الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق بين المأزق السياسي وخطة «الانسحاب»

العراق بين المأزق السياسي وخطة «الانسحاب»
6 أغسطس 2010 22:54
في ظل بقاء أقل من شهر على انتهاء الجيش الأميركي من تقليص حجم قواته في العراق إلى 50 ألف جندي والباب المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات بين الفرقاء السياسيين، بات من شبه المؤكد الآن أن المهمة الحربية للقوات الأميركية هنا ستنتهي من دون تشكيل حكومة عراقية منتخَبة؛ إذ يتوقع معظم السياسيين أن يستمر المأزق السياسي الذي بدأ قبل 5 أشهر حتى سبتمبر المقبل على الأقل، وأن يستغرق تشكيل حكومة جديدة فترة أطول ربما. وفي الأثناء، يخشى العراقيون ارتفاع وتيرة أعمال العنف نتيجة ازدياد التوتر بين الفصائل السياسية، في وقت يسعى فيه المتمردون إلى استغلال الفراغ الذي يتركه رحيل الجنود الأميركيين. والواقع أن آلاف الجنود الأميركيين شرعوا منذ بعض الوقت في مغادرة العراق، رغم أن عملية تشكيل الحكومة لم تتقدم منذ انتخابات السابع من مارس، ويشدد المسؤولون الأميركيون على أن لا شيء سيقف في طريق تقليص حجم القوات إلى 50 ألفا بنهاية أغسطس الجاري؛ ولكن أجواء عدم اليقين ازدادت بعد الانهيار الفعلي لتحالف هش أصلا بين الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين اللتين كانتا تحاولان عرقلة ترشح رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، الشيعي العلماني الذي يحظى بمعظم الدعم من السنة. وفي هذا الصدد، قال أحمد الجلبي، القيادي في "التحالف الوطني العراقي"، إن التحالف سيقطع المفاوضات مع رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، ولن يستأنف المحادثات مع كتلة المالكي، "دولة القانون"، إذا تخلت عنه كمرشحها. ولكن هذه الخطوة زادت الضغوط على المالكي، الذي يواجه انتقادات قوية متزايدة لرفضه التخلي عن السلطة رغم فشله في الفوز بدعم أي من الكتل الأخرى. وفي هذا السياق، يقول "انتفاض قنبر"، المتحدث باسم الجلبي: "لقد بدأ يتضح أنه سيكون من الصعب عليه أن يبقى رئيساً للوزراء... إن إصراره على البقاء في السلطة هو السبب الرئيسي للتأخير". غير أن إزاحة المالكي من المعادلة من غير المرجح أن تؤدي إلى حل سريع في ظل عدم وجود ما يؤشر على أن الشيعة قريبون من اتفاق حول مرشح واحد يحل محله. فـ"التحالف الوطني العراقي" وحده مثلا، والذي فاز بـ70 من المقاعد ويشمل الفصيل الذي يقوده رجل الدين المناوئ للأميركيين مقتدى الصدر، لديه مرشحان. والواقع أنه لم يكن ثمة أي مؤشر على أن المالكي مستعد للتنازل، بل إن أعضاء في كتلته، "دولة القانون"، سارعوا إلى التشديد على أنه مرشحهم الوحيد؛ وإنْ كان ثمة همس يفيد بأن أعضاء في ائتلافه يمكن أن ينقلبوا عليه إذا شعروا بأن ترشحه سيعرِّض قبضتهم على السلطة للخطر. غير أنه كانت ثمة مؤشرات على التوتر داخل ائتلافه يوم الأحد، حيث شدد بعض أنصاره على أنهم مازالوا ملتزمين بالتحالف مع "التحالف الوطني العراقي" بينما قال آخرون إن المالكي سيقوم الآن على الأرجح بتكثيف المفاوضات مع علاوي. ولكن هذا الأخير