخل الدولة وخارجها، إلى أن حقق حلمه الذي ظل سنوات طويلة يتمنى أن يراه ماثلاً أمام عينيه.. حلم يتخطى الخيال ليقفز عند حدود اليقظة وهو أن يكون له متحفه الشخصي الذي يضع فيه مقتنيات العمر، ويرتبها على هواه بدافع حبه للوطن، ووفاء لوالده الذي لم يهمل الكثير من لقطات الموروث واستبقاها في بيته، فكانت المحرك والدافع للابن عبداللطيف الذي استغل جزءاً من منزله في مدينة الفلاح الجديدة ليؤسس متحفه الذي جمع فيه دلات القهوة والعملات القديمة وأدوات الدراسة في البدايات، والمطبخ الإماراتي بطابعه التقليدي، والفخاريات، والبيئة البحرية، وألواناً شتى من الحياة الإماراتية القديمة، إيماناً منه بأهمية حفظ التراث للأجيال المقبلة. كنز تراثي يقول عبداللطيف الصيعري عن رحلته في جمع المقتنيات التراثية: منذ طفولتي وأنا أحتفظ بأدواتي المدرسية في كل المراحل التعليمية والكراسات والكتب والملابس الرياضية والسبورة والطباشير وعلب الألوان والأوراق التي لوّنها الزمن وغير هيئتها، تلك التي كنت أذاكر فيها دروسي، ولم أكن أعرف السبب وراء جمع كل ما يتقادم عليه العهد في منزلنا، ورفضت أن يذهب إلى سلة القمامة أو يقضي عليه الإهمال، حتى نشأت وترعرعت في أجواء موروثات شعبية أصيلة، وعاماً بعد عام وجدت مخزناً كبيراً يحتوي على عدد من المقتنيات، لافتاً إلى أنه مسح من عليها التراب واحتضنها مثل أطفاله ورتبها وفق أهميتها الزمنية والتاريخية، خصوصاً أنه وجد كنزاً من المحتويات القديمة التي لم تكن من مدخور العائلة فقط، لكنها كانت من قبل قيام الاتحاد وترجع إلى سنوات طويلة، وفي نهاية الأمر استقطع جزءاً من البيت وقسمه إلى عدة أقسام، بحيث أصبح للمتحف الشخصي قيمته وأهميته الإنسانية والتاريخية والدلالية في محطات الموروث الشعبي الإماراتي، لافتاً إلى أن اهتمامه بمثل هذه المقتنيات زاد في ظل تحفيز الدولة للحفاظ على مفردات الموروث كحق أصيل للأجيال القادمة. عملات قديمة وعن بعض محتويات المتحف الشخصي، يبين الصيعري أنه خصص جزءاً للعملات الإماراتية القديمة والخليجية والعربية بوجه عام، وهو ما يميز هذا الركن الذي يشتمل على عملات قبل وبعد قيام دولة الاتحاد وأخرى من العملات القطرية والبحرينية وغيرها، سواء ورقية أو معدنية وكذلك الروبية الهندية، ويشير إلى أن من أبرز العملات التي حصل عليها ويضعها في مكان خاص في متحفه الشخصي «نموذج الـ1000 درهم» الذي يسمى عند الهواة «الألف أبو دلة» وكان مجرد نموذج، لكنه لم يتداول ولم يتم العمل به، حيث إنه اشتراه بمبلغ مالي كبير لأنه نادر جداً، حيث يرجع إلى عام 1980، ويلفت إلى أن لديه عملات تسمى «طويلة الحسا» المعروفة بـ«لارينه» ومنها فضة وذهب؛ إذ كانت تستخدم في التجارة البحرية قديماً. ومن ضمن مقتنياته الشخصية دلال القهوة التي يرصها بشكل متجاور في واجهة المتحف، ويذكر أن أبرزها دلة آل نهيان القديمة، إذ إن لديه منها أشكالاً مختلفة الأحجام والكثير من الدلال تحمل أسماء معروفة قديماً مثل «الشطراوية، الحساوية، الحمصية، البغدادية، القريشية، الرسلان»، وترجع كلها إلى أزمنة قديمة فهي صنعت بطريقة تقليدية جداً، والدلة كما هو معروف رمز الكرم وحسن الضيافة، ويوضح أنه يحتفظ أيضاً بـ«حز البن» التي تطحن فيها حبات البن المعتق وأيضاً «وشت النار» والعديد من الفناجين النادرة للقهوة التي حصل عليها بجد واجتهاد، حيث إن بعضها يرجع إلى قبل وبعد قيام دولة الاتحاد. ويورد عبداللطيف الصيعري، أنه خصص ركناً للرجل جمع فيه الملابس القديمة السائدة في الماضي للرجال والتي تتمثل في الكندورة، والمحازم والخزام والغتر والخناجر والسيوف، وكذلك الملابس التي كان يرتديها الرجال في الأعراس والمناسبات الخاصة والأعياد، ويشير إلى أنه خصص أيضاً للمرأة ومقتنياتها