الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان: الاستفتاء وعقبة «الحدود»

6 أغسطس 2010 22:53
في السودان زوجان انقضت على عقد قرانهما خمسة أعوام ما تحقق لهما فيها استقرار تام أو ود مستدام، ولا تمتعا خلالها بحب وإخلاص، بل ما ذاقا حلاوة الثقة بينهما إلا في فترات متقطعة. إنهما الحليفان الشريكان في الحكم، "المؤتمر الوطني" بقيادة الرئيس البشير، و"الحركة الشعبية" بقيادة سيلفا كير. وقد تعددت وتنوعت أسباب الخلاف بينهما، بعضها أمكن حله بالحوار، وبعضها الآخر كان لابد فيه من اللجوء للتحكيم الدولي مثل قضية "أبيـاي". وهناك بعض آخر ما زال باقيّاً أشبه بالرصاصة التي يمكن أن تنفجر في أي يوم. ولعل آخر خلافات الشريكين بل واحداً من أخطرها تفجر هذا الأسبوع. إنه تباين الرؤى بين زعيمي الحزبين حول استفتاء تقرير المصير للجنوبيين المقرر بعد 5 أشهر وعلاقته بالفراغ من ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وحزب "المؤتمر الوطني" يرى أن يتم ترسيم الحدود أولا ولا يجرى الاستفتاء إلا بعد الفراغ من تلك المهمة. أما "الحركة الشعبية" فترى غير ذلك وتقول إن إجراء الاستفتاء ينبغي أن يتم في موعده المحدد في الاتفاقية، وأن ترسيم الحدود إذا أمكن أن يتم قبل الاستفتاء فليكن، وإلا فليرجأ إلى ما بعد الاستفتاء سواءً أكانت النتيجة هي الوحدة أم الانفصال. ويقول الحزب الحاكم إن "تحديد الحدود يعتبر شرطاً في كل الاستفتاءات حول العالم لأن الأمر يمكن أن يؤدي إلى قيام دولة ذات سيادة"، وقد أكد أحد زعماء حزب "المؤتمر الوطني" أن التمسك بإجراء ترسيم الحدود أولا هو موقف نهائي للحزب لا رجعة فيه. أما "الحركة الشعبية" فتقول إنه لا معنى للخلط بين ما هو منشود (تحديد الحدود) وبين ما هو لازم (الاستفتاء). ولكن إذا كان علينا أن نبدي رأياً في هذا الخلاف فإن السودان الذي استقل ونال سيادته قبل نحو نصف قرن لم يحسم حتى الآن حدوده مع عدد من جيرانه بمعنى أن ذلك لم يمنعه من إعلان استقلاله أو يدفعه لإرجاء أي هدف آخر. ومن المعروف أن من البلدان التي لم يحسم السودان حدوده معها جمهورية مصر إذ ما زال الخلاف بين البلدين حول السيادة على مثلث "حلايب" في أقصى الشمال الشرقي للسودان قائماً بلا حل. وكذلك بعض الحدود مع إثيوبيا في غربها المتاخم لبعض مناطق جنوب السودان. وهناك منطقة يعتقد السودان أنها ضمن أراضيه ولكنها تقع الآن تحت سيادة دولة كينيا على مقربة من منطقة "ناموردوث" وعلى بعد غير كبير من بحيرة رودولف. وهذه المنطقة تقع في أقصى جنوب السودان الغربي، وما زالت تحت سيطرة كينيا إداريّاً ولم يثر النزاع حولها بصورة جادة حتى الآن. وشاهد القول في كل هذا أن تحديد الحدود لا يكون شرطاً لما بعده، وهذا مما يجعل الحجة الرئيسية لـ"المؤتمر الوطني" غير مقنعة. لقد تم حتى الآن الاتفاق عبر اللجنة الفنية المشتركة على ترسيم الحدود حول 25 في المئة فقط من المناطق المختلف على تحديدها وبقيت 75 في المئة في حدود تمتد لنحو أكثر من ألفي كيلومتر. السؤال المركزي الآن هو: لماذا يصر حزب "المؤتمر الوطني" على وجوب تقديم إنهاء ترسيم الحدود حتى لو أدى ذلك لتأجيل موعد الاستفتاء المحدد في الاتفاقية باليوم والشهر والسنة وهو 9 يناير عام 2011. إن بعض المراقبين يرون أن هدف "المؤتمر الوطني" هو أن يتأجل موعد تقرير مصير الجنوب حتى تكون هناك فرصة أخرى للقيام بما يمكن أن يدعم خيار الوحدة. ولكن الحزب الحاكم لم يعلن ذلك ولا يقبل به تفسيراً لموقفه. وفي ذات الوقت فـ"الحركة الشعبية" متمسكة بموقفها وهو وجوب إجراء الاستفتاء في حينه انتهى الترسيم للحدود أم لم ينتهِ. ويقيني أن القوى العظمى، وخصوصاً الولايات المتحدة، ستقف إلى جانب "الحركة الشعبية" إذا حدث أن تدخلت في هذا الخلاف. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©