يشدد على أنه لما كان ائتلاف العراقية هو الفائز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، فإن من حقه تشكيل الحكومة المقبلة. ومما يساهم في أجواء التفاوض وإبرام الصفقات السياسية هذه الانقسامُ السني الشيعي الذي دفع العراقَ إلى حافة حرب أهلية في 2006، إضافة إلى انقسام إقليمي أوسع بين إيران، التي تدعم التحالف الشيعي، والدول العربية السنية في معظمها، التي تدعم علاوي. هذا في حين تسعى الولايات المتحدة إلى تشجيع اتفاق بين علاوي والمالكي، وإن كانت تقول إنها لا تفضل مرشحا بعينه. وفي ما يبدو مؤشرا ممكنا على خطر ازدياد وتيرة أعمال العنف، أظهرت أرقام أفرجت عنها الحكومة العراقية يوم الأحد ارتفاعا حادا في الإصابات العراقية إلى 535 في يوليو مقارنة مع 284 في يونيو، وهو ما يجعل من يوليو أكثر الشهور دموية منذ أكثر من عامين. غير أن الجيش الأميركي طعن في هذه الأرقام، قائلًا إن 222 شخصاً فقط ماتوا في يوليو، من بينهم ستة جنود أميركيين. ويذكر هنا أن الجيش الأميركي قلما يفرج عن أرقام الإصابات المدنية؛ وعندما يفعل ذلك، فإنها عادة ما تكون أصغر من تلك التي تعلن عنها الحكومةُ العراقية. بيد أنه ما لا شك فيه أن العنف يمكن أن يزداد في حال استمر المأزق السياسي الحالي، كما يقول المشرع الكردي محمود عثمان، الذي يتوقع ألا يكون ثمة حل قبل أواخر سبتمبر على الأقل. وعلى سبيل المثال، أثار هجوم في حي الأعظمية السني في بغداد الأسبوع الماضي التخوفات من جديد، حيث هاجم متمردون نقطةَ تفتيش تابعة للجيش العراقي ورفعوا علم تنظيم" القاعدة في بلاد الرافدين"، بعد أن قتلوا 16 شخصا، من بينهم 10 من أفراد قوات الأمن. ويضيف عثمان قائلا: "لا يمكنك أن تنعم بأمن حقيقي عندما لا يكون لديك استقرار سياسي". يذكر أن الجدول الزمني لسحب القوات الأميركية الذي حدده أوباما بعد وصوله إلى السلطة كان يستند إلى انتخابات مقررة في يناير كان من المتوقع أن تسفر عن تشكيل حكومة جديدة قبل أغسطس بوقت طويل. ولكن الانتخابات أُخرت جراء التشاحن السياسي وجعلت النتيجة المتقاربة التوصلَ إلى توافق حول حكومة جديدة أمراً أصعب مما كان متوقعا. وقد قام الجيش الأميركي بخفض عديد قواته إلى 65 ألف جندي من 166 ألف جندي في 2007. وبعـد الأول من سبتمبر المقبل، من المنتظـر أن ينتهي الدور الحربي للجيش الأميركي رسميـاً، وتعـاد تسميـة "عمليـة حريـة العراق" إلى "عمليـة الفجـر الجديد"، مما يؤشر إلى تحول في الاهتمـام من القتال إلى لعـب دور استشاري وتدريب قوات الأمـن العراقيـة. ولكن المسؤولين يشددون أيضا على أن الجيش الأميركي سيحتفظ بقوة حربيـة لا بأس بهـا حتى نهايـة 2011، وهـو التاريخ الذي من المقرر أن تغادر فيه كل القوات الأميركية العراق وفق اتفاق مع الحكومة العراقية. ويقول الجنرال ستيفان لانزا، المتحدث باسم الجيش الأميركي: "سأقول إن 50 ألف جندي على الميدان يمثلون قوة كبيرة ... والواقع أنه مازال ثمة الكثير الذي يمكن أن نقوم به بالقوة التي لدينا وسنستمر في التأثير هنا". ليز سلاي - بغـداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©