الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات الاتحاد الأوروبي وخطر التفكك

انتخابات الاتحاد الأوروبي وخطر التفكك
1 يونيو 2014 23:23
أنطوني فايولا وجريف ويت برلين - ألمانيا من فرنسا وبريطانيا إلى الدنمارك واليونان، ينهي الناخبون فيما يبدو العصر الذهبي للوحدة الأوروبية. فقد فاجأت نتائج التصويت على مقاعد البرلمان الأوروبي، وعددها 751، الزعماء السياسيين على امتداد المنطقة. وحصدت الأحزاب التي كانت هامشية ذات يوم، والتي تعارض بشدة توحيد أوروبا، عدداً قياسياً من المقاعد. ونتائج الانتخابات تمنح أحزاب التيار الرئيسي في المنطقة فرصة لتقصي الواقع. فربما لا يكون الأوروبيون حريصين، مثلما يعتقد زعماؤهم، على صنع مستقبل مشترك. ففي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، تبنت الأمم على امتداد المنطقة نهجاً مشتركاً وتحركت بجرأة نحو فتح الحدود وسك عملة مشتركة والتنازل على سلطات قومية لصالح اتحاد أوروبي يتخذ مقراً في عاصمة إدارية للمنطقة تتمثل في بروكسل. وبمجرد الحصول على تذكرة طيران يستطيع السباكون البولنديون أن يجدوا عملا في باريس أو لندن. ويستطيع المهندسون الإيطاليون العمل داخل مصانع السيارات الألمانية. ويستطيع الطهاة اليونانيون أن يفتتحوا مطعماً في برشلونة أو كوبنهاجن أو أمستردام. لكن بعد أربعة أعوام من الدمار الاقتصادي بسبب أزمة الديون الأوروبية، سقطت ورقة توت محبة الجار عن ملايين الناخبين الأوروبيين. وحتى الدول الرئيسية، مثل فرنسا الواقعة في مستنقع الركود الاقتصادي وهوة فقدان الأمل، تتزايد شكواها من أن الاتحاد الأوروبي هو السبب في مشاكلها. ونتائج الانتخابات رد فعل قوي على الطلبات التي تتزعمها ألمانيا لفرض إصلاحات اقتصادية وإجراءات تقشف مالية صارمة. ويعتقد الناخبون أن هذه الإجراءات هي السبب في معدل البطالة الهائل، وخاصة في اليونان التي مازالت مضطربة. والتصويت من أجل إرسال موجة جديدة من القوميين والمتطرفين، من أقصى اليمين واليسار، إلى المركز التشريعي للمنطقة يجعل الناخبين يفتحون الباب فعلياً للثعالب لتدخل حظيرة الدواجن ويوفر ساحة جديدة للذين يريدون إعادة عقارب ساعة الوحدة الأوروبية إلى الوراء. ويقول محللون: إن التصويت قد يوفر زخماً على أدنى التقديرات للمسعى الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لاستعادة بعض السلطات التي تنازلت عنها الحكومات القومية لبروكسل. وهذا يعد نكوصاً فعلياً على الاتجاه الذي ساد العقود الماضية نحو الوحدة. وفي فرنسا حقق حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف المرتبة الأولى في انتخابات البرلمان الأوروبي في أفضل أداء له على الإطلاق. وتعتقد ماري لوبان، زعيمة الحزب، أن نتيجة الانتخابات تظهر «رفضاً كبيراً للاتحاد الأوروبي». وقالت لأنصارها بعد ظهور النتائج: إن الفرنسيين «لا يريدون أن يقودهم أحد من الخارج بعد الآن». ورغم أن الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي قد قدمت أقوى أداء، فإنها مازالت تكافح لتأمين أقل من ثلث المقاعد في الاتحاد الأوروبي، وهو ليس كافياً لتعطيل عمل التكتل. ويرى محللون أن إحدى النتائج الجانبية للتصويت قد تحرك أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط المؤيدة للاتحاد الأوروبي للعمل سوياً في البرلمان لدعم قائمة أولويات الوحدة. لكن جماعات الهوامش الصاعدة مازالت تشكل خطراً على أمور تشريعية معينة، وتحديداً اتفاق التجارة الحرة الذي يجري التفاوض عليه بين الاتحاد والولايات المتحدة. وقال ماتس بيرسون، مدير مركز أوبن يوروب البحثي الذي يتخذ من لندن مقراً له: «إذا أتيت بكتلة كبيرة مثل هذه، فهناك احتمال لأن تستطيع أحياناً جذب المزيد من البرلمانيين من التيار الرئيسي لعرقلة قضايا معينة، وهذا يمكن أن ينطبق قطعاً على التجارة الحرة.. هذه الجماعات تميل لأن تكون شديدة الحمائية». وهذا التصويت يمكنه أيضاً أن يعزز دعوة كاميرون لإضعاف قوة التكتل. فقد تعهد بأن يمنح الناخبين البريطانيين فرصة الخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية عام 2017، إذا أعيد انتخابه. وهو يطالب أيضاً بإعادة مناقشة قواعد العضوية، وهو ما يقول إنه ضروري إذا كان لبريطانيا أن تبقى في الاتحاد. وهذه القواعد الجديدة يمكن أن تتطور في صورة قيود جديدة على حرية الحركة وقوانين التجارة التي يعارض بعضَها زعماءٌ أوروبيون مؤيدون لحرية الحركة في القارة. لكن صعود الأحزاب المتطرفة سيكون تأثيره المباشر والأول في بلادها الأصلية. فأحزاب التيار الرئيسي، مثل حزب المحافظين الذي ينتمي إليه كاميرون، قد تجد نفسها تفقد عدداً كبيراً من الأصوات لصالح أحزاب الهوامش الصاعدة. وفي حالة بريطانيا، فقد حقق حزب «استقلال المملكة المتحدة» فوزاً كبيراً في الانتخابات التي أجريت مطلع الأسبوع الجاري. ورغم أن الحزب لن يفوز على الأرجح إلا بعدد صغير جداً من المقاعد في الانتخابات البرلمانية البريطانية العام المقبل، فإنه يستطيع تعكير صفو المحافظين والمجيء بحزب العمال مرة أخرى إلى السلطة. وفي نفس الوقت، فإن الديمقراطيين الأحرار، وهو الحزب الكبير الوحيد في بريطانيا الذي يشن حملاته بناء على دعمه للاتحاد الأوروبي، فقد عشرة من مقاعده الأحد عشر في البرلمان الأوروبي. وأداؤه الكارثي كشف عن مدى ما تثيره هذه المواقف التي لا يمكن الدفاع عنها من غضب في نفوس الناخبين بسبب تراخي قوانين الهجرة التي سمحت بتدفق عدد هائل من الأوروبيين من شرق وجنوب أوروبا إلى بريطانيا في العقد الماضي. وهذا يشير أيضاً إلى أن قوة أقصى اليمين تدفع حتى السياسيين في التيار الرئيسي إلى تبني مواقف متطرفة لجذب الناخبين أكثر. فحتى السياسيين الذين يؤيدون الاتحاد الأوروبي بشدة، مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أصبحوا يتبنون مواقف أكثر تشدداً. فبرلين مثلا تصر على ضرورة بذل المزيد من الجهود لوقف ما يعرف باسم «سياحة الحصول على الرعاية الاجتماعية» التي تتمثل في انتقال مواطنين من الاتحاد الأوروبي من دول أضعف، مثل بلغاريا ورمانيا، إلى دول مثل ألمانيا للاستفادة من أنظمة الرعاية الاجتماعية السخية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©