الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما بين الطموح والمثالية

1 يونيو 2014 23:24
جيفري جولدبيرج محلل سياسي أميركي لم يرتكب الرئيس الأميركي باراك أوباما زلات خطيرة في إدارة السياسة الخارجية خلال فترة الولاية والنصف التي قضاها في المنصب. صحيح أن عملية السلام في الشرق الأوسط أسيئت إدارتها أثناء فترة الولاية الأولى، لكن من الصعب إلقاء لائمة الخلل الوظيفي الفلسطيني الإسرائيلي على أي رئيس أميركي. وقد تتحول سوريا إلى كارثة للأمن الوطني للولايات المتحدة، وهي كارثة أخلاقية للعالم المتمدن برمته. لكن الجنود الأميركيين لا يلقون حتفهم، والأسلحة الكيماوية السورية لا تستخدم ضد الحلفاء الأميركيين. والجنود الأميركيون لم يعودوا يموتون في العراق. والقوات الأميركية تخرج من أفغانستان دون خسائر كبيرة حتى الآن. والمحادثات النووية الإيرانية قد لا تنجح، لكن محاولة خوض المفاوضات لحسم هذه الأزمة سلمياً أمر مهم للغاية. والتوجه القومي للسياسية الروسية لم تحتويه تماماً بعد الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، لكن ما كان لأي رئيس آخر أن يلجأ لحل عسكري قادر على منع الصراع في القرم. ومازالت كوريا الشمالية في هوسها، لكن ما كان أيضاً لرئيس آخر غير أوباما أن يحالفه حظ أفضل في إدارة التهديد الذي يمثله البلد الآسيوي. والصين تستعرض قوتها، لكن التحالفات الأميركية عبر آسيا قوية وفي بعض الحالات تكون أقوى. وهناك أكثر من 35 ألف جندي من الجيش الأميركي في الخليج وحوله. وباكستان هادئة لأسباب مجهولة. وتفادى أوباما حتى الآن أشد كوابيسه رعباً وهو وقوع أسلحة الدمار الشامل بأيدي الجهاديين. وطورت إدارته استراتيجية لمكافحة الإرهاب استهدفت التصدي لانتشار أفرع «القاعدة». ويمكن أن تصبح الأمور خاطئة على نحو خطير في هذه القضايا، لكن حتى الآن لم يدفع أوباما الولايات المتحدة إلى خندق في الشرق الأوسط أو في بحر الصين الجنوبي. وينظر إلى سياسة أوباما الخارجية، على الأقل في واشنطن ووسط من يتحدثون عن هذه الأمور، على أنها بلا هدف وملتبسة وتغطية للضعف والانحدار. ويعتقد مسؤولون من البيت الأبيض أن هذا يرجع في جانب كبير منه إلى أن الرئيس تردد في استخدام القوة، والمثال الأوضح كان في سوريا حيث اختار في اللحظة الأخيرة ألا يعاقب بشار الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية. ويمكن الجدل بأن تردد أوباما قام على حقيقة غير سعيدة. فقد حذّر أوباما في مقابلة في وقت مبكر هذا العام من علاقة الحروب بالعالم الإسلامي. وقال إن التورط في سوريا: «سيعني أننا نخوض حرباً ثالثة أو، إذا حسبتم ليبيا، فستكون الحرب الرابعة في بلد إسلامي خلال عقد من الزمن». وهناك وجاهة في جانب كبير من تحليل البيت الأبيض لمشكلة الصورة تلك، لكن أوباما وكبار معاونيه يفتقرون لشيء عن الطريقة التي يتم فهمه بها في الداخل والخارج. وليس صحيحاً، كما يزعم بعض منتقديه، أنه لا يبالي بالسياسة الخارجية. فهو مهتم للغاية ويستطيع التحدث لساعات عن الموضوع. لكنه عندما يتحدث مع الزعماء الأجانب والكونجرس ووسائل الإعلام، يغلب عليه أداء دور محلل السياسة الخارجية في برنامج «نيوز أور» في شبكة الإذاعة العامة التليفزيونية الأميركية (بي. بي. إس). والسياسة الخارجية بالنسبة له هي تحدٍ للإدارة، يتضمن احتواء تهديدات وتهدئة الحلفاء غير السعداء وتقليص الضرر. ولا توجد رؤية معينة ترتبط بنهجه البارد المنعزل عن الموضوع. وهذا وصف دقيق للواقع الرئاسي، لكنه أمر غير طموح بشكل كبير، خاصة من سياسي قدم الكثير من الوعود في بداية الأمر. وأوباما ليس محللاً، وقد يبدو متردداً في وضع أهداف سامية؛ مثل وقف المذبحة في سوريا، والتصدي للاستبداد، لأنه يخشى أن تلزمه الكلمات بأفعال معينة. وهذا واضح مع الأخذ في الاعتبار التوسع في الخطاب والفعل أثناء فترة الولاية الأولى لسلفه بوش. وواجه البيت الأبيض أحجية غريبة لبعض الوقت؛ فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن الكثير من الأميركيين، يريدون سياسة خارجية أكثر اعتدالاً ولا تسعى للحروب. وأوباما يقدم للأميركيين ما يريدون، لكن معدلات تأييده مازالت بصفة عامة منخفضة. وأفضل تفسير لما يبدو أنه تناقض قدمه روبرت كاجان الذي كتب أن الأميركيين«ربما يفضلون سياسة خارجية في حدها الأدنى لا تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً قيادياً في العالم وتترك الآخرين يتعاملون مع مشاكلهم البائسة. وربما يريدون سياسات أميركية تركز على المصالح الضيقة. باختصار إنهم يريدون ما قدمه لهم أوباما حتى الآن. لكنهم ليسوا فخورين بذلك، ولا يدينون بالفضل لتقديمه لهم ما يريدون». لا أريد توسعاً في السياسة الخارجية، لكن مزيداً من الطموح وقليلاً من المثالية! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©