مكاناً داخل متحفه الشخصي تبرز ملامح زينتها والعطور التي كانت تستخدمها والمندوس وماكينة الخياطة «الكرخانة» التي كانت موجودة في البيوت قديماً، والتي كانت تصنع من خلالها ملابس الأطفال والأسرة، وفي هذا الركن أيضاً احتفظ الصيعري بالكاجوجة والعطور. أجهزة في أحد أركان متحف الصيعري، ظهرت على الأرفف الكثير من الهواتف المحمولة والثابتة القديمة تزين المكان وتنشر فيه رائحة معتقة، إذ يرى أن حصوله على الهواتف التي صدرت عن مؤسسة الإمارات للاتصالات التي كانت تعرف قديماً «إمرتل» كان شيئاً مميزاً، لافتاً إلى أن لديه بعض الهواتف التي تحمل أسماء مختلفة مثل «الأنيس، والقناص، السواح، الجفير، اللافي، الطواش، السفار، الهدهد، الأسرد»، وهي هواتف متنقلة كانت في عهدها إصدارات أولى، وكذلك هواتف منزلية كانت تستخدم بشكل تقليدي تعمل بطريقة يدوية والتي كان لها طرف يدور باليد، وكذلك الهاتف القرص، وحتى أجهزة هواتف السنترال القديم. وفي مدخل المتحف، حجرة خصصها الصيعري للمقتنيات التعليمية يسترجع بها زمن المدرسة القديمة. ذاكرة وسط ساحة مفتوحة على الحكايات التراثية القديمة اصطفت عدد من الدكاكين القديمة التي شيدها الصيعري لتظل شاهداً على ماضي الأجداد، إذ جمع مقتنيات كثيرة حملت أسماء «الطواش، الدكان القديم، الحلاق، العكوس»، ويشير إلى أن الطواش دكان جمع فيه مقتنيات عن الغوص قديماً في الإمارات، حيث الحياة البحرية بكل تفاصيلها العامرة بالجمال والصدق وقصص الغواصين والبحارة القدامى، فضلاً عن أدوات الصيد مثل الديين والشاشة والمغرفة وميزان اللؤلؤ، وحبات لؤلؤ قديمة، وبشختت الطواش، موضحاً أن الطواش هو تاجر اللؤلؤ، كما أن هذا الدكان احتوى على حبال المراكب القديمة.. في دكان الحلاق قديماً الذي جاء نسخة مطابقة للأصل الذي كانت عليه دكاكين الحلاقين في الزمن الماضي. ويبين الصيعري أنه وضع كرسياً مفرداً وفي الأمام مرآة وأدوات قديمة للحلاقة مثل المشط والفرشة وماكينة حلاقة يدوية لقص الشعر التي لم تكن تعتمد على كهرباء أو طريقة معينة للشحن مع بعض الكريمات و«الكولونيا» المشهورة التي كان يسكب منها الحلاق بعض القطرات على يديه ويمسح بها ذقن «الزبون». الاستديو القديم ويقول الصيعري: إنه حاول أن يجمع في دكان «العكوس»، الذي يعتبر «الاستديو القديم» الذي كان يقصده الناس لالتقاط الصور الفوتوغرافية، أدوات التصوير التقليدية القديمة، فاحتفظ بعدد من الكاميرات التي كانت تستخدم قديماً داخل دكاكين «العكوس»، وكذلك الأفلام الفوتوغرافية بشكلها التقليدي المتعارف عليه، وكاميرات الشمس، وأجهزة التصوير السينمائي القديمة. ويشير إلى أنه لم يهمل في متحفه الشخصي «المطبخ الإماراتي القديم» الذي كان يتميز بالبساطة والذي كانت المرأة تستخدم فيه طرقاً تقليدية لطحن الحبوب، لافتاً إلى أنه يحتوي على الرحى، والسعف، الجدور، المناحيز والحدق، ويشير إلى أنه حاول أن يجمع فيه أيضاً الجرار القديمة والخرس، وبعض الخزفيات وآنية قديمة جداً كانت تستخدم لطهي الطعام، وإلى جوار المطبخ القديم كانت تصطف أعداداً من ألعاب الأطفال في الزمن الأول مثل العربانة، وغيرها من الألعاب الأخرى. «عدد صحيفة الاتحاد الأول» يعتز جامع المقتنيات التراثية عبداللطيف الصيعري بأنه يحتفظ في دهاليز متحفه الشخصي بالعدد الأول لـ«صحيفة الاتحاد» وقد وضعه في إطار من «البلاستيك» حتى لا يتأثر بأي عوامل ويظل محتفظاً بشكله إبان الصدور، ويشير إلى أن كثير من زواره وأصدقائه يحبون هذا العدد ويستأذنونه في أن يطلعوا على محتوياته، ويؤكد أنه من قراء «صحيفة الاتحاد»، حيث مثلت لجيله الكثير فهي كانت ولازالت مصدره الأول في التعرف إلى الأخبار المهمة داخل الدولة وخارجها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©